الجيش الجزائري يجدّد رفضه التدخل في الفوضى السياسية في البلاد

23 اغسطس 2017
صالح (وسط) يفضّل النأي بالجيش (فاروق بطيش/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت قيادة الجيش الجزائري رفضها التدخّل في الوضع السياسي المتردي في البلاد، رافضة الاستجابة لدعوات شخصيات سياسية ومدنية كانت قد طالبت الجيش بالتدخّل لوقف ما اعتبرته "انهيار الدولة"، في أعقاب الإقالة والتعيينات المثيرة للحكومتين السابقة والحالية في البلاد، والشكوك حول عدم أهلية الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لممارسة صلاحياته الدستورية.


وقال قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، اليوم الأربعاء، في لقاء مع قيادات عسكرية ميدانية، بحسب بيان لوزارة الدفاع الوطني، إن "الجيش لا يحيد أبداً عن القيام بمهامه الدستورية مهما كانت الظروف والأحوال، وسيظل أيضا مثابرا على تطوير قدراته، مرابطاً على الثغور، راعياً لمهامه ومعتنياً بمسؤولياته، ومقدراً لحجم واجبه الوطني".

واعتبر صالح أن الجيش سيلتزم حدود مهامه الرئيسية من دون أي دور سياسي، قائلاً "سيظل الجيش مثلما أكدنا على ذلك مراراً وتكراراً جيشاً جمهورياً ملتزماً بالدفاع عن السيادة الوطنية وحرمة التراب الوطني، حافظاً للاستقلال، هذا الكنز الذي استرجعه شعبنا بالحديد والنار، وبالدم والدموع".

وجدّد صالح التأكيد على أنه "يمكن للشعب الجزائري أن يرتكز بأمان على الجيش الوطني عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على أمن البلاد ومواطنيها، والحفاظ على سلامة التراب الوطني".

وكان صالح يرد بطريقة غير مباشرة على دعوات ومطالبات لشخصيات سياسية وتنظيمات مدنية في الفترة الأخيرة للمؤسسة العسكرية بالتدخل لوقف ما يعتبرونه انهيار الدولة وتلاعب محيط الرئيس بوتفليقة بمؤسساتها والعلاقات الوظيفية، وهيمنة رجال المال والنفوذ على الدولة وتغولهم في المشهد السياسي، في أعقاب التطورات الدراماتيكية التي شهدتها الجزائر في الفترة الأخيرة.

وأثارت عدة قوى وشخصيات سياسية، إثر هذه التطورات، شكوكاً حول أهلية بوتفليقة للحكم، وإمكانية أن تكون هناك أطراف نافذة من محيطه المقرب، في إشارة إلى شقيقه سعيد بوتفليقة، تتحكم وتصدر قرارات باسمه.

وخلال الأيام الأخيرة تردّدت أخبار عن اجتماع للقيادات العليا للجيش في العاصمة الجزائرية، لمناقشة الوضع العام في البلاد، وما له علاقة بالوضع السياسي وتزايد حجم الاستياء الشعبي من التطورات السياسية الحكومية الأخيرة، من دون أن ترد أخبار رسمية تؤكد أو تنفي ذلك.

ومنذ عقد تقريباً أعلن الجيش الجزائري عودته إلى الثكنات وابتعاده عن السياسة وعدم التدخل في الشؤون السياسية وتحميل المؤسسات السياسية مسؤولياتها، ولا تلبث قيادة الجيش، منذ الوعكة الصحية التي ألمت بالرئيس بوتفليقة في أبريل/ نيسان 2013، تؤكد في بياناتها على رفضها أي تدخل في الشأن السياسي.


ومنذ اعتلائه سدة الحكم عام 1999، وضع بوتفليقة إبعاد جنرالات الجيش عن التدخل في الشأن السياسي هدفاً رئيساً له، وساهم تحكم بوتفليقة في المشهد السياسي قبل وعكته الصحية، في إبعاد الجيش عن لعب أي دور سياسي، خاصة منذ عام 2004 عندما حاولت قيادة أركان الجيش دعم رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تلك السنة، لقطع الطريق على ولاية رئاسية ثانية للرئيس بوتفليقة.


وفي سبتمبر/ أيلول 2015 نجح بوتفليقة في إبعاد قائد جهاز المخابرات الجنرال محمد مدين من منصبه، والذي كان يعرف بأنه صاحب نفوذ كبير في إدارة شؤون البلاد إلى حد التغوّل على المؤسسات السياسية.