الجنرال يقود حماس

18 فبراير 2017
+ الخط -
ما تردّد في وسائل الإعلام العبرية والعربية من صدى لحرب محتملة قريبة على قطاع غزة، بعد تصريحات لقادة إسرائيليين، في مقدمتهم وزيرا التعليم، نفتالي بينت، والإسكان يوآف جالانت، وعضو الكنيست حاييم يلين؛ وجد صداه سريعاً في نتائج الإنتخابات الداخلية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، حيث تصدّر المشهد فوز يحيى السنوار قائداً للحركة في قطاع غزة.
عوامل وأسباب فوز يحيى السنوار على رأس حماس كثيرة، ولا يمكن حصرها في التهديدات بالحرب على غزة، ولكن لا يمكن إغفالها، إذ يرى مراقبون أنّ أي حرب سيتم شنّها على قطاع غزة لن تكون مثل سابقاتها، إذ شكلّت إسرائيل لجان تحقيق لمعاينة الإخفاقات في الحرب على قطاع غزة في صيف 2014، وقد تكتّمت عن إعلان أمور كثيرة قد تطيح بمسؤوليين سياسيين وأمنيين، ومن جهة أخرى فقد اتخذت إجراءات على مستوى الجيش تخص إدارة المعركة وجدوى بعض الأسلحة، مثل بعض الدروع التي لم تثبت جدواها، وقامت بعدّة مناورات وتدريبات لجسر الهوة بين التدريب وواقع المعركة.
نفس الأمر فعلت حماس، من خلال التدريبات التي ترصد بعضها أجهزة الأمن الإسرائيلية، وإطلاق الصواريخ التجريبية في عرض البحر، ما هي إلاّ دلالة لحذرها من وقوع حرب محتملة قريبة.
في انتخاب السنوار، ترسل حماس رسالة للإسرائيليين أنّ المرحلة المقبلة ستكون مصبوغة بالصبغة العسكرية من حيث الإعداد والمواجهة إن حصلت، وتذكرها أنّ بصمة السنوار التي ظهرت في حرب عام 2014 على قطاع غزة، والتي فاجأتهم بما لم يحتسبوه، وأرّقت القادة العسكريين والسياسيين في حرب استمرت 51 يوماً لم تحقّق فيها إسرائيل أهدافها، باعتراف لجان التحقيق التي شكلتها الدولة أو بتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلي.
قد يكون فوز يحيى السنوار على رأس حماس في القطاع هو نتيجة توافق تام بين أبناء حركة حماس، شيبها وشبانها، وإشارة على شبه إجماع على شخصه لقيادة هذه المرحلة، وذلك لا يؤخذ بمعزل عن رفيق دربه السيد إسماعيل هنية الذي من المرجح أن يخلف خالد مشعل في رئاسة المكتب السياسي لحماس، وبهذا، فإنّ مزيداً من التوافق قد يحصل بين حماس في قطاع غزة ومكتبها السياسي، وكذلك بين ذراعها العسكري (كتائب القسام) الذي يخبرها جيداً وبين جناحها السياسي الذي سيكون على قمّة هرمه في القطاع.
يأتي انتخاب السنوار في وقت فشلت فيه العملية السياسية التي قادتها منظمة التحرير عبر اتفاقيات أوسلو، ووصلت فيه إلى طريق مسدود، ما أدى إلى ضيق الخيارات أمام القيادة الفلسطينية في رام الله، حيث واصلت إسرائيل من تكثيف الإستيطان في أراضي الضفة الغربية وشرقي القدس، وبالتالي، إفشال حل الدولتين، وكذلك جنوح الأحزاب الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي برمته لليمين، والذي لم يعد يؤمن بدولة فلسطينية إلى جانب الدولة العبرية، وكذلك تراجع الولايات المتحدة عن حل الدولتين، بعد انتخاب الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. من هنا، يشير انتخاب السنوار كشخصية عسكرية إلى مستقبل الصراع، واتجاهاته التي ذاب فيها خيار السلام، ورسالة لحركة فتح التي أنهت انتخاباتها قبل شهور قليلة دون تغيير في برامجها التي أوصلتها لهذا الطريق حسب مراقبين.
يرى الخبراء في الشؤون السياسية، أنّ الملف العسكري والأمني سيكون المهمة الأولى التي سيولي اهتمامه بها، حيث يرى البعض أن تطوير المنظومة العسكرية لكتائب القسام التي هي أصلاً لم تتوقف حتى خلال الحرب، لتكون قادرة على الصمود أمام أي حرب قد يتم شنها على القطاع، وأنّ شخصية السنوار لا تقبل إلاّ بالشيء الإستثنائي، وبما أنّ المقاومة الفلسطينية ليست جيشاً نظامياً، لذلك لا بد وأن يكون في جعبته، هو ومن معه، من قادة كتائب القسام، مفاجآت غير متوقعة من الجيش الإسرائيلي أو الفلسطينيين أنفسهم.
أمّا الملف الثاني، والذي سيسير جنباً إلى جنب مع الملف الأول، هو العمل على رفع الحصار عن قطاع غزة، والذي ترك أثره على المواطن الفلسطيني، وأثقل كاهله، فمن المتوقع أن لا يألو السنوار جهداً للتواصل مع مصر، والتي قد يأتي وقت يجتمع فيه ويتفاوض مع المصريين، وهو في ذلك قد يعطيهم تطمينات بحفظ الحدود من جهة القطاع، حيث لم يثبت توّرط الفلسطينيين فيما يجري في سيناء.
وفيما يتعلق في ملف المصالحة الفلسطينية، فلا أظن أنّ شخصية السنوار ستكون المؤثر الإيجابي لحدوثها، على الرغم من تجربته في التعامل مع حركة فتح، وانفتاحه على قادتها في الأسر، لأنّ هذا الملف وتعقيداته مرتبط في البرامج السياسية لكلّ طرف، حيث ترى حركة فتح أنّ الإعتراف بشروط الرباعية الدولية أساس للتوافق، وهي في الأصل شروط دولية رفضتها حركة حماس، ولا أعتقد أنّ الجنرال السنوار بصلابته سيؤثر في النزول عند هذه الشروط.
0D0DAAE2-9C11-45A6-8AFB-12332414478A
0D0DAAE2-9C11-45A6-8AFB-12332414478A
جمال حاج علي (فلسطين)
جمال حاج علي (فلسطين)