تعمل الدراما السورية، التي تنتجها القطاعات الحكومية أو الخاصة التابعة للنظام، على أدلجة الأدمغة، وتوصيل رسائل سياسية، مباشرة أو غير مباشرة، تهدف إلى تلميع صورة النظام الحاكم وتجييش الشعب السوري، وذلك من خلال الطريقة التي تم بها التسويق للجيش وأجهزة الأمن في المسلسلات الأخيرة. ومن الممكن تقصي ذلك من خلال رصد التحولات التي طرأت على شخصية العسكري في الدراما السورية، قبل الثورة وبعدها.
في السابق، لم تكن الدراما السورية تعطي أي اهتمام لشخصية العسكري في الجيش، فكان العساكر مهمشين في حكاياتها، وغالباً ما كان يحكى عن التجنيد في تلك المسلسلات بوصفه عبئاً يرافق الشباب ويعيق خطواتهم المستقبلية من زواج وعمل. وفي أغلب المسلسلات السورية القديمة، كانت شخصية العسكري شبه غائبة، وإن ظهرت، فهي ستظهر على هامش المسلسل. واقترنت صورة العسكري في تلك الحقبة من الدراما السورية بالفقر والضعف.
ففي حلقة "أخوة بالرضاعة" من مسلسل "حكايا المرايا" (2000)، يجسد باسل خياط دور عسكري يخدم في الجيش، يعمل أهله على جمع مبلغ من المال لتزويجه خلال إجازته التي لا تتجاوز ستة أيام. ومن خلال الحلقة، يتم تصوير جميع العساكر في الجيش باعتبارهم من ضيع سورية فقيرة ومستواهم الثقافي والتعليمي متدن، وهمهم الوحيد هو إقناع رئيس القطعة في الجيش لإعطائهم إجازة، فيظهرون بملابس عسكرية مهترئة، ليصدّر العمل صورة دونية للعسكري في المجتمع السوري، على الرغم من أن إلزامية التجنيد لدى جميع الشباب السوري وليس لأولاد ضيع محددة.
وقد يكون مسلسل "تخت شرقي" (2010) أكثر المسلسلات السورية التي اهتمت بشخصية العسكري، فحاول العمل أن يتطرق لمشكلة التجنيد بشكل واضح، حيث جسد قصي خولي في العمل شخصية خريج جامعي متخلف عن الجيش وهو يعيش حالة عدم استقرار وهروب دائم خوفاً من إلقاء القبض عليه وسوقه إلى العسكرية، وتعكس الشخصية نفور الشباب من تأدية الخدمة ومحاولاتهم للتملص منها، وفي نهاية العمل يُلقى القبض عليه ويُساق للجيش، فيبدو خولي بعدها بمظهر يرثى له، حيث تم حلق شعره واسمرّ لونه، من كثرة التعرض لأشعة الشمس، إضافة إلى أن لباسه أصبح متسخاً ومهترئاً، ليعكس مظهر الشخصية ما يعانيه الشباب في الخدمة العسكرية حينذاك.
لكن الثورة أحدثت تحولا بالطريقة التي يتم فيها تصوير شخصيات العساكر في الدراما السورية. ففي السنوات الأخيرة عمل صناع الدراما السورية بشكل ممنهج على إقحام شخصيات العساكر في أغلب المسلسلات الاجتماعية، وتم تقديم شخصية العسكري كبطل خارق يحارب الشر، فعملت الدراما على تجميل صورته وتعظيم شأنه بهدف حث الشباب السوري على الالتحاق بالجيش.
فبات الحديث عن الخدمة العسكرية وضرورة الالتحاق بها هو بروتوكول تلتزم به مسلسلات البروباغندا التي ينتجها النظام، وتمحورت أحداث العديد من المسلسلات حول شخصيات العساكر وحياتهم، التي صورت بطريقة تنم عن الرفاهية والسعادة. ففي مسلسل "روزنا" الذي عرض في الموسم الرمضاني الفائت، يجسد بلال مارتيني شخصية عسكري على الجبهة في حلب، ويظهر بلال بمظهر أنيق على الدوام، فبدلته العسكرية نظيفة ومكوية حتى أثناء قتاله على الجبهة، ويعيش مع زملائه في الجيش بجو تسوده الألفة والمحبة، وتتوفر لهم كل عناصر الحياة المرفهة من غذاء وتدفئة، ويعاملهم الضباط ذوو الرتب العليا بشكل أبوي، فيهتمون بحياتهم الخاصة، فمارتيني يحصل على إجازة لرؤية خطيبته من المسؤول المباشر عنه.
اقــرأ أيضاً
بعد مشهد واحد من احتدام المعركة على الجبهة! بل إن خطيبته هبة زهرة تفضل أن ترتبط بالعسكري على أن ترتبط بشاب فاحش الثراء، وتبقى مخلصة له حتى بعد موته. والأغرب أن شخصيات العساكر في الدراما الجديدة نادراً ما تموت بسبب مشاركتها بالمعارك، فمارتيني يموت في "روزنا" بسبب رصاصة طائشة أطلقها المدنيون المحتفلون ليلة رأس السنة، وليس جراء المعارك.
في السابق، لم تكن الدراما السورية تعطي أي اهتمام لشخصية العسكري في الجيش، فكان العساكر مهمشين في حكاياتها، وغالباً ما كان يحكى عن التجنيد في تلك المسلسلات بوصفه عبئاً يرافق الشباب ويعيق خطواتهم المستقبلية من زواج وعمل. وفي أغلب المسلسلات السورية القديمة، كانت شخصية العسكري شبه غائبة، وإن ظهرت، فهي ستظهر على هامش المسلسل. واقترنت صورة العسكري في تلك الحقبة من الدراما السورية بالفقر والضعف.
ففي حلقة "أخوة بالرضاعة" من مسلسل "حكايا المرايا" (2000)، يجسد باسل خياط دور عسكري يخدم في الجيش، يعمل أهله على جمع مبلغ من المال لتزويجه خلال إجازته التي لا تتجاوز ستة أيام. ومن خلال الحلقة، يتم تصوير جميع العساكر في الجيش باعتبارهم من ضيع سورية فقيرة ومستواهم الثقافي والتعليمي متدن، وهمهم الوحيد هو إقناع رئيس القطعة في الجيش لإعطائهم إجازة، فيظهرون بملابس عسكرية مهترئة، ليصدّر العمل صورة دونية للعسكري في المجتمع السوري، على الرغم من أن إلزامية التجنيد لدى جميع الشباب السوري وليس لأولاد ضيع محددة.
وقد يكون مسلسل "تخت شرقي" (2010) أكثر المسلسلات السورية التي اهتمت بشخصية العسكري، فحاول العمل أن يتطرق لمشكلة التجنيد بشكل واضح، حيث جسد قصي خولي في العمل شخصية خريج جامعي متخلف عن الجيش وهو يعيش حالة عدم استقرار وهروب دائم خوفاً من إلقاء القبض عليه وسوقه إلى العسكرية، وتعكس الشخصية نفور الشباب من تأدية الخدمة ومحاولاتهم للتملص منها، وفي نهاية العمل يُلقى القبض عليه ويُساق للجيش، فيبدو خولي بعدها بمظهر يرثى له، حيث تم حلق شعره واسمرّ لونه، من كثرة التعرض لأشعة الشمس، إضافة إلى أن لباسه أصبح متسخاً ومهترئاً، ليعكس مظهر الشخصية ما يعانيه الشباب في الخدمة العسكرية حينذاك.
لكن الثورة أحدثت تحولا بالطريقة التي يتم فيها تصوير شخصيات العساكر في الدراما السورية. ففي السنوات الأخيرة عمل صناع الدراما السورية بشكل ممنهج على إقحام شخصيات العساكر في أغلب المسلسلات الاجتماعية، وتم تقديم شخصية العسكري كبطل خارق يحارب الشر، فعملت الدراما على تجميل صورته وتعظيم شأنه بهدف حث الشباب السوري على الالتحاق بالجيش.
فبات الحديث عن الخدمة العسكرية وضرورة الالتحاق بها هو بروتوكول تلتزم به مسلسلات البروباغندا التي ينتجها النظام، وتمحورت أحداث العديد من المسلسلات حول شخصيات العساكر وحياتهم، التي صورت بطريقة تنم عن الرفاهية والسعادة. ففي مسلسل "روزنا" الذي عرض في الموسم الرمضاني الفائت، يجسد بلال مارتيني شخصية عسكري على الجبهة في حلب، ويظهر بلال بمظهر أنيق على الدوام، فبدلته العسكرية نظيفة ومكوية حتى أثناء قتاله على الجبهة، ويعيش مع زملائه في الجيش بجو تسوده الألفة والمحبة، وتتوفر لهم كل عناصر الحياة المرفهة من غذاء وتدفئة، ويعاملهم الضباط ذوو الرتب العليا بشكل أبوي، فيهتمون بحياتهم الخاصة، فمارتيني يحصل على إجازة لرؤية خطيبته من المسؤول المباشر عنه.
بعد مشهد واحد من احتدام المعركة على الجبهة! بل إن خطيبته هبة زهرة تفضل أن ترتبط بالعسكري على أن ترتبط بشاب فاحش الثراء، وتبقى مخلصة له حتى بعد موته. والأغرب أن شخصيات العساكر في الدراما الجديدة نادراً ما تموت بسبب مشاركتها بالمعارك، فمارتيني يموت في "روزنا" بسبب رصاصة طائشة أطلقها المدنيون المحتفلون ليلة رأس السنة، وليس جراء المعارك.