الجلبي وحياة البرزخ

07 نوفمبر 2015
+ الخط -
انقلبت الموازين من حياة البذخ والترف إلى قبر طوله متران ونصف، فقد انتقلت روح المسؤول إلى جوار ربها، من دون قيد أو حلول، لتروي حكاية العمالة التي غُلفت بأكذوبة الحصار والنضال، بين التلال والجبال، والسفر بين واشنطن وطهران، لعقد الصفقات وتدبير المؤامرات، من أجل الحصول على منصب وامتيازات، مع التمتع بملايين الدولارات، قصور وسيارات، مع فوج كامل من الحمايات.
مات زعيم حزب المؤتمر الوطني العراقي، أحمد الجلبي، ومعه أسرار وخفايا كثيرة لم تعلن، ويعتبر بمثابة الصندوق الأسود، لا سيما البنوك التي سرقت، والأموال التي تم تبيضها إلى خارج البلد. هو صاحب أكبر كذبة في التاريخ، تلك التي خدع بها أعظم قوة في العالم (الولايات المتحدة الأميركية)، والذي عزف على وتر أسلحة الدمار الشامل، وعلى أن العراق يمتلك الأسلحة الكيماوية، وسرعان ما انكشفت الحقيقة بعد احتلال بغداد.
استغل وضع العراق المرتبك بعد الإحتلال، وحالة الفوضى التي فتحت الباب على مصراعيه أمام عصابات السلب والنهب، ما جعل من العراق بيئة آمنه لمافيات الأثار، والتلاعب بسعر صرف الدولار، والمليشيات التي استباحت دماء الأبرياء وسجنت الفقراء، وابتزاز المواطنين لدفع مبالغ مالية مقابل حياتهم.
ساهم وبشكل كبير في عملية تهريب مخطوطة التوراة، ونقلها من كردستان العراق إلى سفارة إسرائيل في الأردن، وهذا يفسر بالخيانه العظمى للبلد، كما عمل جاهداً على تصفية ضباط الجيش العراقي السابق، لا سما الطيارين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية.
اعترف الرجل الثاني للجلبي، انتفاض قنبر، أمام وسائل الإعلام أن الرئيس الأميركي، جورج بوش، أصابه الندم حيال حرب العراق، بسبب كذب أحمد الجلبي على الإدارة الأميركية، فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، والتي كانت مجرد خيال كلّف الولايات المتحدة خسارة كبيرة في المعدات والأرواح.
يترحم بعضهم على أحمد الجلبي، ويقول أذكروا محاسن موتاكم، وهذا الأمر حرّك عندي حس الفضول، لأبحث عما هو إيجابي في سجله، ولكني لم أجد حسنة تُذكر، سوى سجل لطخت صفحاته البيضاء، بدماء الشهداء وأموال الشعب المظلوم، وامتلاك العقارات.
امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بالسب والقذف على أحمد الجلبي، سيّء الصيت، ولربما يدور في أذهان بعضهم تساؤل يحتاج إلى إجابه: ما هو العمل الصالح الذي عمله هذا الرجل ليلاقي ربه فيه؟ والإمام علي بن أبي طالب يقول "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"، وساسة المصادفة جلهم يعملون لأجل الأموال الدنيوية لا غير.
نأمل أن تتعظ الطبقة السياسية الحاكمة من موت الجلبي، وأن تجعل الدنيا دار عبور غير مستقر، لأن هذه الدنيا فانية، ولا تنفع الأحزاب ولا الحمايات، وليكن موته مثال واعتبار.
647CF4A7-C5CD-46D4-B9E3-E6A2C8BC186E
647CF4A7-C5CD-46D4-B9E3-E6A2C8BC186E
سيف سعدي (العراق)
سيف سعدي (العراق)