الجغرافيا السياسية تفرمل طفرة العلاقة الإسرائيلية الهندية

27 مايو 2014
رئيس الوزراء الهندي الجديد: نرنيدا مودي (ميتين آكتس/الأناضول/Getty)
+ الخط -
حذّرت دراسة إسرائيلية صادرة حديثاً، من أن حماسة رئيس الوزراء الهندي الجديد، نرنيدا مودي، لتطوير العلاقات مع إسرائيل، قد تقيدها عوامل الجغرافيا السياسية للهند. أشارت دراسة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي"، التابع لجامعة تل أبيب، إلى أنه في حال تعلق الأمر فقط برغبة مودي، فإنه يمكن الافتراض أن طفرة كبيرة ستشهدها العلاقات بين الهند وإسرائيل في ظل الحكومة الجديدة التي سيشكلها حزب ""بهارتا جناتا" الهندوسي المتطرف.

وأوضحت الدراسة أن حماسة مودي لتعزيز العلاقة مع إسرائيل لا ترجع فقط لمنطلقاته الأيديلوجية، بل أيضاً بفعل إرث العلاقة بين الكيان الصهيوني وولاية جوجارات، التي كان يرأس حكومتها مودي. وأشارت الدراسة، التي نشرت في عدد 551 من مجلة "مباط عال" التي يصدرها المركز دورياً، إلى أن مودي يعتقد أن الاستثمارات الإسرائيلية أدّت دوراً مهما في تحسين الأوضاع الاقتصادية في ولاية جوجارات، والتي سجلت أعلى المعدلات على صعيد الناتج الإجمالي المحلي، مقارنة ببقية الولايات في الهند. وأوضح معدّا الدراسة، الباحث الإسرائيلي أوين ألترمان والباحث الهندي هنداي سارما، أن الاستثمارات الأجنبية، ومن بينها الاستثمارات الإسرائيلية، أسهمت في تحسين الأوضاع الاقتصادية لجوجارات بشكل كبير، إذ قفز الناتج الإجمالي المحلي لهذه الولاية، أثناء حكم مودي، بنسبة 13.4 في المئة، في حين لم تتجاوز نسبة الزيادة في إجمال الناتج المحلي للهند 7.8 في المئة في الفترة نفسها.

وأشارت الدراسة إلى أن مودي زار إسرائيل، والتقى برئيس الغرفة التجارية الهندية الإسرائيلية، وأجرى لقاءات مع رجال أعمال إسرائيليين. واستفاضت الدراسة في الحديث عن طابع التبادل التجاري بين إسرائيل وولاية جوجارات أثناء إدارة مودي لها، مشيرة إلى أنه نظراً لكون هذه الولاية تمثل مركزاً عالمياً لتلميع الألماس، فقد مثلت إحدى حلقات "الإمداد" المهمة لصناعة الماس الإسرائيلية. وذكرت الدراسة أن شركة الموانئ الإسرائيلية دشنت ميناءً جديداً في جوجارات، يعتبر أحد أكبر الموانئ في الهند. وتوقعت الدراسة أن يحرص مودي، كرئيس للحكومة الهندية، على زيادة مجالات التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والهند، لتتجاوز حدود الماس، إذ سيسعى للتعاون في مجال تطوير قطاع الزراعة عبر الاستعانة بالخبرات الإسرائيلية في مجال الري بالتنقيط والصناعات البيوتكنولوجية.

وأوضحت الدراسة أن هناك ما يدفع للاعتقاد أن مودي سيكون معنياً بإرساء أسس جديدة وواسعة للتجارة الحرة بين الهند وإسرائيل، مشيرة إلى أن أحد أهم العوامل التي ستدفع مودي للرهان على العوائد الاقتصادية للعلاقة مع إسرائيل، يتمثل في إدراكه أن تحسين الأوضاع الاقتصادية هو السبيل لاستقطاب أبناء الطبقة الوسطى الصاعدة في الهند، والذين يأملون أن يسهم عهده في تعاظم هذه الطبقة، التي تمثل عماد أية نهضة اقتصادية وصناعية في البلاد.

واستدركت الدراسة أنه إلى جانب الفرص التي ينطوي عليها فوز مودي بالنسبة لإسرائيل، فإن عوامل الجغرافيا السياسية الخاصة بالهند قد تقلص من حماس زعيم الهند الجديد لتطوير هذه العلاقات.

وأشارت الدراسة إلى أن الهند تجاور دولاً إسلامية مهمة، مثل: الباكستان وأفغانستان والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، علاوة على اعتماد الهند على النفط الإيراني. وأوضحت الدراسة أن دول الخليج تأوي ملايين العمال الهنود، الذين تمثل تحويلاتهم المالية أحد مصادر الدخل المهمة بالنسبة للهند. وشددت الدراسة على أن مودي قد يضع في اعتباره التأثير العربي والإسلامي الكبير في المحافل الدولية، ولا سيما لدى التصويت في الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة. وأوضحت الدراسة أنه في الوقت الذي تمثل فيه إسرائيل صوتاً واحداً في هذه المحافل، فإن عشرات الدول العربية والإسلامية قد تصوت بشكل موحد في كثير من القضايا التي تهم الهند، مشيرة إلى أن تصويت هذه الدول تجاه مشاريع القرار المتعلقة بالهند قد يتأثر بموقف دلهي من تل أبيب. وحذرت الدراسة من أن العوامل السابقة قد تقلص من هامش المناورة المتاح أمام مودي وتقلص من حماسه لتعزيز العلاقة مع إسرائيل. وتوصي الدراسة صناع القرار في تل أبيب بتكثيف الاتصالات مع زعيم الهند الجديد، وعدم الاكتفاء بتوظيف حاجته للعوائد الاقتصادية للعلاقة مع تل أبيب. وحثت الدراسة الحكومة الإسرائيلية على تكثيف التواصل مع مركبات الطيف السياسي الهندي من مختلف الأحزاب، على أمل أن يسهم هذا التواصل في بلورة بيئة هندية داخلية تساعد على تطوير العلاقات مع إسرائيل في عهد مودي. ويستدرك معدا الدراسة، مشيرين إلى حقيقة أنه حتى قادة حكومة حزب "المؤتمر" قد أبدوا أخيراً اهتماماً كبيراً بتعزيز العلاقة مع تل أبيب.


وشددت الدراسة على أن إسرائيل مطالبة باستثمار جهود كبيرة في محاولة التأثير على وعي النخب السياسية الهندية واقناعها بـ "صدقية" المواقف التي تتبناها إسرائيل. وشددت الدراسة على ضرورة أن يكون هدف التحرك الدعائي والدبلوماسي والثقافي الإسرائيلي داخل الهند محاولة بلورة محور إجماع لتأييد إسرائيل، تماماً، كما يمثل دعم إسرائيل، أحد أهم محاور الإجماع في الحلبة السياسية الأميركية. ويختم الباحثان ورقتهما بالقول إن صعود مودي يمثل فرصة إسرائيل التاريخية لتحسين مكانتها الدولية.

المساهمون