لا تعرف الجزائر كيف وقعت في عزلتها الثقافية. التفسير الذي في متناول اليد هو "العشرية السوداء" التي عاشتها البلاد.
يمكن أيضاً التفكير بالمزاج الاشتراكي (الشمولي إلى حد كبير) الذي طُبعت به الدولة منذ أيام هواري بومدين (الرجل الذي قيل إنه ألغى السياحة باعتبار أن لا حاجة للبلاد بها). لكن جذور العزلة كامنة بالتأكيد في قرن من الاستعمار ترك ندوباً كثيرة على الشخصية الوطنية الجزائرية ودواخلها وعلاقتها بالعالم.
يصعب علينا، نحن الذين اكتوينا بالاستعمار، الانفتاح على العالم بلا تحفظات. رد فعلنا الأولي يقسم العالم إلى قسمين؛ الاستعمار وشركاؤه والثورة وأنصارها. وحين يحدث الاستقلال الوطني نختصر العالم بشخصيات وقفت إلى جانب قضيتنا في مرحلة الاستعمار. كما أن 130 سنة من مكابدة استعمار أجنبي سيجعل الشخصية الوطنية ميالة إلى الاكتفاء بذاتها. فمن الطبيعي حين نطرد الغزاة من البيت؛ أن نميل إلى شيء من العكوف فيه.
لكنّ في البيت سرّاً يتجاوز العزلة ومتوالية الشقاء والاستبداد. ولعل جملة سمعتها من كامل داود، صاحب "ميرسو تحقيق مضاد"، تفسّر هذا السرّ وتنفي عن الجزائر أي شبهة بالبخل على أبنائها: "قد يقدّم لي العالم الراحة لكن الجزائر تمنحني المعنى".
إذن، هي في النهاية عزلة مؤسسات وبنى اجتماعية، أما الكتابة الجزائرية فهي، في العمق، تعرف الآخر بقدر ما تعرف نفسها. أليس كذلك يا علاوة حاجي؟