الجزائر تدفع الثمن

18 فبراير 2015
احتجاجات شعبية في الجزائر (أرشيف/getty)
+ الخط -


على مدار أكثر من عقد لارتفاع أسعار النفط، لم تنجح حكومات الجزائر المتعاقبة في إعادة هيكلة الاقتصاد، إذ ظل الاعتماد على النفط هو الأصل، مع التوجه للخارج في تدبير العديد من احتياجاتها الاقتصادية.

لم تنعكس المؤشرات الإيجابية بالاقتصاد الجزائري خلال السنوات الماضية، سوى في ارتفاع الاحتياطي الأجنبي ليتجاوز 200 مليار دولار، ومع ذلك لم تفلح هذه الاحتياطيات في تحسين أداء الاقتصاد نظرًا لاستثمارها بصورة تقليدية.

وبحسب وسائل إعلام جزائرية فقد ارتفعت أسعار السلع خلال الشهور الماضية بنحو 30%، بينما فقد الدينار الجزائري نحو 20% من قيمته. وهذه دلالات على زيادة معاناة المواطن، إذ تزداد تكاليف معيشته في ظل ثبات الأجور، وعدم ملائمتها لارتفاع أسعار السلع والخدمات.

وسوف تظهر بيانات عام 2015 مدى أزمة الاقتصاد الجزائري بسبب انخفاض أسعار النفط، فالصادرات النفطية تشكل 96.6% من إجمالي الصادرات، بحسب بيانات 2013، ويتوقع أن يتحول فائض الميزان التجاري البالغ 11 مليار دولار في 2013 إلى عجز في 2015، حيث تصل الواردات إلى 54.8 مليار دولار.

ولن يغير من معادلة العجز بالميزان التجاري للجزائر، إلا اتجاه الحكومة لفرض حظر على العديد من الواردات، والذي سيكون ثمنه حالة شديدة من الركود.

ولم يكن الجزائر ليشذ عن أداء باقي الدول النفطية العربية، إذ فشل في تحقيق أداء اقتصادي متنوع، لكي يتيح لأبنائه مستوى اقتصاديا مستقلا لا يتأثر بتقلبات سوق النفط العالمي.

إن التفكير التقليدي لكافة الاقتصاديات النفطية العربية ومنها الجزائر، جعلها تتعامل مع عوائد النفط، بصورة لا تبني اقتصادا قويا، لأنها اعتمدت الاسترضاء السياسي، من خلال توظيف العاملين في المؤسسات الحكومية من دون وجود وظائف حقيقية، أو إنفاق التمويل في مشروعات البنية الأساسية، من دون توظيف هذه البنية في مشروع لتطوير الاقتصاد.

بينما التفكير الصحيح كان يقتضي تغير البنية الإنتاجية للاقتصاد الجزائري، وتعظيم مساهمة القطاعات الإنتاجية في مجالات الصناعة والزراعة، والعمل على بناء مؤسسات تعليمية ترتبط باحتياجات سوق العمل.

والآن تدفع الجزائر ثمنًا غاليًا لبعدها عن بناء اقتصادها بصورة صحيحة، فأسعار النفط قد تستمر لفترات دون 80 دولارا للبرميل، وهو المستوى الذي بنت عليه الجزائر موازنتها العامة، وبالتالي لن يكون أمامها، إلا التفكير في إلغاء الدعم في مجالات من أبرزها دعم الطاقة، أو التفريط في الاحتياطي الأجنبي لينهار مرة أخرى إلى مستويات متدنية.

المساهمون