الجزائر تتبنى ضريبة على الأغنياء

17 سبتمبر 2019
اتجاه لفرض ضريبة على الثروة العقارية (Getty)
+ الخط -

 

أعادت الحكومة الجزائرية المؤقتة فتح ملف "الضريبة على الثروة"، بعد سنوات طويلة من رفضها لها، حيث شملت مسودة موازنة السنة المقبلة، اقتراحا تقدمت به وزارة المالية الجزائرية، يقضي بتوسيع الوعاء الضريبي ليشمل الثروات المملوكة والعقارية والمنقولة، وذلك في إطار تبنّ رسمي لمسار تنويع عائدات الخزينة العمومية المتأثرة بتواصل تهاوي عائدات النفط.

وحسب مسودة موازنة سنة 2020، المنتظر عرضها على الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، خلال هذا الأسبوع، اقترحت الحكومة "تدعيم فرض ضرائب ورسوم على الثروة والممتلكات بناء على مؤشرات الثراء العقارية وغير العقارية، من أجل ضمان التقسيم الأمثل للأعباء الضريبية بين كل المواطنين".

وحسب التفاصيل التي تحصلت عليها "العربي الجديد" فإن الحكومة ستفرض ضريبة بين 2 و5 في المائة على الممتلكات العقارية والمنقولة وحتى المجوهرات الثمينة، على أن يكون التصريح بقيمة الممتلكات من طرف المالك ويفصل فيه خبير تابع لمديرية الضرائب.

وتعد هذه المرة الأولى التي تحاول فيها الحكومة فرض ضريبة على الثروة، بطريقة صريحة، بعد محاولة سنة 2017، التي اقترحت فيها "ضريبة على الممتلكات"، تفضي إلى اقتطاع ما يعادل 1% سنوياً من الثروات التي تصل إلى 50 مليون دينار جزائري (450 ألف دولار) على أن ترتفع كلما ارتفعت القيمة على ألا يتعدى الاقتطاع 3.5% من الأموال السائلة والمنقولة والعقارات والسيارات والمجوهرات.

إلا أن هذه الضريبة أسقطها نواب البرلمان الجزائري، بحجة أنها تثقل كاهل رجال الأعمال الذين يدفعون في الأصل ضرائب عن أرباحهم السنوية.

وفي هذا الإطار، قال البرلماني محمد تيغارسي لـ"العربي الجديد" إن "البرلمان سبق أن ألغى الضريبة على الممتلكات، كون ثلثي أعضائه من رجال الأعمال، أو مقربين من الكارتل المالي، إلا أن الأوضاع الآن تغيرت ولا أظن أن الضريبة على الثروة سيسقطها البرلمانيون، عند مناقشة موازنة السنة المقبلة".

وتعتبر الضريبة على الثروة أو "ضريبة الأغنياء" من الضرائب التي تعمل بها العديد من الدول، وعادة ما تلجأ إليها في الظروف الاستثنائية لدعم الخزائن العمومية.

وليست هذه المرة الأولى التي يثار فيها السجال والجدال في الجزائر حول الضريبة على الثروة، فقبل سنتين وخلال مناقشة البرلمان الجزائري لقانون الموازنة العامة لسنة 2016، رفضت لجنة المالية في البرلمان اقتراحا تقدم به حزب العمال اليساري يدعو إلى وضع ضريبة يدفعها الأثرياء على ممتلكاتهم والأصول المالية.

وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي وعضو مجلس المحاسبة الجزائري سابقاً عبد الرحمن مبتول لـ"العربي الجديد" إن "الضريبة على الثروة تعد تقليداً معمولا به عالمياً. ففي فرنسا حيث الضرائب من بين العليا في أوروبا، تثير الضريبة جدلاَ منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما فرضها الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران ورفعها الرئيس السابق فرنسوا هولاند بنسبة 75% وهي الورقة التي سمحت له بالفوز في 2012".

وحسب مبتول فإن "الضريبة على الثروة تعكس أساس دولة القانون والحكم الراشد وإلا فكيف يمكن تبرير قيام أشخاص بشراء مساكن فاخرة بأسعار بين 300 و400 ألف دولار ثم يهدمونها من دون مساءلة، أو أشخاص أُجراء أو بدون نشاط يصبحون بثروات ضخمة".

ويلفت نفس المتحدث إلى أن "الضريبة على الثروة يمكنها ضخ ما يقارب 5 مليارات دولار سنوياً في الخزينة العمومية لو أقرتها الحكومة الجزائرية".

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي فارس مسدور، أن "الحصيلة المتوقعة لن تكون عند تطلعات الحكومة، لأن ثقافة "التصريح بالممتلكات" غائبة في الجزائر على جميع المستويات، حتى الوزراء يرفضون الكشف عن ممتلكاتهم قبل تقلدهم المناصب الوزارية، فما بالك بالمواطنين والتجار وملاك المؤسسات الذين يدفعون ضرائب على نشاطهم وأرباحهم سنوياً".

واعتبر أنه من الممكن أن "تؤدي الضريبة على الثروة إلى فرار رؤوس الأموال كما كان عليه الحال في فرنسا مثلاً، حين فرّ الأغنياء إلى الملاذات الضريبية".

وأضاف المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد" أن "تطبيق الضريبة على الثروة هو إقرار بمبدأ "العدالة الضريبية" نظرياً، لكن واقعياً يصعب الجزم بنجاحها، وستدفع بالمستثمرين إلى تهريب رؤوس أموالهم نحو الخارج والتهريب الضريبي، مثلما وقع في فرنسا حين غادر كبار رجال الأعمال نحو بلجيكا ولوكسمبورغ".

المساهمون