وقال بوتفليقة في الرسالة التي قرأها نيابة عنه مدير حملته الانتخابية، عبد الغني زعلان: "أؤكد لكم أنني كلّي آذان صاغية لكل الآراء الذي ينضح بها مجتمعنا، وأعاهدكم ها هنا أنني لن أترك أي قوة سياسية كانت أم اقتصادية، لكي تحيد بمصير وثروات البلاد عن مسارها لصالح فئة معينة أو مجموعات خفية".
ويتغول اللوبي المالي على مصدر اتخاذ القرار في الجزائر، ويعد رجل الأعمال ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد واجهة الكارتل المالي، المقرب من محيط الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى عائلة "كونيناف" التي تعد من أغنى العائلات الجزائرية.
ويرجع المتتبعون إصرار الرئيس بوتفليقة على الترشح لعهدة رئاسية خامسة رغم غيابه عن واجهة الأحداث والظهور منذ مارس/آذار 2013، إلى الضغط الممارس من الكارتل المالي على محيط الرئيس وبالأخص شقيقه الأصغر السعيد بوتفليقة.
كما تعهد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في حال إعادة انتخابه لولاية رئاسية خامسة، بترسيخ ثقافة التوزيع العادل للثروة لكبح احتكارها من طرف ما تسميها المعارضة "الأوليغارشية"، وهو مصطلح سياسي يعني انفراد جماعة صغيرة بالقرار والثروة، ومحاربة الفساد الذي تفشى في الجزائر.
فقد قال بوتفليقة إنه "سيضع سياسات عمومية عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنية، وبالقضاء على كافة أوجه التهميش والإقصاء الاجتماعيين، إضافة إلى تعبئة وطنية فعلية ضد جميع أشكال الرشوة والفساد".
وواصل الفساد في الجزائر تفاقمه والتهامه لجزء كبير من إيرادات الدولة في ظل غياب الهيئات المختصة التي تجمّد نشاطها لأسباب غير معروفة.
وشابت الفترة الأخيرة من الولايات الأربع لحكم الرئيس بوتفليقة العديد من قضايا الفساد التي طغت على الحياة العامة في البلاد، وزادت من انتشارها زيادة إيرادات الدولة ومعها فاتورة الواردات.
وهذه القضايا جعلت الجزائر تحتل المراتب الأولى في تصنيف الدول الأكثر فسادا، حسب منظمة الشفافية الدولية، إذ جاءت في المركز 112 في التقرير الصادر عن المنظمة لسنة 2017 من أصل 180 دولة، ويعتمد التقرير ترتيبا عكسيا تتصدره الدول الأقل فسادا.
وكانت الحكومة الجزائرية قد سنت قانونا جديدا، في شهر يناير/كانون الثاني المنصرم، يشمل إنشاء هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته. وعرضته على البرلمان الجزائري.
ونصّت المادة 17 من القانون الجديد على إنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، والتي سيكون من مهامها، حسب مشروع القانون، اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد تجسد مبادئ دولة القانون وتعكس النزاهة والشفافية والمسؤولية في تسيير الأموال العمومية وتساهم في تطبيقها.
وألزم القانون الدولة بحماية أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من كل أشكال الضغط والإهانة والترهيب والتهديد. وتضم الهيئة ضباطا من الدرك الوطني، وهي قوات تابعة للجيش الجزائري، بالإضافة إلى ضباط في المخابرات الداخلية وقضاة.
ومن أجل تسهيل عمل الهيئة الجديدة لمكافحة الفساد، قررت الحكومة الجزائرية ضمن القانون الجديد، استحداث قطب (محكمة) قضائي جزائي جديد تحت مسمى "القطب الجزائي المالي"، يتولى البحث والتحري ومتابعة التحقيقات في الجرائم المالية شديدة التعقيد.
وتعيش الجزائر منذ قرابة 20 يوما على وقع حراك كبير في الشارع الجزائري، رافض لولاية رئاسية خامسة لعبد العزيز بوتفليقة الذي أعلن أنه فور انتخابه سيعلن عن عقد ندوة وطنية إصلاحية، يتبعها تعديل للدستور، على أن تعقبه انتخابات رئاسية مسبقة.