الجزائر: الوكلاء يقلصون العمالة رداً على خفض الاستيراد

24 مايو 2016
غموض بشأن توزيع حصص الاستيراد على الوكلاء (فرانس برس)
+ الخط -

بدأ وكلاء بيع السيارات في الجزائر في تنفيذ التهديدات، التي أطلقوها بعد اشتداد القبضة الحديدية بينهم وبين وزارة التجارة الجزائرية، بسبب حصص السيارات المسموح باستيرادها، ضمن مساع حكومية لتقليص الواردات تعاطيا مع أزمة الدولار التي تقترب من إتمام عامها الثاني.
وفيما تُصر وزارة التجارة على تقييد واردات السيارات عند 83 ألف وحدة هذا العام، بعدما كانت تتجاوز 600 ألف سنويا، قصّت شركة "هيونداي الجزائر" الكورية الجنوبية، شريط تسريح العمال، بعد إعلانها عن فصل 1500 عامل يمثلون نحو 85% من إجمالي عمال الوكيل.
وأرجع مدير "هيونداي الجزائر" عمر ربراب، هذا القرار إلى غياب السيارات الجديدة في معارض الشركة لأكثر من خمسة أشهر. وأضاف أن الحصة التي منحتها وزارة التجارة لـ "هيونداي" والمقدرة بنحو 3140 سيارة مسقفة بقيمة 30.1 مليون دولار لا تغطي حتى رواتب العمال والضرائب، في وقت تعتبر هذه الحصة السنوية معادلة لمقدار ما كانت الشركة تستورده في شهر واحد. وقدّر عدد المناصب المهددة بالتسريح بحدود 30 ألفاً، وذلك قبل نهاية العام الجاري 2016.

ومن المنتظر أن تلحق شركة "جي أم اس"، ممثل العملاق الألماني "ميرسيدس" في الجزائر، بـ "هيونداي الجزائر"، حيث يُتوقع أن يسرح عشرات العمال، بعد تلقيه صدمة قوية من طرف وزارة التجارة التي سمحت له باستيراد 700 سيارة فقط.
من جانبها لم ترضخ وزارة التجارة لتهديدات وكلاء السيارات، وأعلنت في بيان لها أن الحصص الممنوحة للوكلاء غير قابلة للمراجعة.


ويرى المتتبعون لسوق السيارات في الجزائر أن الحكومة تريد ترويض سوق السيارات في البلاد، من خلال تطبيق سياسة "الجزرة والعصا"، فبعد تجميد الاستيراد لشهور عدة، قررت الحكومة منح رخص استيراد السيارات للوكلاء وبكميات ضئيلة وبالتقطير، وذلك لبسط يدها وفرض سياستها على السوق، بعد سنوات كثيرة كانت فيها السوق محررة.

وسجلت فاتورة استيراد السيارات العام الماضي، نحو 6 مليارات دولار، ما جعل الجزائر، حسب وزير التجارة السابق عمار بن يونس، "حظيرة كبرى لتخزين السيارات". وأكدت الحكومة الجزائرية على نيتها فرض شروطها على الوكلاء، حيث قررت تقليص الحصة المسموح باستيرادها وتقسيمها على 40 وكيلا دون تقديم تعليلات حول معايير منح هذه الرخص، فعلى سبيل المثال مُنحت إلى العلامة الفرنسية "رينو" حصة 15 ألف سيارة من أصل 83 ألف سيارة مسموح باستيرادها، تليها العلامة الألمانية "فولكسفاغن" بنحو 11 ألف سيارة، في حين تستورد "بيجو" الفرنسية 7 آلاف وحدة رغم تسجيلهم لرقم أعمال متقارب السنة الماضية.
ويرى الخبير في سوق السيارات أكرم خلف الله، أن "الحكومة الجزائرية تسعى بشتى الطرق لإخضاع سوق السيارات لرؤيتها وتوجهها رغم علمها بالمخاطر التي تترتب عن هذه القرارات الغامضة.

وقال خلف الله لـ "العربي الجديد": "مما يزيد الغموض مثلا أن وزارة التجارة تحدثت في البداية عن 152 ألف وحدة سنويا توزع حسب رقم الأعمال المسجل في السنوات الثلاث الأخيرة لكل وكيل، لكنها قلصت العدد إلى 83 ألف سيارة، وقّسمت الحصة كما أرادت دون معايير واضحة".
وأضاف أنه وبلغة الأرقام "إذا قسمنا سقف فاتورة الاستيراد التي تكلمت عنها الوزارة والمحدد بمليار دولار على عدد السيارات، نجد أن سعر السيارة المرجعي هو 6.65 آلاف دولار للسيارة الواحدة، في وقت يبلغ سعر سيارة متوسطة الكماليات 10.8 آلاف دولار".
ويتساءل الخبير في سوق السيارات، "على أي أساس تمت عملية تقسيم الحصص بين الوكلاء، وهل يُراد دعم وكلاء على حساب آخرين، وهو ما يتعارض مع قانون المنافسة الذي يقر بمبدأ المساواة بين الفاعلين في أي قطاع اقتصادي".

وقال سفيان حسناوي، ممثل شركة "نيسان" اليابانية في الجزائر ورئيس جمعية وكلاء السيارات الجزائريين: "الغموض يلف عملية تقسيم الحصص على الوكلاء، ننتظر توضيحات أكثر من طرف الوزارة حتى تكون هناك شفافية".
ويتوقع رئيس جمعية وكلاء السيارات الجزائريين "أن يتم استيراد حوالى 35 ألف سيارة من أصل 83 ألفاً المسموح بها، وذلك لضيق الوقت، وهو ما سيؤثر على السوق اقتصاديا وسيدفع بالوكلاء إلى تسريح العمال".


المساهمون