دفع الغلاء غير المسبوق في الجزائر، قطاعاً عريضاً من الأسر إلى تغيير عاداتها الاستهلاكية، عبر الاستغناء عن الكثير من السلع الضرورية والكمالية، حيث اقتصر تسوقهم على الخبز وبعض أصناف الخضروات، بعد أن قفزت الأسعار إلى مستويات كبيرة.
وتشير آخر الأرقام الصادرة عن الديوان الجزائري للإحصائيات إلى أن أسعار الخضر والفواكه عرفت ارتفاعا بلغ 12% في النصف الأول من السنة الحالية مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، فيما ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 25%، والحبوب 10%، والخدمات 30%.
وبدأ سلوك المستهلك الجزائري يتغير في ما يتعلق بأولويات شرائه للمواد الاستهلاكية من غذاء وملابس، إثر موجات الغلاء التي تكررت وشملت جميع السلع الاستهلاكية.
في شارع "المنظر الجميل"، المشهور بتجار المواد الغذائية بالجملة، قالت السيدة عائشة، المتقاعدة في قطاع التعليم، إنها تذهب إلى محلات الجملة وتشتري ما هو ضروري جدا فقط، مثل عبوة الزيت 5 لترات، 1 كيلوغرام طماطم مصبرة، عجائن من النوع المحلي المتوسط، وبعض الحبوب الجافة كالفاصولياء والعدس لنهاية الشهر.
وفي إجابة عن سؤالٍ لـ"العربي الجديد" حول مدى تغير عادات عائلتها الاستهلاكية، قالت عائشة إن الغلاء فرض طقوساً جديدة على الثقافة الاستهلاكية لعائلتها، "فاللحم مثلا أصبح يحضر مرة في الأسبوع مقارنة بما كان عليه الحال قبل ثلاث سنوات، عندما كان اللحم يحضر مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا".
ولفتت المتحدثة نفسها إلى أن التغييرات لا تنحصر على الغذاء بل امتدت إلى أمور أخرى كالخدمات مثلا، حيث أصبحت تتنقل بالحافلة لقضاء مصالحها عوض سيارة الأجرة ومترو الإنفاق بسبب رفع تسعيرات النقل وهو ما يؤثر على ميزانية عائلتها، خاصة أن زوجها متوف.
وفي أحد أكبر أسواق الخضر والفواكه الشعبية في العاصمة الجزائرية، سوق "علي ملاح" الشهير، هنا يصعب أن تجد جزائريا واحدا لا يتذمر من غلاء الأسعار ولا يشتكي من لسعاتها على جيبه المنهك.
لعموري دواجي، موظف في شركة خاصة، يشتكي في حديث مع "العربي الجديد"، من الغلاء الفاحش الذي مس السلع، فسعر كيلوغرام من الطماطم في السوق يصل إلى نحو 60 دينارا (0.50 دولار)، وكلغ الخيار بـ160 دينارا (1.40 دولار) والليمون 500 دينار (4.5 دولارات).
وأضاف لعموري أن أسعار الفواكه زادت أيضا رغم الموسم وزيادة العرض، فقد زاد سعر كلغ البطيخ عن 70 دينارا (0.60 دولار)، والتفاح عن 400 دينار (3.5 دولارات)، ليختم المتحدث نفسه قائلا: "في الماضي وحتى في العهد الاشتراكي كان يستحيل ألا يأكل الجزائري الفواكه يومياً وبأنواع عديدة خاصة في فصل الصيف، لكن اليوم أصبح المواطن الجزائري يأكل الفواكه بصفة متقطعة، أما اللحم فأصبح شيئا في دائرة من استطاع إليه سبيلا".
وتحول ارتفاع الأسعار من مسبب لتغير النمط الاستهلاكي للمواطنين إلى مسبب في تغير الحياة الاجتماعية وسلوكيات الناس، فقد بدأت الأسر الجزائرية تنطوي على نفسها وتتخلى عن الكثير من العادات الاجتماعية التي كانت سائدة مثل الكرم والضيافة، وتقاسم مظاهر الفرح والحزن مع الآخرين، كل ذلك بدأ يتغير مع ارتفاع تكاليف المعيشة، ورافق ذلك تقليص لمظاهر الفرح مثل الأعراس التي أصبحت تقام بحضور الأهل فقط.
وبحسب الخبير الاقتصادي المختص في النمط الاستهلاكي أيوب لعماري، فإن معظم الجزائريين غيروا عاداتهم الاستهلاكية نظراً لتردي الأوضاع المعيشية، وانهيار القدرة الشرائية جراء انهيار الدينار وارتفاع التضخم، يضاف إلى ذلك ارتفاع البطالة إلى مستويات غير مسبوقة فوق 12%، ما يعني تقلص مداخيل الأسر.
وأضاف لعماري لـ"العربي الجديد"، أن متوسط دخل الفرد في الجزائر نحو 30 ألف دينار شهريا (270 دولارا)، في حين ارتفعت الأسعار أكثر من خمسة أضعاف منذ بداية الأزمة الاقتصادية جراء انهيار عائدات النفط منذ عام 2014.
وكانت دراسة نقابية ميدانية حول القدرة الشرائية للجزائريين قد كشفت أن الأجر الأدنى الضروري لمعيشة عائلة مكونة من خمسة أفراد في الجزائر، يجب ألّا يقل عن 60 ألف دينار شهريا (550 دولارا)، مع العلم أن هذا الرّقم يتضمن فقط الحاجات الأساسية والضرورية للأسرة، دون احتساب ما تحوّل لدى الجزائريين إلى كماليات مختلفة.
وأكد رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك مصطفى زبدي، لـ"العربي الجديد"، أن "راتب الكرامة الذي طالبت به منظمة حماية المستهلك يضمن للمواطن الجزائري اقتناء المواد الغذائية الأساسية، الملابس، ودفع فواتير الكهرباء والماء، بالإضافة إلى ضمان تكاليف العلاج، خاصة أن الأسواق تشهد التهابا غير مسبوق في الأسعار".
اقــرأ أيضاً
وتشير آخر الأرقام الصادرة عن الديوان الجزائري للإحصائيات إلى أن أسعار الخضر والفواكه عرفت ارتفاعا بلغ 12% في النصف الأول من السنة الحالية مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، فيما ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 25%، والحبوب 10%، والخدمات 30%.
وبدأ سلوك المستهلك الجزائري يتغير في ما يتعلق بأولويات شرائه للمواد الاستهلاكية من غذاء وملابس، إثر موجات الغلاء التي تكررت وشملت جميع السلع الاستهلاكية.
في شارع "المنظر الجميل"، المشهور بتجار المواد الغذائية بالجملة، قالت السيدة عائشة، المتقاعدة في قطاع التعليم، إنها تذهب إلى محلات الجملة وتشتري ما هو ضروري جدا فقط، مثل عبوة الزيت 5 لترات، 1 كيلوغرام طماطم مصبرة، عجائن من النوع المحلي المتوسط، وبعض الحبوب الجافة كالفاصولياء والعدس لنهاية الشهر.
وفي إجابة عن سؤالٍ لـ"العربي الجديد" حول مدى تغير عادات عائلتها الاستهلاكية، قالت عائشة إن الغلاء فرض طقوساً جديدة على الثقافة الاستهلاكية لعائلتها، "فاللحم مثلا أصبح يحضر مرة في الأسبوع مقارنة بما كان عليه الحال قبل ثلاث سنوات، عندما كان اللحم يحضر مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا".
ولفتت المتحدثة نفسها إلى أن التغييرات لا تنحصر على الغذاء بل امتدت إلى أمور أخرى كالخدمات مثلا، حيث أصبحت تتنقل بالحافلة لقضاء مصالحها عوض سيارة الأجرة ومترو الإنفاق بسبب رفع تسعيرات النقل وهو ما يؤثر على ميزانية عائلتها، خاصة أن زوجها متوف.
وفي أحد أكبر أسواق الخضر والفواكه الشعبية في العاصمة الجزائرية، سوق "علي ملاح" الشهير، هنا يصعب أن تجد جزائريا واحدا لا يتذمر من غلاء الأسعار ولا يشتكي من لسعاتها على جيبه المنهك.
لعموري دواجي، موظف في شركة خاصة، يشتكي في حديث مع "العربي الجديد"، من الغلاء الفاحش الذي مس السلع، فسعر كيلوغرام من الطماطم في السوق يصل إلى نحو 60 دينارا (0.50 دولار)، وكلغ الخيار بـ160 دينارا (1.40 دولار) والليمون 500 دينار (4.5 دولارات).
وأضاف لعموري أن أسعار الفواكه زادت أيضا رغم الموسم وزيادة العرض، فقد زاد سعر كلغ البطيخ عن 70 دينارا (0.60 دولار)، والتفاح عن 400 دينار (3.5 دولارات)، ليختم المتحدث نفسه قائلا: "في الماضي وحتى في العهد الاشتراكي كان يستحيل ألا يأكل الجزائري الفواكه يومياً وبأنواع عديدة خاصة في فصل الصيف، لكن اليوم أصبح المواطن الجزائري يأكل الفواكه بصفة متقطعة، أما اللحم فأصبح شيئا في دائرة من استطاع إليه سبيلا".
وتحول ارتفاع الأسعار من مسبب لتغير النمط الاستهلاكي للمواطنين إلى مسبب في تغير الحياة الاجتماعية وسلوكيات الناس، فقد بدأت الأسر الجزائرية تنطوي على نفسها وتتخلى عن الكثير من العادات الاجتماعية التي كانت سائدة مثل الكرم والضيافة، وتقاسم مظاهر الفرح والحزن مع الآخرين، كل ذلك بدأ يتغير مع ارتفاع تكاليف المعيشة، ورافق ذلك تقليص لمظاهر الفرح مثل الأعراس التي أصبحت تقام بحضور الأهل فقط.
وبحسب الخبير الاقتصادي المختص في النمط الاستهلاكي أيوب لعماري، فإن معظم الجزائريين غيروا عاداتهم الاستهلاكية نظراً لتردي الأوضاع المعيشية، وانهيار القدرة الشرائية جراء انهيار الدينار وارتفاع التضخم، يضاف إلى ذلك ارتفاع البطالة إلى مستويات غير مسبوقة فوق 12%، ما يعني تقلص مداخيل الأسر.
وأضاف لعماري لـ"العربي الجديد"، أن متوسط دخل الفرد في الجزائر نحو 30 ألف دينار شهريا (270 دولارا)، في حين ارتفعت الأسعار أكثر من خمسة أضعاف منذ بداية الأزمة الاقتصادية جراء انهيار عائدات النفط منذ عام 2014.
وكانت دراسة نقابية ميدانية حول القدرة الشرائية للجزائريين قد كشفت أن الأجر الأدنى الضروري لمعيشة عائلة مكونة من خمسة أفراد في الجزائر، يجب ألّا يقل عن 60 ألف دينار شهريا (550 دولارا)، مع العلم أن هذا الرّقم يتضمن فقط الحاجات الأساسية والضرورية للأسرة، دون احتساب ما تحوّل لدى الجزائريين إلى كماليات مختلفة.
وأكد رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك مصطفى زبدي، لـ"العربي الجديد"، أن "راتب الكرامة الذي طالبت به منظمة حماية المستهلك يضمن للمواطن الجزائري اقتناء المواد الغذائية الأساسية، الملابس، ودفع فواتير الكهرباء والماء، بالإضافة إلى ضمان تكاليف العلاج، خاصة أن الأسواق تشهد التهابا غير مسبوق في الأسعار".