ويدرس المجلس الدستوري ملفات سبعة مرشحين "غير جديين" قدموا ملفات غير مكتملة، ما يعني توجهه للإعلان في غضون العشرة أيام المقبلة، كأقصى حد ممكن، عن استحالة تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإحالة قرار إلغائها إلى الرئيس المؤقت، الذي سيكون عليه طلب تفسيرات دستورية جديدة تتيح له البقاء في منصبه لفترة 90 يوما إضافية، بدءا من تاريخ الانتخابات الملغى.
وتباينت مواقف فقهاء دستوريين بشأن إمكانية التمديد لبن صالح، إذ يعتقد بعضهم أن المادة 102 من الدستور حددت مهلة الانتخابات بـ90 يوما بعد شغور منصب الرئيس، ولم تحدد مهلة عهدة رئيس الدولة المؤقت، وأن ذلك يعني أنه يبقى في منصبه إلى غاية تسليم العهدة الرئاسية لرئيس جمهورية منتخب، مع إمكانية تفعيل الحالة الاستثنائية.
في السياق، يذهب العضو السابق في المجلس الدستوي عامر رخيلة إلى أن المادة 103 من الدستور توفر مخرجا على اعتبار أنها توضح المسار الدستوري في حال توقف الانتخابات وتعطل تنظيمها، حتى وإن كانت تتحدث عن وفاة مترشح وليس عن عدم وجود مرشحين.
وأشار رخيلة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن التوجه الدستوري يتيح الاحتفاظ ببن صالح رئيسا للدولة، على أن يدعو إلى تنظيم انتخابات جديدة في غصون 90 يوما من تاريخ نهاية عهدته الرئاسية في التاسع من يوليو/ تموز المقبل.
في المقابل، لا تبدي الأحزاب السياسية قلقا إزاء الفراغ الدستوري، وتعتبر أن ذلك يفرض على السلطة الفعلية (الجيش) الإسراع في وضع "خطة طوارئ سياسية، تتضمن فتح حوار جدي يؤدي إلى استقالة حكومة نور الدين بدوي، وتشكيل هيئة عليا للانتخابات وفق تعديل لقانون الانتخابات، وتحديد موعد جديد للرئاسيات".
وفي السياق، دعا حزب طلائع الحريات إلى الشروع في "حوار جدي لإيجاد حل سياسي توافقي يستجيب لتطلعات الشعب، ويجنّب البلاد فراغا دستوريا ومؤسساتيا".
واعتبر حزب الطلائع، الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، أن "مباشرة هذا الحوار أصبحت أمرا جد مستعجل لتفادي العواقب الوخيمة التي تنجر عن حالة الفراغ الدستوري، واستمرار الانسداد السياسي الذي آلت إليه الأوضاع"، بعد "التفعيل الحصري للمادة 102 كمخرج من الأزمة، الذي أدى إلى الفشل المؤكد للانتخابات المبرمجة يوم الرابع من يوليو التي يرفضها الشعب الجزائري، باعتبار أن شروط تنظيمها وإجرائها غير مناسبة وغير مقبولة، وهذا ما يفرض التوجه الحتمي نحو الحل السياسي- الدستوري في آن واحد، الذي يستجيب لتطلعات الشعب ويجنّب بلدنا فراغا دستوريا ومؤسساتيا، بما يحمل ذلك من نتائج غير متوقعة الخطورة مع انتهاء العهدة الدستورية لرئاسة الدولة".
ويعتبر حزب الطلائع أن "هذا الحوار يجب أن يشمل ممثلين عن الثورة السلمية الشعبية والمجتمع المدني والأحزاب والشخصيات الوطنية والنقابات، التي برزت خلال الكفاح ضد النظام، وساندت الثورة السلمية الشعبية منذ بدايتها، وأن يهدف إلى وضع خطة شاملة لمعالجة الأزمة وضمان استمرارية مؤسساتية لبلدنا إلى غاية انتخاب رئيس للجمهورية، وبالخصوص مع إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم والإشراف ومراقبة الاستحقاق، إلى غاية الإعلان عن نتائجها".
وأشار الحزب إلى أن "الجيش له دور مهم يقوم به في هذا الحوار من أجل الخروج من الأزمة، وذلك كمرافق ومسهل وكضامن لتطبيق ورقة الطريق المتبناة توافقيا بين أطراف هذا الحوار".
والقوى السياسية المعارضة، كحزب طلائع الحريات، التي تدعو إلى الحوار في الوقت الحالي، هي نفسها التي كانت قد رفضت في 23 إبريل/ نيسان الماضي، دعوة الرئيس المؤقت إلى ندوة حوار سياسي للبحث عن حل للأزمة.
ويجيب بيان حزب الطلائع على ما يبدو أنه تناقض، ويطرح اشتراطات سياسية لبدء ونجاح الحوار في الوقت، إذ "يجب التذكير بشروط نجاح هذا الحوار، والمتمثلة في نوعية المحاورين الذين يجب أن يكونوا ذوي مصداقية وحائزين على ثقة المواطنين"، إضافة إلى "إطار للحوار مناسب، وكذا تحديد هدف واضح المعالم له حتى لا يتعرض الحوار لفشل مماثل لذلك الذي حدث في 22 إبريل المنصرم، والذي يعود سببه لغياب هذه الشروط".
وجدد حزب رئيس الحكومة السابق، كما أغلب قوى المعارضة، رفض الحوار مع "رموز النظام التي لا تزال على رأس المؤسسات الأساسية للدولة، والمرفوضة من الثورة السلمية الشعبية، والتي لا يمكن أن تكون المحاوِر المؤهل، وعليه فإن الدعوة لأي حوار جدي ومسؤول لا يمكن أن تأتي سوى من طرف سلطة معنوية وسياسية غير مطعون في مصداقيتها وغير مرفوضة شعبيا".
ويرفض الحراك الشعبي خاصة بقاء حكومة بدوي، ويطالب برحيلها في أقرب وقت ممكن.
وتعزز مجمل القوى السياسية هذا المطلب لإفساح المجال امام حوار سياسي يؤدي إلى انتخابات رئاسية في غضون فترة قصيرة.
في السياق، أكد الرئيس السابق والقيادي في حركة مجتمع السلم عبد المجيد مناصرة على هذا التوجه لتجاوز حالة الفراغ الدستوري التي تعيشها البلاد، بدءا من التاسع من يوليو/ تموز المقبل.
وشدد مناصرة، في تقدير موقف نشره اليوم، على أن "البلاد ستدخل في مرحلة جديدة بعد الإعلان الرسمي من المجلس الدستوري عن إلغاء الانتخابات الرئاسية، حيث سيتبعها فتح حوار سياسي حول تنظيم انتخابات جديدة".
واعتبر المتحدث ذاته أن "استقالة بعض الأسماء المغضوب عليها شعبيا باتت حتمية، ليتم بعدها الإعلان عن موعد جديد للانتخابات الرئاسية في ظرف 90 يوما من يوم استدعاء الهيئة الناخبة، يتخللها إعداد مشروع تعديل قانون الانتخابات بخصوص اللجنة الوطنية المستقلة للإشراف وتنظيم الرئاسيات على ضوء نتائج الحوار".