الجزائر: إقالة وزراء مواجهة الكارتل المالي ودعوات للتظاهر

18 اغسطس 2017
باشرت حكومة تبون مكافحة الفساد فور تسلمها مهامها(بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -
أقالت الرئاسة الجزائرية ثلاثة وزراء من الحكومة كانت وجهت إليهم انتقادات واتهامات "بالتحرش برجال الأعمال والمستثمرين" والانخراط في "فوضى المبادرات الحكومية"، في انتصارٍ ثانٍ للكارتل المالي، فيما بدأت دعوات للتظاهر في الجزائر وفي الخارج، للتعبير عن رفض الوضع الذي انتهت إليه أعلى مؤسسات الحكم في الجزائر، بعد إقالة حكومة عبد المجيد تبون، يوم الثلاثاء الماضي، وتكليف رئيس الديوان الرئاسي، أحمد أويحيى، بتشكيل حكومة جديدة.

ونجح الكارتل المالي في الجزائر في إبعاد وزير الصناعة والمناجم، محجوب بدة، من منصبه بعد شهرين ونصف من تعيينه، وبعد سلسلة قرارات اتخذها الوزير ضد مصانع تركيب السيارات، قال إنها تمارس الاحتيال على الجزائريين، وتستورد سيارات مركبة جزئياً، لتستكمل تركيب عجلاتها في هذه المصانع، قبل أن تقوم بتسويقها على أساس أنها سيارات محلية الصنع. وأوقف مشاريع استثمار في الإطار نفسه، كما فتح تحقيقاً في التلاعب بأسعار السيارات المستوردة.

وتمكن الكارتل المالي من إبعاد وزير التجارة، أحمد سياسي، الذي عيّن في منصبه في 26 مايو/ أيار الماضي، بعد قرارات وقف استيراد سلع وبضائع بهدف حماية الإنتاج المحلي، وهي القرارات التي كانت محل اعتراض من "بارونات" الاستيراد ورجال أعمال رفعوا شكاوى إلى الرئاسة في هذا الشأن. وأقيل من الحكومة أيضاً وزير السكن، يوسف شرفة، الذي عين في نهاية مايو، بعد قرار رفضه تسديد مستحقات عدد من شركات إنشاءات يملكها رجال أعمال نافذون، كانت تنفذ مشاريع سكنية لحساب الدولة. وكان قد قرر فتح التحقيق في دقة إنجاز هذه المشاريع ومطابقتها للقوانين، وتوجيه إنذارات إلى شركات إنشاءات والتهديد بسحب المشاريع منها بسبب إخلالها في الإنجاز أو عدم احترامها للمهل الزمنية المقررة لإنهاء المشاريع.


وتخلى حزب الأغلبية البرلمانية، "جبهة التحرير الوطني"، عن رئيس حكومته عبد المجيد تبون المنتمي إليه، وعن الوزراء المقالين المحسوبين عليه. ولم يعلن الحزب الذي يتحكم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في شؤونه من خارج هيئاته القيادية، أي موقف أو بيان بشأن ذلك، على الرغم من أن رئاسة الحكومة انتقلت من الحزب الذي كان قد فاز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الرابع مايو/ أيار الماضي، إلى غريمه السياسي، حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي يقوده رئيس الحكومة الجديد أحمد أويحيى.

وهذه هي المرة الأولى التي ينجح فيها الكارتل المالي، الذي يمثله "منتدى رؤساء المؤسسات" بقيادة رجل الأعمال النافذ علي حداد، المقرب من شقيق الرئيس الجزائري، سعيد بوتفليقة، في فرض اشتراطاته والتدخل في تعيين وإقالة وزراء من الحكومة.

في المقابل، عبّرت أحزاب المعارضة عن مواقف سياسية رافضة لما حصل، وأعلنت عن بالغ دهشتها من التسيّب الفاضح في تسيير شؤون الدولة، ووصفت إقالة حكومة عبد المجيد تبون "بالانقلاب الذي نفذته المافيا المالية والأوليغارشية"، و"بضغط أجنبي وفرنسي مباشر". وبحسب مواقف حزب "العمال" وحركة "مجتمع السلم" وحركة "النهضة"، فإن اتصالات تجري بين عدد من أحزاب المعارضة لعقد اجتماع مشترك والخروج بموقف سياسي موحد يخص "الدفاع عن الدولة ووقف الكارثة السياسية التي تتجه إليها البلاد"، ووضع خطة للتحرك على الصعيد السياسي والشعبي، بحسب تأكيد مسؤول حزبي رفيع لـ"العربي الجديد".

ولعل توالي القرارات الرئاسية المتداخلة والمتسرعة والمتناقضة في التعيينات والإقالات الحكومية، قد أثار حالة غضب شعبي، وهيأ الأجواء لتحركات في الشارع. وفي سياق ردود الفعل السياسية والشعبية، بدأ ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي الدعوة إلى التظاهر رفضاً لما يصفونه بـ"حكم المافيا المالية" والتلاعب بمؤسسات الدولة. وأطلق ناشطون حملة جمع تواقيع للمطالبة بلقاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من قبل وفد مدني للتأكد من صحته ودرايته بالقرارات الأخيرة التي تصدر باسمه.

وفي باريس ولندن، بدأت تنظيمات تمثل الجالية وناشطون معارضون في الحشد للتظاهر ضد حالة التسيب السياسي والإداري التي وصلت إليها الدولة في الجزائر. وتشير مصادر متعددة إلى أن هناك استعدادات جدية تجري في باريس لجمع أكبر عدد من المتظاهرين في مسيرة يتوقع أن تتم الأحد المقبل قبالة مقر السفارة الجزائرية.

المساهمون