الجزائر: إغلاق الحدود يرهق تجار "الحقائب"

20 يوليو 2020
اختفاء الكثير من السلع المستوردة (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

"نفدت المنتجات من البائعين، لم يعد لدي كريم أو مرهم للحفاظ على بشرتي، أصنع تحضيرات خاصة وألوذ إلى العلامات التجارية المحلية، أنا لا أعقد الأمور ولكن إذا استمر الحجر الصحي، سنعاني كثيرا من نفاد العديد من السلع المستوردة والتي لا يوجد لها مثيل محلي"، هكذا تحدثت جميلة، مواطنة جزائرية (28 سنة) والمغرمة بمواد التجميل المستوردة، لـ "العربي الجديد".
وقالت: ظللت لسنوات أتحصل على مواد التجميل المستوردة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر تجار الكابا (تجار الشنطة أو الحقائب)، ولكن الآن أصبحت غير متوفرة في السوق.
وهذا النشاط موروث من ثمانينيات القرن الماضي، والذي يسمح للتجار بإعادة بيع المنتجات التي تم شراؤها في فرنسا أو تركيا أو دبي.
حالة الجزائرية جميلة تعكس الوضعية التي آلت إليها الأنشطة التجارية التي تعتمد على "تجار الشنطة" لتموينها بالمواد والمنتجات ذات الجودة، من ألبسة، ومواد تجميل، وحتى أدوية غالية، بعد دخول إغلاق الحدود الجوية والبحرية والبرية في الجزائر، الشهر الرابع على التوالي.
ودفع ذلك تجار الحقائب إلى دق ناقوس الخطر، كونهم يعتبرون أنفسهم أصحاب "تجارة مكملة" للتجارة الرسمية، وتعثرها يرهق المواطن الجزائري، وهو ما يؤكده كمال جادي، الذي كان يقوم عادة، بزيارة تركيا في نهاية كل أسبوع، إذ تعتبر "تجارة الشنطة" دخلا إضافيا له، كونه يعمل موظفا في بنك عمومي.
وقال جادي لـ"العربي الجديد": "أسوّق عبر حساباتي المختلفة على "فيسبوك" منتجات العناية بالشعر والعطور والمكملات الغذائية والأدوية تحت الطلب، ومنذ بداية الوباء، توقفت عن السفر، فنحن في حالة انسداد تام". 
وحسب التاجر فإن "الأمر الأكثر رعبا مع تواصل وقف الرحلات الجوية هو أن المرضى لم يعد بإمكانهم العثور على الأدوية التي يحتاجونها، في العادة، مع كل رحلة أقوم بها لتركيا أو فرنسا، كانت الأدوية ضمن القائمة التي أشتريها لأعيد بيعها، خاصة أدوية الأمراض المزمنة والنادرة وأمراض الأطفال".

يفسر نجاح "تجارة الشنطة" ورواجها في الجزائر، بالعراقيل الإدارية والبنكية التي تقف حجر عثرة في طريق الحصول على السلع من الخارج في البلاد.
وأشار إلى صعوبة الوصول إلى العملات الأجنبية، إذ لا يمكن للجزائريين شراء العملة الأوروبية من البنوك سوى ما يعادل 110 يورو سنويًا، عند تقديم إثبات السفر، ومن يريد مبلغاً أكبر، فعليه الذهاب إلى السوق السوداء.
وأضاف: "من ناحية أخرى، وبما أن الدينار الجزائري غير قابل للتحويل، فمن غير الممكن، للجزائريين الحصول على بطاقات الدفع البنكية العالمية من حساب جار بالعملة المحلية، ما يعيق شراء منتج يباع من قبل شركة تتعامل بالدولار عبر الإنترنت أو باليورو".
كما زاد فقدان الجزائريين للثقة في شبكة التوزيع المحلية والعالمية الكبرى من رواج تجارة "الشنطة" التي زاد الإقبال عليها في السنوات الأخيرة، بعد توجه الجزائر نحو كبح الاستيراد خاصة للمواد والمنتجات المُصنعة محليا. وحسب الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين فإن 30 في المائة من السلع والمنتجات المعروضة في المحلات والصيدليات مصدرها تجارة الشنطة. 
وفي السياق، يقول تاجر ملابس رياضية عبر "فيسبوك" و"إنستغرام"، الشاب معمر، إنه "لم ينشر أي إعلان منذ نهاية مايو/أيار بعد نفاد سلعته، بسبب إغلاق الحدود الذي حال دون سفره وحتى أصدقائه لا يملكون منتجات يقرضونها إياه"، وضعية جعلت الشاب الجزائري ذا 29 ربيعا يفكر جديا في تغيير النشاط، والبحث عن عمل آخر.
وأضاف التاجر لـ "العربي الجديد" أن "بعض أصدقائه الذين ينشطون في تجارة مواد التجميل والعطور الأصلية لم يجدوا إجابة أو ردا على طلبات زبائنهم من النساء خاصة بعد نفاد بضاعتهم".
وانعكست تداعيات أزمة كورونا سلبا على مختلف الأنشطة، وكشف تقرير حديث أعدته وزارة المالية بالتنسيق مع مختلف الوزارات، عن خسائر فادحة للاقتصاد الجزائري. 
وحسب التقرير، فإن قطاع النقل يعد أكثر القطاعات تضررا، حيث سجلت شركة النقل عبر السكك الحديدية خسائر قدرت بـ 360 مليون دينار، وكان تضرر الخطوط الجوية أكبر بإلغاء أكثر من 8 آلاف رحلة بين مارس/آذار ويوليو/تموز كلفتها خسائر بـ 16 مليار دينار، في حين تتوقع الحكومة أن تصل خسائر الخطوط الجزائرية إلى 35 مليار دينار. 
كما كشف التقرير، عن ضرر كبير مسّ قطاعات السياحة والطاقة والتجارة، ما دفع الحكومة إلى الإعلان عن حزمة تسهيلات وحوافز لتنشيط الأسواق.

المساهمون