الجزائريون قلقون من ضرائب الاستهلاك وتقليص التوظيف

27 نوفمبر 2017
ضرائب الاستهلاك ترفع أسعار السلع (Getty)
+ الخط -
يترقب الجزائريون موازنة السنة المقبلة 2018، التي تأتي في ظروف اقتصادية وسياسية صعبة، وسط مخاوف من قرارات بشأن زيادة الضرائب قد تتسبب في زيادة الأسعار، بينما تبقى الأجور عند مستوياتها دون زيادات، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة التي تشهدها البلاد.

وفي مقابل هذه المخاوف تعهدت الحكومة على لسان رئيسها أحمد أويحيى مؤخرا، بالاستجابة للمطالب الاجتماعية التي ينشدها المواطنون، لكن مؤشرات استمرار العجز المالي واستبعاد خيار الاستدانة الخارجية، يضع الحكومة، وفق محللين، في ممر ضيق قد لا يتسع للاستجابة لما ينتظره الجزائريون من الموازنة الجديدة.

وسجلت الخزينة العمومية عجزاً بنحو 30 مليار دولار السنة الماضية 2016، وسط تقديرات ببلوغها بنهاية السنة الحالية نحو 17 مليار دولار، فيما توقع قانون الموازنة المقبلة عجزاً بنحو 20 مليار دولار.

وتضمن مشروع قانون الموازنة الجديدة التي تم البدء في مناقشتها بالبرلمان في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، زيادات تمس عدة سلع وخدمات، منها فرض زيادات في الرسوم المطبقة على أسعار معظم مشتقات الوقود، بهدف توفير نحو 61 مليار دينار (600 مليون دولار) للخزينة العامة، وتعد هذه الزيادة الثالثة من نوعها التي تطاول أسعار الوقود في غضون ثلاث سنوات.

كما تضمن رفع "الضريبة على الاستهلاك الداخلي" المطبقة على أسعار التبغ والخمور من 10% إلى 30%، ما يعني زيادة بقرابة 33 ديناراً في سعر الاستهلاك.

كما يلزم مشروع الموازنة العامة للسنة القادمة الجزائريين الذين استفادوا من دعم الدولة لشراء سكن والمقدر بـ 700 ألف دينار (6900 دولار) بردها لحساب الصندوق الجزائري للسكن في حال قرر المستفيد بيع سكنه.
ولا يخفي المواطن عبد الله بوجلدة تخوفه من لجوء الحكومة إلى المساس بنظام الدعم، الذي عهده الجزائريون منذ عقود، لا سيما الخبز والحليب.

زيادة الأسعار

ويقول بوجلدة لـ "العربي الجديد": "جيب المواطن البسيط لا يحتمل تحرير الأسعار التي ستقفز كثيرا، نخشى أن تتضاعف أسعار الوقود والخبز والحليب".
ويضيف: "نأمل أن تريث الحكومة قبل اتخاذ أي إجراء لتحرير الأسعار، ولا بد من توجيه الإعانات مباشرة إلى المواطنين، لأنهم ليسوا مستعدين بعد لإلغاء شيء اعتادوا عليه".

ولجأت الحكومة في موازنة السنة الحالية إلى رفع بعض الضرائب المطبقة على الاستهلاك المباشر، كالضريبة على القيمة المضافة بجانب ضرائب على استهلاك الطاقة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكثير من المواد.
ويتخوف الجزائريون من أن تواصل الحكومة السير على نفس الطريق خلال السنة المقبلة، ما سيؤثر سلباً على جيوبهم المنهكة أصلاً بغلاء المعيشة.

وتقول أم هدى صايجي، وهي معلمة في المرحلة الثانوية، لـ "العربي الجديد" إن "رفع الرسوم والضرائب منذ بداية 2017 مع دخول الموازنة حيز التطبيق، دفع بالتجار إلى رفع الأسعار، على حساب المواطن الذي أصبح يدفع 19% من سعر ما يقتنيه كرسم على القيمة المضافة بدلاً من 17%".
وتعرب في حديث مع "العربي الجديد" عن أملها في ألا تتبنى الحكومة خيار رفع الضرائب والرسوم مجددا لمواجهة الأزمة المالية، مضيفة أنه "لا يمكن أن تنتهي الأزمة على حساب جيوب المواطنين".

رفع الأجور

بات مطلب رفع الأجور الشغل الشاغل للجزائريين في السنوات الأخيرة، لحماية قدرتهم الشرائية من الانهيار بسبب تدهور قيمة الدينار وارتفاع التضخم، بالرغم من إدراكهم أن تحقيق هذا المطلب في الوقت الحالي يعتبر أمراً مستحيلاً.

ويلفت مزيان مريان، النقابي ورئيس نقابة التعليم الثانوي والتقني، إلى أن "قدرة العامل والمواطن الشرائية تترنح وهي مهددة بالسقوط في أي لحظة، خاصة وأن الدينار لا يزال يسجل مستويات قياسية أمام الدولار واليورو، وبالتالي صار مطلب رفع الأجور أمراً لا مفر منه، إن أرادت الحكومة الحفاظ على الاستقرار في البلاد وعدم (تهييج) الشعب ضدها".

وفي هذا الصدد، يكشف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" عن أن "التكتل النقابي الذي يضم 17 نقابة لا يزال يصر على رفع الأجور في القطاع العام والخاص، عن طريق رفع الراتب الوطني الأدنى المضمون، وإن لم تستجب الحكومة سنشن إضرابات ونخرج إلى الشارع دفاعاً عن مطالب العمال قبل نهاية السنة، كما فعلنا مع مشروع تعديل نظام التقاعد".
وترفض الحكومة رفع الأجور بحجة غياب الموارد المالية، وتعود المرة الأخيرة التي راجعت فيها الأجور إلى سنة 2012 بالتزامن مع أحداث "الربيع العربي" وذلك لتهدئة الشارع الجزائري.

الحد من البطالة

يترقب الجزائريون فرص العمل الجديدة في الموازنة المقبلة، لا سيما بعدما بلغت نسبة البطالة وفق الأرقام المعلنة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي نحو 12% بنهاية إبريل/ نيسان في سابقة هي الأولى منذ عقود، فيما يرجع خبراء هذه الزيادة إلى تجميد المشاريع الكبرى وتقليص الإنفاق في الاستثمارات العمومية، ما دفع الكثير من الشركات العمومية والخاصة إلى تسريح العمال.
ويقول الشاب خالد ميمون، الذي تخرج من جامعة "هواري بومدين" بتخصص في العلوم التكنولوجية، إنه "ينتظر أن تفرج الحكومة عن الوظائف العمومية في السنة المالية المقبلة، بعدما قلصت عددها السنة الحالية بحجة غياب الأموال".

ويبدي الشاب الجزائري تخوفه من مواصلة الحكومة تطبيق سياسة "التقشف"، لا سيما في ظل تصريحات رئيس الحكومة حول القلق من عجز عن توفير أجور العمال للأشهر الثلاثة المقبلة.
وكانت الحكومة قد قلصت التوظيف في قطاع التربية والصحة وحتى في الأسلاك الأمنية، التي كانت ملاذ الشباب، بحجة غياب الأموال في الخزينة العمومية التي تتجه الحكومة إلى تمويل عجزها من خلال الاقتراض من المصارف لأول في مرة في تاريخ الجزائر، ضمن ما يعرف بـ "الاقتراض غير التقليدي".

الحق في السكن

ولا تقتصر مخاوف الجزائريين من تضرر الأسعار والرواتب وفرص العمل، وإنما توفير المساكن. فبالرغم من تعهد الحكومة ببناء 1.6 مليون وحدة سكنية موجهة للطبقة المتوسطة والفقيرة في مخطط عملها، الذي صادق عليه البرلمان قبل أيام، إلا أن رئيس الوزراء، أشار إلى صعوبة تحقيق ذلك، بسبب فراغ الصندوق الجزائري للسكن من الأموال.

ويعد ملف السكن في الجزائر أحد الملفات التي عجزت الحكومات المتعاقبة عن طيه، بالرغم من تخصيص مبالغ ضخمة له.
ويقول رضوان شيخي، إنه وضع ملف شراء شقة مدعمة سنة 2002، وإلى يومنا هذا لا يزال ينتظر استلامها.
المساهمون