الجزائريون تحت رحمة الغلاء

09 يناير 2016
القانون الجديد سيؤثر على القدرة الشرائية (فاروق باطيش/فرانس برس)
+ الخط -

حسمت حكومة الجزائر قرارها بتحميل المواطن عبء العجز المالي الذي تعانيه، من خلال فرض ضرائب جديدة وزيادة أخرى. وبعد مصادقة البرلمان بغرفتيه، صدر قانون المالية لعام 2016 في الجريدة الرسمية في 30 ديسمبر/كانون الأول عام 2015، والذي يتضمن رفع أسعار البنزين والكهرباء والسيارات وهواتف الجيل الثالث.

واختلفت آراء المواطنين حول قانون المالية الجديد، وإن كانت الغالبية قد أبدت استياءها وتخوفها من الوضع الجديد، في ظل احتمال تجميد المشاريع، الأمر الذي سيؤثر على التوظيف، ويجبر الناس على التقشف، تحسباً للأسوأ. واحتج البعض على تسرع عدد من التجار وأصحاب النقل العام في رفع الأسعار.

يقول أحمد، وهو موظف، لـ "العربي الجديد"، إن "هذا القانون يهدف إلى ضرب القدرة الشرائية للمواطن بدلاً من العمل على تحسينها". يضيف أن "شبح الغلاء يُطارد الفقراء في كل مكان، وقد سارع التجار إلى زيادة الأسعار فور المصادقة على القانون، حتى من دون الاطلاع على بنود القانون لمعرفة السلع التي تشملها الزيادة". ويتوقع المواطنون مزيداً من الارتفاع في الأسعار خلال الأيام المقبلة، الأمر الذي يزيد من قلقهم. ويرى البعض أن الفقراء وحدهم سيعانون نتيجة فرض الضرائب الجديدة.

من جهته، يقول سليم وهو طالب جامعي: "تكفينا معاناتنا بسبب ارتفاع الأسعار. الأمور تزداد سوءاً. الأغنياء يصيرون أكثر غنى من خلال تلاعبهم بالقانون، فيما تفرض الضرائب على الفقراء. بقي أن يطلبوا منا التوقف عن التنفس". يخشى هذا الشاب أن يجد نفسه عاجزاً عن تأمين جميع مصاريفه، الأمر الذي قد يؤثر على دراسته. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كان هناك حملات احتجاج عدة رفضاً للقانون الجديد.

في هذا السياق، يقول رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك في الجزائر، مصطفى زبدي، لـ "العربي الجديد": نخشى استغلال قانون المالية الجديد من خلال اللجوء إلى رفع الأسعار أكثر مما ينص عليه القانون". ويلفت إلى أن القانون سيؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري البسيط، وقد لاحظنا ارتفاع أسعار بعض الخدمات على غرار مواقف السيارات، علماً أنها ليست معنية بالقانون الجديد. هذه السلوكيات قد تؤدي إلى الفوضى".

وفي ما يتعلق بالمشروع الذي كان قد أعلنه وزير المالية محمد جلاب، والذي يهدف إلى تقديم منحة للعائلات ذات الدخل المتدني بهدف رفع مستوى المعيشة، يقول زبدي: "هذا أمر جيد، إلا أنه هناك خلافا حول الآليات"، لافتاً إلى أن هناك "خوفا لدى المواطن من بعض التنظيمات والهيئات الاقتصادية التي تعمل من دون ضوابط لتحقيق الربح".

بدورها، أعربت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عن قلقها الشديد جراء زيادة الضرائب والرسوم، لافتة إلى أن هذه أعباء جديدة سيتحملها المواطن. وحمّلت الحكومة مسؤولية أي انزلاق اجتماعي سيخلفه قانون المالية، واصفة إياه بـ "السوداوي" الذي يهدد الاستقرار الاجتماعي. ودقت ناقوس الخطر، مؤكدة أن هناك مؤشرات واضحة على أن المجتمع على حافة الانفجار خلال العام الجديد.

وحذّر الأمين العام الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية محمد نبو، من تبعات قانون المالية 2016 على المواطنين، والذي سيؤدي إلى عواقب وخيمة في البلاد، مشيراً إلى أن تبعات هذا القانون ستكون أكثر حدة على الفئات الهشة في المجتمع، لافتاً إلى أن "المواطن البسيط سيكون كبش فداء".

وتجدر الإشارة إلى أن عدداً من المعارضين قد وقعوا على عريضة لإسقاط قانون المالية، بينهم أكثر من 120 نائباً يمثلون أحزاب المعارضة. ويعتزم هؤلاء توجيه رسالة إلى الرئيس عبد العزيز بو تفليقة ورئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي. ورفض الموقعون تحميل مسؤولية ما أسموه "الإفلاس السياسي والاقتصادي" للمواطن وتحميله تبعاته، منددين بسلسلة المواد التي تستهدف القدرة الشرائية للمواطن، وتشكل "عقاباً جماعياً للشعب بترسانة من الرسوم والإتاوات التي مست مواد أساسية تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني". أيضاً، نددوا بالعودة إلى الاستدانة من الخارج لصالح القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب بضمان من الخزينة العامة.

اقرأ أيضاً: شبح العنوسة يطارد 11 مليون جزائرية
دلالات