الثقافة المغربية .. ضيفة فرنسا ستّة أشهر

23 سبتمبر 2014
ملصق المهرجان (العربي الجديد)
+ الخط -
سيكون باستطاعة الفرنسيين والسيّاح في باريس أن يتعرّفوا إلى المشهد الثقافي المغربي الراهن، الذي يكشف عن دينامية حقيقية تلامس قطاعات الفن المختلفة، بعدما أخذ "معهد العالم العربي" على عاتقه إظهار هذا التفتّح الثقافي أمام جمهوره الواسع والمتعدّد، من بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول 2014 إلى نهاية شهر مارس/آذار 2015.

نُظمت هذه التظاهرة الاستثنائية في إطار شراكة مع "المؤسسة الوطنية للمتاحف" في المغرب، التي يترأّسها الفنان، مهدي قطبي. وقد تم تصوّر الحدث في انسجام مع المعرض الذي يقدّمه متحف اللوفر، والذي أُطلق عليه اسم "المغرب الوسيط، إمبراطورية ممتدّة من أفريقيا إلى إسبانيا". وللمرّة الاولى تُقدِم مؤسستان ثقافيتان فرنسيتان كبيرتان على تشريف المملكة المغربية، في بُعدَيْها القديم والمعاصر.

هذان المُنجزَان ما كانا ليحصلا لولا تفاني كلّ من مدير الشؤون الثقافية في "معهد العالم العربي"، محمد المطالسي، والباحث الجمالي والأكاديمي، موليم لعروسي، والفنان، مهدي قطبي.

بعد دخول العالم في مرحلة تغييرات سريعة وأساسية، خصوصاً مع سطوة تكنولوجيات الاتصال التي أفضت إلى إعادة تقويم حاسم وعامّ للعلاقة مع الهوية الخاصّة، بات العالم كلّه قرية كونية. وبدا كأنّ هذه الظاهرة الجديدة حاملةٌ وَعْدَ انفتاح العالَم على الأفراد كلّهم. ولم يكن للمغرب، بفضل تجذّره داخل إفريقيا، وامتداداته الطبيعية والثقافية إلى أوروبا وانتمائه إلى العالم العربي والإسلامي، إلا أن يجد نفسه ملتقى لكلّ هذه النداءات. وقد استطاعت مغامرة الفنّ والتعبيرات الفنية أن تعبّر عن نفسها في المشهد السياسي والثقافي للمغرب المعاصر.

وقد أنجز هذه النقلة جيلٌ مختلط ومتعدّد الأشكال، يتشكّل، في جزء منه، من فنانين لا يهتمون إلا قليلاً بهويّة مسعاهم، ينتمون إلى قبائل من المبدعين، عابرة للأوطان، أكثر من انتمائهم إلى تيارات أو اتجاهات قومية. يُخاطبون الكرة الأرضية بأكملها ويقترحون أعمالاً مجرّدة، بشكل واسع، من النزوع الإقليمي... يضمّ معرض "المغرب المعاصر" مجموعة من الفنانين من أجيال مختلفة، بعضهم روّاد الرسم المغربي الحديث، وهم شباب يُجرّبون تقنيات مختلفة، يبلغ عددهم 80 رسّاماً، على وجه التقريب، وهم يُقدّمون بانوراما واسعة جداً عن الإبداع في المغرب.

يعيش هؤلاء الفنانون، بشكل كامل، الغليان الفنّي والثقافي الذي يعرفه المغرب، اليومَ، ويعبّرون عن التنوّع الثقافي واللساني والإثني والطائفي لمجتمعهم. للمرّة الأولى تجد فضاءات "معهد العالم العربي" نفسها، كلّها، مستنفرة من أجل مشروع وحيد، من قاعة الاجتماعات إلى السطح، مروراً بكلّ فضاءات العرض وبدءاً بالساحة التي ستنصب فيها خيمة فخمة من الجنوب المغربي. ولكي يتاح للجمهور أن يستعيد شيئاً من المناخ والجو اللذين تُزهِر في داخلهما التيارات الفنية والأعمال التي تشكّل خصوصية الإبداع المغربي المعاصر، فإنّه لا يتوجب على أيّ فصلٍ أن يأتي ليحبس هذه التيارات في جو حميميّ خاصّ.

المساهمون