التهجم على لطيفة بن زياتن بالبرلمان الفرنسي..ومواقع التواصل تتضامن

24 ديسمبر 2015
لطيفة بن زياتن (Getty)
+ الخط -

تلقفت شبكات التواصل الاجتماعي في فرنسا خبر الاعتداء الشفهي، العنيف، على لطيفة بن زياتن، تحت قبة البرلمان الفرنسي، إذ كانت مدعوّة للمشاركة في ندوة. وسبب الهجوم الظاهر هو ارتداؤها للحجاب ودفاعها عن العلمانية، لأن الحجاب والعلمانية لا يتوافقان كما زعم المهاجمان.

ويعرف الفرنسيون، مسلمين وغير مسلمين، لطيفة بن زياتن، فهي والدة الجندي الفرنسي عماد الذي اغتاله الإرهابي محمد مراح، قبل أن يسقط هو الآخَر صريعا برصاصات الشرطة الفرنسية، أثناء محاصرتها للمنزل الذي كان يختبئ فيه.

وبعد مقتل ابنها، آلت على نفسها أن تكرّس وقتها، بلا كلل، لبثّ روح التسامح ومحاربة التطرف الذي يسود بين كثير من شباب الضواحي والأحياء الشعبية الفرنسية، وأيضا في بعض المساجد والسجون.

وهو عمل أثار إعجاب الكثير من السياسيين والفرنسيين، من كل الاتجاهات السياسية، وساهم في حصولها على تكريم وميداليات تقديرية، من بينها جائزة مؤسسة جاك شيراك لسنة 2015.     

وقد عادت لطيفة بن زياتن للحديث عما جرى لها قبل أسبوعين من صرخات استهجان بعض الحضور في البرلمان الفرنسي أثناء ندوة أقيمت فيه، يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2015، بسبب ارتدائها للحجاب، فأعلنت عن نيتها التقدم بشكوى قضائية ضد من تسببوا في ذلك.

وتعترف لطيفة بن زياتن بأن أكبر مشكلة تعاني منها في تحركاتها وأنشطتها، وضمن الجمعية التي أسستها بعد مقتل ابنها، الذي كرست له كتابا بعنوان "موت من أجل فرنسا"، والتي تحمل اسم "جمعية عماد بن زياتن من أجل الشباب والسلام"، هي قضية "الحجاب الذي تضعه على رأسها"، والذي يجعل الكثيرين من متشددي العلمانية يرون أنه لا يتناسب مع خطابها حول التسامح والعلمانية والعيش المشترك.

وتضيف "حين تتحدث عن العلمانية أو الجمهورية، يقدّر بعض الأشخاص أنك في مكان غير مناسب. رغم أني مواطنة وفرنسية، وأحب هذا البلد، وأحب قِيَمَه، وأنا مغربية وفخورة بذلك، ومسلمة وفخورة أيضا بذلك. أعيش هذا بكثير من الكرامة والاحترام".

وتروي لطيفة أنه أثناء خروجها من القاعة بعد مشاركتها في ندوة جمعتها مع النائب الاشتراكي والوزير السابق جان غلافاني، تتبعها شخصان وقالا لها: "أنتِ لست فرنسية، أيتها السيدة، تقولين إنك تمتلكين الجنسية الفرنسية، ولكنك لا تستطيعين أن تتحدثي عن العلمانية وأنتِ تضعين حجابا، أنت تجلبين العار لفرنسا"... وتشدد والدة القتيل عماد على أنها تألمت كثيرا لكلمة "العار"، التي تسببها لفرنسا.

ترفض لطيفة أن تذكر اسم هذين الشخصين اللذين اعتديا عليها، شفهيا، وبعنف ظاهر. وتؤكد أنهما معروفان في الحزب الاشتراكي الفرنسي، وأنها ستلجأ للقضاء، لاستعادة حقوقها.

وتسخر لطيفة بن زياتن من القراءة المتشددة للعلمانية، تقول إنه لا مانع لديها من مصافحة الآخَرين وحتى معانقتهم، وتضيف أن العلمانية لا تتعارض مع الحجاب الإسلامي، (الذي بدأت ارتداءه بعد مقتل ابنها وبعد أدائها فريضة الحج)، أو القلنسوة اليهودية أو الصليب المسيحي.

لا يبدو أن لطيفة بن زياتن تتذكر، أو ربما تناست، تصريحات نارية لرئيس الوزراء الحالي مانويل فالس، وهو يدق على الطاولة ويقول: "إن الحجاب كان، وسيظلّ، الصراع الأساسي للجمهورية"، بينما يزعق، والعرق يتصبب منه: "يجب أن يلبس اليهود الفرنسيون القلنسوة في فرنسا ويشعروا بالفخار".

والمفارقة الكبيرة، هي أنه في الوقت الذي يتعرض فيه حجابُها للسخرية، تتلقى دعوات من الإيليزيه. كما أنه يحكم عليها البعضُ بأنها ليست فرنسية ولا يحق لها أن تتحدث عن العلمانية، في الوقت الذي قدم ابنها عماد نفسَه، فداء لهذه الدولة وهذه الجمهورية.

وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى للهجوم، وأكثرها إيلاما، صدر من الصحافي الجزائري محمد سيفاوي، الذي ألّف كتابا مشتركا مع عبد الغني مرّاح، أخ الإرهابي قاتل عماد بن زياتن.

وجاء الهجوم في القناة الرسمية الفرنسية الثانية. وعاب فيه سيفاوي على والدة الجندي القتيل ارتداءها للحجاب. وقال في سخريته اللاذعة: " كيف يمكننا أن نقول لفتيات يافعات إن الحجاب يُوسّخ الأنوثة ونُدخل عليهن سيدة محجبة تقوم بتعليمهنّ قِيَم الجمهورية".

وأضاف متهجما: "ليس لأن الأمر يتعلق بامرأة فقدت ابنها، لأن كثيرات يوجدن في مثل حالتها، وهن مئات، حتى نجعل منها مستشارة في مكافحة الإرهاب".  
 
المساهمون