تحقق "قوات سورية الديمقراطية"، المدعومة من "التحالف الدولي" وأميركا خصوصاً، تقدماً كبيراً في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، حيث تحاول الاقتراب من أهم وأكبر حقول النفط في سورية، فيما تسعى قوات النظام المدعومة من روسيا إلى فرْض طوق حصار على مسلحي تنظيم "داعش" داخل المدينة. واتهم نظام بشار الأسد الولايات المتحدة بمسابقة قواته في دير الزور بدل محاربة تنظيم "داعش"، في مؤشر واضح على أن الصراع على دير الزور دخل مرحلة تنافس ربما تفضي إلى مواجهة بالوكالة بين الروس والأميركيين في شرقي سورية، إذا لم يتدارك الطرفان الموقف ويحددا مناطق السيطرة في المحافظة الغنية بالبترول، فضلاً عن موقعها الجغرافي المميّز.
وأشار "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إلى أن طائرات "التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة، "نفذت مزيداً من الضربات مستهدفة مناطق سيطرة تنظيم (داعش) في بلدة الصور وأماكن أخرى في الريف الشمالي لدير الزور، بالتزامن مع الاشتباكات العنيفة بين عناصر التنظيم وقوات سورية الديمقراطية". وأشار المرصد إلى أن الأخيرة تتقدم "مدعمّة بقوات خاصة أميركية والتحالف الدولي"، موضحاً أنها "تمكنت من تحقيق تقدم في محيط بلدة الصور إذ سيطرت على قريتين بالقرب من البلدة، كما تحاول استكمال سيطرتها على البلدة"، وفق المرصد.
واتهم النظام السوري طيران "التحالف الدولي" باستهداف بلدة الصور بالفوسفور الأبيض، ما أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين في البلدة، وفق ما نقلت وكالة "سانا" عن مصادر في قوات النظام، أشارت إلى أن طيران "التحالف الدولي" قتل مدنيين أيضاً في بلدة مركدة في ريف الحسكة الجنوبي. وتقع بلدة الصور على طريق الحسكة-دير الزور شمال نهر الفرات، وهي غير بعيدة عن حقل "العمر" النفطي الذي سيطر عليه "داعش" في منتصف عام 2014. وأوضحت مصادر محلية في حديث مع "العربي الجديد" أن بلدة الصور تقع شمال مدينة دير الزور بنحو 50 كيلومتراً، مشيرةً إلى أن انتزاع السيطرة عليها يعد خطوة واسعة باتجاه السيطرة على كامل ريف دير الزور الواقع شمال نهر الفرات. وبيّنت المصادر أن خطوط إمداد تنظيم "داعش" في مدينة دير الزور تقع في بلدة الصور، لافتةً إلى أن خسارة التنظيم للبلدة ربما يكون مقدمة لانهياره في المدينة. وذكرت أن البلدة تبعد عن حقل "العمر" النفطي نحو 30 كيلومتراً.
وفي السياق نفسه، أعلنت قوات النظام أنها لا تزال تخوض اشتباكات مع مسلحي "داعش" في دير الزور ومحيطها، مشيرةً إلى أن هذه الاشتباكات تتركز في حويجة صكر على المحور الجنوبي الشرقي لمدينة دير الزور، وفي قرية الحسينية شمال شرق المدينة على أطراف حويجة كاطع، وفي أحياء الحويقة والعرضي داخل المدينة. وكانت قوات النظام قد عبرت في 18 سبتمبر/أيلول الحالي، على جسور عائمة روسية، إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات في محاولة لتطويق مسلحي التنظيم داخل المدينة، أو دفعهم إلى الانسحاب منها إلى الريف الشرقي.
وقال مندوب النظام في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، الأربعاء الماضي، إن الأميركيين "زجوا بكامل قواتهم في دير الزور، لمسابقة الجيش السوري بدلاً عن محاربة تنظيم داعش". وأضاف، خلال جلسة لمجلس الأمن، أن قوات النظام استعادت مدينة دير الزور والمواقع المحيطة بها". وأضاف "إلا أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، أوقف عملياته في الرقة، وزج بما يسمى قوات سورية الديمقراطية التي يدعمها في دير الزور". وذكر أن الصور الجوية التي التقطها الروس بالأقمار الاصطناعية "تظهر وحدات أميركية مع داعش يتناوبون ويتبادلون المواقع من دون قتال، وطائرات مروحية تنقل قيادات من داعش إلى مكان ما"، مشيراً إلى قيام طيران "التحالف الدولي" بقصف موقع لقوات النظام في جبل الثردة في دير الزور في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي. واعتبر الجعفري أن ذلك القصف مكّن داعش من السيطرة على الموقع، وقصف مدينة دير الزور على مدار سنة بكاملها.
في سياق موازٍ، لا تزال مدينة الرقة التي كانت أبرز معاقل تنظيم "داعش"، تشهد اشتباكات بين مسلحيه و"قوات سورية الديمقراطية" التي ضيّقت الخناق على التنظيم، إذ بات الأخير مطوقاً في بقعة جغرافية ضيقة داخل المدينة. وتسللت مجموعة من مسلحي التنظيم منذ يومين إلى حيي الصناعة، والمشلب، وقرية رقة السمرا شرقي المدينة. إلا أن مصادر في "سورية الديمقراطية" أكدت أنها تستعد لخوض اشتباكات مع هؤلاء المسلحين لطردهم من القرية. وأكدت أن عدداً من مسلحي التنظيم ممن تسللوا قتلوا الأربعاء الماضي. ويحاول التنظيم فتح ثغرات في طوق الحصار عليه في الرقة، لكنه بات في وضع عسكري لا يمكّنه من إحداث اختراق يغيّر معادلات المعركة التي أوشكت على نهايتها بعد نحو أربعة أشهر من انطلاقها.
على صعيد آخر، لم تتضح بعد أبعاد ما يجري في الجنوب الشرقي من سورية. وذكرت مصادر أن فصيلي "أسود الشرقية"، و"أحمد العبدو" يتجهان إلى مغادرة مواقعهما في ريف السويداء الشرقي إلى داخل مخيم "الركبان" على الحدود السورية الأردنية، في خطوة تسبق دخولهما إلى معسكرات داخل الأردن، نزولاً عند رغبة أميركية. إلا أن مصادر مقربة من الفصيلين أكدت، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنهما يحاولان التمسك بمواقعهما وعدم تسليمها لقوات النظام السوري. وبيّنت أن الضغوط الأميركية "تتصاعد" عليهما، مرجحةً عدم قدرتهما على مواجهة هذه الضغوط. وتريد واشنطن تأهيل الفصيلين في معسكرات "الأزرق" الأردنية قبل زجهما في الحرب ضد "داعش"، لكن الفصيلين التابعين للمعارضة السورية يرفضان ذلك حتى اللحظة.