التمايزات الخليجيّة من الاتفاق النووي: السباق النووي مرجّح

16 يوليو 2015
اللااستقرار يهدّد علاقات إيران بالخليج (فرانس برس)
+ الخط -
تباينت ردود الأفعال الخليجية إزاء الاتفاق النووي بين إيران والغرب، ففيما سارعت الإمارات إلى تهنئة إيران على الاتفاق، بدت الكويت حذرة، حتى أن السعودية كانت أكثر صراحة في إبداء شكوكها من عدم التزام إيران بالاتفاق. وحذّرت على لسان مصدر مسؤول فيها، الإيرانيين من الاستمرار في سياسة التدخل في شؤون دول الجوار العربية. واعتبرت أن "استخدام بند رفع العقوبات الاقتصادية عنها في إثارة الاضطرابات والقلاقل، سيُواجَه بردود فعل حازمة من دول المنطقة".

يقول الأكاديمي والمحلل السياسي خليل الخليل، لـ"العربي الجديد"، إن "دول الخليج متّفقة على حق إيران في برنامجها النووي السلمي، ولكنها ببساطة لا تثق في نوايا وأهداف القيادات الدينية والسياسية الإيرانية، العابرة للحدود لأهداف طائفية". ويرى خليل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذه النوايا هي التي تُشكّل تهديداً لدول الجوار ولمنطقة الشرق الأوسط، وحتى للشعب الإيراني ذاته، وتُشكّل تهديداً للسلم والأمن في العالم".
ويشدد على أن إيران "ستظلّ تعاني في داخلها ومع دول الجوار من أزمة ثقة، حتى تتخلّى عن لغتها العدوانية، عندها يُمكن لدول الخليج شعوباً وقيادات أن تطمئن وتتفاهم وتتعاون مع الجمهورية الإسلامية، بعيداً عن التجاذبات المذهبية وإثارة القلاقل، كما هو الواقع المقلق في لبنان وسورية والعراق واليمن".

ولا يختلف موقف الكويت عن موقف السعودية، فقد كانت حذرة ولكن بصورة أكثر دبلوماسية. ويقول الخبير السياسي الكويتي، عبد العزيز المليفي، في هذا الصدد، إن "اختلاف الموقف الخليجي تجاه الاتفاق النووي الإيراني، يعود لاختلاف علاقات كل واحدة من هذه الدول مع إيران".

اقرأ أيضاً: إيران تستقبل الوفد المفاوض وتؤكّد إنجازاتها النووية 

ويضيف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الكويت رحّبت بالاتفاق متأملة أن يكون أفضل لمستقبل المنطقة، فهي قريبة من إيران وتخشى من تبعات ما قد يحدث. وموقف الكويت أكثر حساسية من غيرها". ويكشف أنه "كان من المفترض أن يكون موقف الإمارات أكثر تشدداً، فإيران ما تزال تحتل ثلاث جزر إماراتية، ولكنها قدّرت موقفها بشكل يضمن مصلحتها، أما الموقف السعودي فكان أكثر صراحة في إبداء القلق من استمرار إيران في سياستها الحالية في المنطقة".

ومع أنه لا يُمكن الحكم على الاتفاق إلا بحصول تطورات نوعية على الأرض، يؤكد المليفي على أن "الاتفاق جيد على الورق ولكن العبرة في التطبيق"، مشيراً إلى أن "الخوف يكمن في استغلال إيران رفع العقوبات الاقتصادية عبر إغراق المنطقة بالمزيد من الأزمات".

بدوره، يشدد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، شافي الدامر، على أهمية أن "يكون هناك خط عودة في الاتفاق، في حال لم تلتزم إيران بالبنود كاملة". ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه "يجب أن تتم إعادة العقوبات بشكل فوري وكامل عند إخفاق إيران (المتوقع) في الالتزام به، وألا يحتاج لقرار جديد من مجلس الأمن". ويضيف أن "هذا الأمر يجب أن يحدده قرار مجلس الأمن الخاص بالاتفاق ورفع العقوبات، وأعتقد أن الكونغرس الأميركي سيُصدر قراراً قريباً في هذا السياق".

ويحذر الدامر من أن "الاتفاق بما أُعلن من بنود، لا يعطي أية ضمانات على أن طموح إيران بامتلاك أسلحة نووية سيتوقف للأبد، ويضيف: "الاتفاق لا يعطي تأكيداً قاطعاً على القضاء على البرنامج النووي العسكري الإيراني، فالغرب أقرّ بحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ولكنه لا يضمن ألا تنتج إيران أسلحة نووية".

ويتابع: "النسب التي أبقى الاتفاق عليها من إنتاج اليورانيوم لا تُلغي قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية، إن لم تكن فعلاً قريبة من ذلك، فهي تعرف كيف تقوم بذلك، وتملك التقنية اللازمة، حتى ولو لم تقم بالتجربة النووية أو الإعلان عن ذلك". وشدد على أن "لا أحد يعلم ماذا كان الإيرانيون يفعلون طوال السنوات العشر الماضية، خصوصاً أنه كانت لديهم الخبرة في هذا المجال".

هل يمكن الرهان على أن إيران ستكون محور استقرار في المنطقة؟ يعتقد الأستاذ المشارك في قسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات، عبد الخالق عبدالله، أن "أي رهان على إيران سيكون خاسراً، لأن خطورة إيران ليس في برنامجها النووي فحسب، ولكن في برنامجها السياسي، ولا أعتقد أن الاتفاق سيوقف إيران السياسية".

كما يؤكد محللون سياسيون على أنه "بات من الضروري في ظلّ هذا الوضع أن تبدأ الدول الخليجية تفعيل برامج نووية خاصة بها، خصوصاً أن السعودية وقّعت بالفعل بعض الاتفاقيات لإنشاء مفاعلات نووية مع روسيا وقبلها كوريا الجنوبية وفرنسا، ستمتلك بموجبها 16 مفاعلاً نووياً بحلول العام 2030، بتكلفة إجمالية قدرها 100 مليار دولار".

ويضيف هؤلاء أن "الإمارات بدأت بالفعل في مشروعها النووي السلمي، وعلى الرغم من أنّ مشاريع السعودية النووية تصبّ في الإطار السلمي، فإنّ السماح لإيران بامتلاك القدرة على تصنيع السلاح النووي على المدى البعيد، يهدّد بإطلاق سباق تسلّح نووي في المنطقة".

ويؤكد المحلل السياسي، يوسف الكويليت، على أنه "يجب ألا تنتظر السعودية ودول الخليج أن تعلن إيران عن امتلاكها السلاح النووي، وأن تمضي السعودية قدماً في برنامجها النووي". ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "الفارق بين المشروع السعودي والإيراني هو أن المشروع السعودي معروف بسلميته، بينما كانت إيران تخفي نواياها العسكرية خلفه". ويضيف: "الأمور لا تؤخذ بالقواعد السياسية فقط، بل بعملية احتكار هذه التقنية النووية. ستكون لدى السعودية القدرة على امتلاك السلاح النووي في حال فعلت إيران ذلك. هذا خيار لا بدّ منه. من المهم أن تمتلك السعودية القنبلة النووية، لأن إيران جارة لا يُمكن الوثوق بها أبداً، ولا يُمكن أن تُعطى الفرصة للهيمنة على المنطقة".

أما بالنسبة للمحلل السياسي السعودي، عبدالله الشمري، فـ"الأخطر في الموضوع كله هو التحول في العقيدة السياسية لدى الولايات المتحدة والغرب تجاه إيران والعكس". ويشير، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "إيران والتي كانت محور الشر، تحولت لدولة عاقلة وموثوقة، والولايات المتحدة والتي كانت الشيطان الأكبر أصبحت في نظر الإيرانيين حامياً لإيران من اللوبي الإسرائيلي في واشنطن". ويعتقد الشمري أن "هناك تحولاً كبيراً في المزاج السياسي الغربي لصالح إيران، وهذا سيكون على حساب المصالح العربية في المنطقة، فالاتفاق جاء في توقيت غير جيد بالنسبة للرياض، التي لم تستطع حسم الملف اليمني سريعاً". ويلفت إلى أنه "لا شك أن الانعكاسات السريعة ستكون مؤثرة على الوضعين اليمني والسوري وكذلك العراقي واللبناني لصالح إيران".

اقرأ أيضاً الصحف الإسرائيلية: الاتفاق النووي حقيقة وخط نتنياهو فشل كليّاً
المساهمون