"تتشابه أمنياتنا وأمنياتكم، فكلنا نريد السلام والخير والتسامح والغفران. في مبنى الإذاعة والتلفزيون، التقيت بالصدفة ببعض المذيعات السوريات، وكانت هذه الأمنيات". بهذه الكلمات افتتحت المذيعة السورية، فاتنة محمد، المشهد السنوي الذي يعرض في ليلة رأس السنة على التلفزيون السوري، في سنة 1993. كانت الابتسامة العريضة لا تفارق وجهها، لعل الجماهير يستقبلون العام الجديد بتفاؤل، وأعادت تكرار السؤال ذاته على كل المذيعات اللواتي قابلتهن بالصدفة في مبنى الإذاعة، وهو: "ما هي أمنياتكِ للعام الجديد؟" واختلفت المذيعات المتفاجئات على ترتيب الأمور التي تمنّينها جميعاً، فبعضهن أعطى الأولوية للسلام، والبعض أعطوا الأولوية للصحة أو السعادة.
إن هذا النوع من الجولات الاستقصائية، قديم بقدم التلفزيون السوري. فالتلفزيون منذ تأسيسه، لم يفوّت مناسبة هامة، مثل رأس السنة الميلادية أو الهجرية، والأعياد، وفي جميع هذه المناسبات كان يتبع نفس الأسلوب الاستقصائي.
واستحضرت هذه الفقرة في عدد كبير من المسلسلات السورية، وسخرت بدورها من الأسئلة النمطية، والقوالب الجاهزة للأجوبة؛ ويقول بسام كوسا وهو يخاطب الممثلة مانيا النبواني، التي تلعب دور المذيعة، في إحدى حلقات بقعة ضوء، والتي حملت اسم "نرفزات": "أنو ليش ما بتفكروا تجددوا أسئلتكن؟ يعني وقت تسأليني شو بتتمنى للعالم بالسنة الجديدة، أكيد حقول بتمنى يعم السلام والمحبة، يعني أكيد ما رح تكون أمنيتي خراب العالم".
وبعد أن انطلقت الثورة السورية سنة 2011، استثمر الإعلام السوري هذه الفقرة، ليبين رأي الشارع السوري السياسي من وجهة نظره، ليؤكد من خلال أمنيات الناس في ليلة رأس السنة، ولاء الشعب للقائد والنظام؛ فاستبدل المواطنون الشرفاء الذين يختارهم التلفزيون السوري أمنية السلام والمحبة، بأمنية تلائم التوجه السياسي للنظام، فأصبح الناس يتمنون عودة سورية كما كانت قبل "الأزمة السورية"، كما أصبحوا يتمنون الأمان والاستقرار، والعمر الطويل لبشار الأسد! بل إن البعض زجوا عبارات الكراهية في أمنياتهم، وتمنوا القضاء على الإرهابيين الذين خربوا البلد. ولكن الفقرة الأسوأ التي أضافها إعلام النظام في سهرات ليلة رأس السنة، هي فقرة الحوارات السياسية، حيث يستضيف التلفزيون السوري المحللين السياسيين وعالمي الفلك، الذين يتوقعون مع نهاية كل سنة بأن يكون العام المقبل هو عام القضاء على الإرهاب بشكل نهائي، ويستعرضون انتصارات الجيش السوري ويهينون الثورة، ليجعلوا المشاهد يشتاق بالفعل لكليشهات الاستقصاء السوري وبرامج الكاميرا الخفية والأبراج.
اقــرأ أيضاً
إن هذا النوع من الجولات الاستقصائية، قديم بقدم التلفزيون السوري. فالتلفزيون منذ تأسيسه، لم يفوّت مناسبة هامة، مثل رأس السنة الميلادية أو الهجرية، والأعياد، وفي جميع هذه المناسبات كان يتبع نفس الأسلوب الاستقصائي.
واستحضرت هذه الفقرة في عدد كبير من المسلسلات السورية، وسخرت بدورها من الأسئلة النمطية، والقوالب الجاهزة للأجوبة؛ ويقول بسام كوسا وهو يخاطب الممثلة مانيا النبواني، التي تلعب دور المذيعة، في إحدى حلقات بقعة ضوء، والتي حملت اسم "نرفزات": "أنو ليش ما بتفكروا تجددوا أسئلتكن؟ يعني وقت تسأليني شو بتتمنى للعالم بالسنة الجديدة، أكيد حقول بتمنى يعم السلام والمحبة، يعني أكيد ما رح تكون أمنيتي خراب العالم".
وبعد أن انطلقت الثورة السورية سنة 2011، استثمر الإعلام السوري هذه الفقرة، ليبين رأي الشارع السوري السياسي من وجهة نظره، ليؤكد من خلال أمنيات الناس في ليلة رأس السنة، ولاء الشعب للقائد والنظام؛ فاستبدل المواطنون الشرفاء الذين يختارهم التلفزيون السوري أمنية السلام والمحبة، بأمنية تلائم التوجه السياسي للنظام، فأصبح الناس يتمنون عودة سورية كما كانت قبل "الأزمة السورية"، كما أصبحوا يتمنون الأمان والاستقرار، والعمر الطويل لبشار الأسد! بل إن البعض زجوا عبارات الكراهية في أمنياتهم، وتمنوا القضاء على الإرهابيين الذين خربوا البلد. ولكن الفقرة الأسوأ التي أضافها إعلام النظام في سهرات ليلة رأس السنة، هي فقرة الحوارات السياسية، حيث يستضيف التلفزيون السوري المحللين السياسيين وعالمي الفلك، الذين يتوقعون مع نهاية كل سنة بأن يكون العام المقبل هو عام القضاء على الإرهاب بشكل نهائي، ويستعرضون انتصارات الجيش السوري ويهينون الثورة، ليجعلوا المشاهد يشتاق بالفعل لكليشهات الاستقصاء السوري وبرامج الكاميرا الخفية والأبراج.