مشاهدة متدنية في رمضان... التلفزيون الرسمي التونسي وأسئلة المستقبل

04 يونيو 2017
تؤثر نسب المشاهدة على الإعلانات (كيم بدوي/Getty)
+ الخط -
يبدو أن النتائج اليومية التي تنشرها المكاتب المختصة في قياس نسب الاستماع والمشاهدة في تونس لا تحمل الأخبار الرمضانية السارة للتلفزيون الرسمي التونسي، بقناتيه الأولى والثانية.

فهذا التلفزيون، رغم الأموال التي أنفقها استعداداً لشهر رمضان من خلال عديد الإنتاجات، إلا أنه فشل في شد المشاهد التونسي، حيث يحتل مسلسل "الدوامة" الذي أنتجه التلفزيون الرسمي التونسي المرتبة السابعة في ترتيب البرامج الأكثر مشاهدة من قبل التونسيين في الأيام الأولى من شهر رمضان.

التلفزيون الرسمي الذي يشغل أكثر من 1200 عاملٍ بين إعلاميين وتقنيين وإداريين ويمتلك مقراً ضخماً في هضبة شمال الهيلتون في العاصمة التونسية لم ينجح في تقديم برمجة تنافسية للقنوات الخاصة.

فوفقاً لشركة "سيغما كونساي" المختصة في قيس نسب الاستماع والمشاهدة، لم يحظ التلفزيون الرسمي في أوقات الذروة عنده بشدّ أكثر من 800 ألف مشاهد تونسي، وهو رقم يعتبر ضعيفاً جدًا إذا قورن مثلاً بعدد مشاهدي قناة "الحوار التونسي" الخاصة في أوقات ذروة المشاهدة والتي تراوحت ما بين 6 و7 ملايين مشاهد، أو بعدد مشاهدي قناة "نسمة تي في" التي بلغ عدد مشاهديها في أوقات الذروة ما بين 3 و4 ملايين مشاهد.

تلك الأرقام جعلت التلفزيون الرسمي يتذيل قائمة القنوات الأكثر مشاهدة وهو الأمر الذي سينعكس حتماً على عائداته المالية من الإعلانات التجارية التي تزدهر سوقها في شهر
رمضان.

وضعية التلفزيون التونسي أرجعها الكاتب العام للنقابة العامة للإعلام، محمد السعيدي، إلى مشاكل هيكلية يعاني منها هذا التلفزيون تتطلب لإصلاحها إرادة حقيقية من كل الأطراف المتدخلة في هذه المؤسسة من مشرفين وعاملين بها حتى يمكن إنقاذ هذا التلفزيون الذي يعتبر علامة تاريخية في تونس، باعتباره التلفزيون الأول الذي تمّ تأسيسه في تونس فى فترة الستينيات من القرن الماضي.

إصلاحات هيكلية كان من المفترض أن تقوم بها الإدارة الجديدة التي تمّ تعيينها منذ أشهر بغاية ضخ دماء جديدة في التلفزيون الرسمي التونسي من خلال تعيين الياس الغربي وهو وجه إعلامي معروف في تونس، ويعتبر من القيادات الإعلامية الجديدة والشابة، لكن نتائج نسب المشاهدة الحالية تبدو أنها لا تؤكد نجاح هذا المسعى، حيث يحمّل الكثير من العاملين في التلفزيون الرسمي التونسي المدير العام الياس الغربي مسؤولية عدم نجاحه في المبادرة بتقديم حلول عملية للخروج بالتلفزيون من الوضع الذي تردى فيه.

حلول يرى المختص في علم اجتماع الإعلام، نورالدين الحاج محمود، أنها لا تخص التلفزيون الرسمي فقط بل كل الإعلام الرسمي التونسي (10 إذاعات – قناتان تلفزيونيتان – صحيفتان – وكالة أنباء) الذي يعاني من مشاكل كبرى. إذ قال "فشل الإعلام العمومي (الرسمي) في التموقع في المشهد الاتصالي التونسي موضوع من أهم المواضيع التي ينبغي الانكباب عليها، تشخيصاً وتحليلاً وحلولاً، من قبل الجهات الفاعلة في تونس وإلا فإن مآله الاضمحلال والانحسار والغياب الفاعل في المشهد العام".

ورغم الأسئلة المطروحة حول عمل "سيغما كونساي" وتفضيلها قناة "الحوار التونسي"، تحديداً بسبب ظهور مدير الشركة حسن الزروقي على برامج القناة باستمرار، إلا أنّ إحصائيات نسب المشاهدة للقنوات التلفزيونية في رمضان رغم تشكيك البعض فيها، أعادت الجدل من جديد حول مستقبل التلفزيون الرسمي في ظل المنافسة الشرسة التي يلقاها من القطاع الخاص الذي نجح في الاستحواذ على أكبر عدد من المشاهدين بإنتاجات غير مكلفة مادياً مقارنة بإنتاجات التلفزيون الرسمي.

المساهمون