التكنولوجيا لإدارة المحافظ المالية

27 يوليو 2015
تدابير تسرّع القرار الاستثماري (Getty)
+ الخط -
تهدف إدارة المحفظة المالية إلى تحسين عائد الأصول المالية من خلال الرفع من المردود وتقليص المخاطر. ويتم ذلك عبر مسار متكامل من العمليات الهامة والتي تخص تحليل جميع المعلومات المؤثرة في الأسواق المالية سواء كانت اقتصادية أو جيوسياسية، تحديد الأهداف الاستراتيجية للعملاء وأوليات العمل المتعلقة بتثمين رأس المال وتأمين الأداء، متابعة تطور الأصول المالية وتقييم مخاطرها، وكذلك الحرص على توازن المحفظة والاستفادة من عمليات البيع والشراء.

تحتاج إدارة المحفظة المالية إلى دراسة شاملة للقطاعات الاقتصادية، الأمر الذي يستوجب تشخيصاً عميقاً للوضع السياسي بشقيه الأمني المتعلق بالاستقرار، والإداري المرتبط بسيادة القانون، النزاهة وشفافية المعلومة، ثم تحليلاً واسعاً للحالة الاقتصادية والتي تظهر المميزات الاستراتيجية لقطاع معين.. إضافة إلى المفاضلة في الاختيارات الاستثمارية حسب مكامن الضعف والقوة، وكذا الفرص المتاحة والتهديدات المحتملة، وفحص مالي يبين القدرة على الاستثمار ومستوى التمويل المطلوب عبر كشف البنية المالية للأصول المطروحة في البورصة وحساب هوامش الربح.

اقرأ أيضا: الأساسيات التقنية للبرامج التعاونية

على هذا النحو، تتم قراءة حالة السوق المالية بالتعرف إلى الفاعلين بها ومدى تأثيرهم في صناعة القرار، تحديد القطاعات النشيطة بالبورصة والأسهم الأكثر تداولاً، حجم الاستثمارات الأجنبية وتداعياتها على العرض والطلب... علاوة على الترسانة القانونية المصاحبة لعمل المستثمرين.

وفي هذا النطاق، أصبحت التكنولوجيا المالية داعمة أساسية في إدارة المحفظة وذلك من خلال جانب عام، يرتبط أساساً بالأجهزة الذكية، البرامج الإدارية الإلكترونية والتي تخص إدارة المخاطر، القيام بعمليات البيع والشراء، الاطلاع على أحوال التداول المالي والنتائج المحصلة، والاتصال بشركات إدارة الأموال والمصارف. أما على الجانب الخاص، فنجد أنظمة معلوماتية موجهة تعمل على جوانب تقنية كمراقبة التسيير، التدقيق المالي، المراجعة المحاسبية، تسويق المنتجات المالية من أسهم وسندات، وكذلك، برامج رقمية للتداول وتقييم الأصول المالية وجداول للصرف والتجارة في العملات.

اقرأ أيضا: التحديات التكنولوجية في قطاع التأمينات

وعلى هذا الأساس، تساهم التكنولوجيا بشكل كبير في إدارة المحفظة المالية عبر تطبيقات لنموذج تسعير الأصول الرأسمالية، والذي يمثل تقييماً موزوناً لعائد الربحية حسب أسعار الأوراق المالية والتدفقات النقدية، حيث يأخذ في الحسبان مخاطرة السوق وباقي المخاطرات المتغيرة ليتم تحديد معدل سعر الفائدة واستنتاج ربحية المحفظة المالية، وذلك وفقاً لتنويع المنتجات المالية وتوزيعها بما يخفض من مستوى المخاطرة.

وتطبيقياً، ينطلق هذا النموذج من فرضيات السوق المتعارف عليها كغياب التكاليف التداولية، اتجاه المستثمرين نحو النفور من المخاطر، عدم التأثير على أسعار الأصول المالية، حرية المستثمرين في تعاملاتهم وفي الاقتراض، أسواق ذات حرية تامة وخالية من إكراهات تدبيرية كالضرائب، ليعمل على تسعير الأصول المالية بمقارنة نسبة العائد وحجم المخاطرة. وعلى الرغم من أن هذه الفرضيات صعبة التحقيق، يظل هذا النموذج الأكثر استعمالاً، حيث تعمل على تقويم المخططات الاستثمارية، تثمين الأصول، تحسين الفهم العام لسلوكيات السوق وتعزيز نجاعة المحفظة المالية. فهذه التطبيقات التكنولوجية تساعد على تزويد المستثمرين بالمعطيات الرئيسية لاتخاذ القرار المناسب في وقت ضيق، تأمين الأصول بالتوازن بين الربحية والمخاطرة، وكذلك تتبع حركة الأسواق وميول المستثمرين التي تتفاوت حسب الرغبة في المخاطرة. فهناك من يعاني من فوبيا المخاطرة ويستثمر في أصول مؤمنة كالسندات، وهناك من له شهية المغامرة فيتجه نحو أصول بعينها كالأسهم. وكذلك مستثمرون محايدين يعملون على تنويع محكم للأصول، والتوجه نحو منتجات مشتقة من الأصول والسندات وفي العديد من الأحيان إلى الاستثمار الجماعي في الأوراق المالية القابلة للتحويل.

اقرأ أيضا: تكنولوجيا النقل الذكي... إنه المستقبل

تزداد استعمالات التكنولوجيا في الأسواق المالية بشكل مطرد، فهي تعين صاحب القرار على تصميم الاستراتيجيات الاستثمارية، التقدم بمقترحات تطويرية لإدارة الأصول المالية، مع الأخذ بالاعتبار الآفاق المستقبلية للأسواق والتوجهات العامة للمؤسسات الاقتصادية والتجارية.
(باحث وأكاديمي مغربي)
المساهمون