التقليصات المالية تضر بمنظومة التدريبات للقوات البرّية الإسرائيلية

18 ابريل 2014
أسابيع التدريب للقوات البرية تراجعت بدرجة كبيرة (أرشيف،فرانس برس،Getty)
+ الخط -
أدّت التقليصات المالية في ميزانية وزارة الأمن الإسرائيلية إلى ضرب منظومة التدريبات العسكرية للقوات البرية الإسرائيلية، التي أقرّت بعد الفشل الإسرائيلي في الحرب الثانية على لبنان.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أقرّ منظومة تدريبات واسعة النطاق بهدف "سد الفجوات والثغر التي ظهرت جلياً خلال حرب تموز"، وذلك كجزء من العبر التي استخلصت من الهزيمة الإسرائيلية في الحرب.

وأشارت صحيفة "هآرتس" اليوم إلى أن سياسة التقليصات التي أقرتها وزارة الأمن، تضرّ بمساعي الجيش الإسرائيلي لاستعادة قدراته البرية، إلى درجة تدفع القادة الميدانيين في الجيش الإسرائيلي، إلى ارتجال أنماط من التدريبات والمناورات العسكرية بسبب نقص الميزانيات.

وقالت صحيفة "هآرتس" إن الأضرار تطال نشاط القوات البرية الإسرائيلية، سواء في صفوف القوات النظامية أو قوات الاحتياط.

وبحسب الصحيفة، فإنه إذا لم تتغير سياسة التقليصات، فقد يؤدي ذلك إلى "إلحاق ضرر جوهري وعميق في قدرات سلاح البرية مع حلول العام 2015". فقد قلصت الهيئة العامة لأركان الجيش التدريبات للقوات النظامية بشكل كبير. وأوقفت تدريبات قوات الاحتياط كلياً منذ النصف الثاني للعام 2013، وذلك بفعل "المعارك" مع قسم الميزانيات في وزارة المال الإسرائيلية.

وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أقر إعادة حصة الأسد من ميزانيات التدريبات والبالغة 2.7 مليار شيكل، فإن هذه المبالغ ليست كافية لسد احتياجات الجيش بفعل الفجوة بين ما قدّر الجيش بأنه سيحصل عليه من ميزانيات وما حوّل له فعلياً.

ولجأ الجيش الإسرائيلي إلى خطة فصل كبيرة وواسعة النطاق لـ5 آلاف جندي نظامي كحلّ أولي مع إقرار تقليص في ساعات وأيام التدريبات العسكرية.

لكن بفعل تغييرات في قوانين استدعاء قوات الاحتياط لفترات طويلة، والاستعاضة عنها بالوحدات النظامية التي تُستدعى للقيام بعمليات الأمن الجارية واليومية في الأراضي المحتلة، تقلّ أيام التدريبات الفعلية والمهنية للقوات البرية، فيما تم تقليص عدد أيام التدريبات لوحدات الاحتياط غير القتالية.
ووفقاً لتقرير "هآرتس"، فإن قادة الوحدات البرية يحاولون منع تكرار الأخطاء التي أدت إلى وهن وتآكل المهارات القتالية للوحدات البرية، كما تجلى وضعها خلال الحرب الثانية على لبنان.

لكن التقرير يقول إنه بات واضحاً الآن أن هناك تراجعاً كبيراً في جاهزية الوحدات البرية اليوم في الجيش الإسرائيلي. وهو تراجع قد يتفاقم إذا لم يطرأ أي تغيير على منظومة التدريبات العسكرية المقررة للعام 2015.

ويوضح التقرير، الذي تنشره "هآرتس" أنه في ظل النشاط العسكري المتواصل للقوات البرية في مختلف القطاعات، ولا سيما في الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى الحدود مع الجولان على مدار العام، لا يبقى للوحدات البرية أكثر من 13-16 أسبوع تدريب في العام، مقارنة بفترة تدريبات مكثفة تفاوتت بين 4-5 أشهر لكل وحدة بعد الحرب.

ويظهر التقرير أن العمل العسكري الجاري للقوات البرية في الضفة والقطاع وعلى الحدود السورية، لا يؤدي فقط إلى تآكل القدرات العسكرية بل يؤدي أيضاً إلى "بلادة" في مشاعر الجنود. يُضاف إلى ذلك، أن قضاء وقت طويل على الحواجز العسكرية من شأنه أن يبعث الملل في نفوس الجنود ويقلص من يقظتهم وقدراتهم القتالية. وهو ما يدفع عادة الجنود إلى القيام بأعمال مرفوضة.

ومع أن قائد وحدات "الناحل" في الضفة الغربية، العقيد يهودا فوكس، بحسب "هآرتس" أخرج أفراد الوحدة إلى أسبوع تدريبات تضمن الخروج من روتين الحراسة عند الحواجز والعمليات الميدانية في الضفة الغربية لإعاة الروح القتالية عند جنوده، إلا أنه أقرّ في حديثه مع الصحيفة بأن هذا الحل لا يمكن أن يكون صالحاً للمدى البعيد.

وأشار إلى أنه من أجل الحفاظ على المهارات والقدرات القتالية للوحدات العسكرية، هناك حاجة لتدريبات مكثفة وبوتيرة عالية. واعترف بأن تواجد قواته في الضفة الغربية في نشاط ميداني يومي لتسعة أشهر في السنة ليس ناجماً عن خطة مهنية أو عقيدة قتالية بل بفعل النقص في الميزانيات.

ويقرّ فوكس بأن النشاط الميداني للجنود في الضفة الغربية لا يمكن أن يعوض عن التدريبات العسكرية، إذ إن العمليات التي يقوم بها الجنود والتحديات التي يواجهونها لا تتعدى أحياناً الثلاثين ثانية، يكون القرار فيها دائماً للجندي.

ووفقاً لفوكس، فإن هؤلاء الجنود لا يعرفون طبيعة أخرى للميدان العسكري والبري غير الذي يواجهونه في الضفة الغربية. وأضاف "هذا الجندي لم يتدرب 50 في المئة من وقته، ولا عرف ساحة حرب وقتال أطلقت عليه النيران يومياً". ولذلك فإن "الجنود يعتادون على ما ندربهم عليه اليوم"، بحسب فوكس.

وتشير "هآرتس" إلى أن الجيش الإسرائيلي يعترف اليوم بأنه يواجه مشكلة، لكنه يقر بأن حالته أفضل بكثير مما كانت عليه عشية الحرب الثانية على لبنان.

ومع إقرار الجيش بالمس بقدراته القتالية وتدريباته خلال العام 2014 إلا أنه يعول على تصحيح مسار التدريبات خلال العام 2015، ولا سيما أن تقديرات رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال بني غانتس، تتحدث عن أن احتمالات خوض حرب مع جيش تقليدي لإحدى الدول العربية في السنوات المقبلة هي ضئيلة جداً.

في المقابل، فإن عدم الاستقرار في العالم العربي يزيد من خطر تدهور الأوضاع، موضعياً عند إحدى الجبهات الحدودية التي من شأنها أن تتطور إلى مواجهة واسعة، من دون أن يكون الطرفان معنيين بها.

وفي السياق، تكشف "هآرتس" أن تقليص التدريبات البرية في الجيش الإسرائيلي يأتي في إطار الاتجاه العام في الجيش نحو تحويل الميزانيات لسلاح الجو، وقسم الاستخبارات وحرب "السايبر"، وإن كان الجيش يعلن باستمرار أنه يستعد أيضاً لاحتمالات مواجهة برية في كل حرب.