التفتيش الأمني... طقس أفقد العراقيين راحتهم وخصوصيتهم

04 يونيو 2018
تفتيش مفاجئ دون سابق إنذار (العربي الجديد)
+ الخط -



عمليات تفتيش المنازل المفاجئة والمستمرة التي تجريها قوات الأمن العراقية في المناطق السكنية ببغداد وشمال وغرب ووسط البلاد بحثاً عن أسلحة أو مسلحين، وتلك الاحترازية التي تعقب الهجمات الإرهابية، أفقدت الأسر العراقية خصوصيتها منذ ما يزيد عن عقد ونصف العقد.

وبلا سابق إنذار أو محضر تفتيش قضائي ينفذ الجيش والشرطة عمليات تفتيش للمنازل والشقق السكنية باستمرار في أكثر من منطقة مرتين أو ثلاث في الشهر الواحد، وتتراجع أعداد تلك العمليات إلى مرة أو مرتين في العام. فالسكان لا يعلمون متى يُطرق بابهم وينادي الضابط أو الجندي بعبارة تفتيش حتى يتسنى للنساء ارتداء الحجاب، والاستعداد لعملية التفتيش التي تشمل كل شيء، بدءاً من خزانة الملابس مرورا بغرف الأطفال ومخزن المنزل وانتهاءً بالمطبخ.

وتعد عمليات التفتيش الليلة الأسوأ كونها تسبب الرعب للأطفال والنساء مع طرقات الجنود العنيفة على الأبواب.

وفرض هذا التحدي على الأسر العراقية انعدام الخصوصية داخل المنازل، تصل إلى درجة اضطرار النساء لارتداء الحجاب داخل البيت خوفا من لحظة اقتحام بلا استئذان بحثا عن سلاح أو مسلحين. كما باتت المدخرات والمواد الثمينة تشغل بال العائلات التي تبحث عن مكان لإخفائها خوفا من فقدانها بعد دخول الجنود أو أفراد الشرطة للتفتيش.

وعادة ما يكون إعلان صاحب المنزل عن سرقة حاجيات من منزله بعد التفتيش إيذانا بكسب عداوة مركز الشرطة أو الوحدة العسكرية في منطقته، التي يمكن أن تصل إلى حد اعتقاله بتهمة التلفيق والتجني على قوات الأمن.

عناصر أمن في أحد المنازل في العراق(العربي الجديد) 



ويقول أبو طلال، وهو أحد أهالي بلدة الحويجة، في محافظة كركوك، لـ"العربي الجديد": "تخلصنا من تنظيم داعش الذي احتل منطقتنا عدّة سنوات، لكنّنا مع ذلك لا نشعر بالأمن حتى في منازلنا"، مبينا أنّ "عمليات التفتيش لديهم تنفذها مليشيات الحشد والشرطة والجيش، وكل طرف يزعم أن الطرف الآخر لا يجيد التفتيش وعليه أن يدخل هو مرة أخرى ليفتش بنفسه". ويضيف: "هذا الموضوع فضلا عن أنه غير قانوني، فهو غير أخلاقي ومرعب ومؤذ ومذل، والسبب الوحيد لمعاودة النزوح مرة أخرى هو البحث عن مكان لا تفتش به ملابسنا ولا نضطر للوقوف في غرف نومنا قرب الحائط لحين يكمل الجندي تفتيش خزانة ملابسنا".


وأوضح أنّ "الحشد تنفذ عمليات دهم مفاجئة، وتقتحم المنازل وتعتقل شبانا في بعض الأحيان"، مبينا أنّ "عمليات الاعتقال ليست كما كانت من قبل بالعشرات، هي اليوم أقل نسبيا، لكن عمليات التفتيش ترعب الأهالي الذين لا يطلبون سوى الأمان".

ودعا أبو طلال الحكومة لـ"وضع حد لعمليات التفتيش والاعتقال، حفاظا على راحة العوائل في منازلها".

وقال ضابط في قيادة شرطة صلاح الدين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عمليات التفتيش التي تنفذها القوات الأمنية أو الحشد الشعبي، تتم وفقا للمعلومات الاستخبارية المتوفرة، وأنّ القوات عندما تحصل على معلومة مثل وجود عناصر لداعش أو مطلوبين للقضاء في منطقة معينة، تتخذ القيادة قرارا بتطويق المنطقة وتفتيشها"، مبينا أنّ "قرارات التفتيش هي قرارات آنية تعتمد على المعطيات المتوفرة".

وأكد أنّ "القوات الأمنية تحافظ على حرمة المنازل خلال عمليات التفتيش، ولا تدخلها إلّا بعد أن تطرق الباب وتحصل على موافقة صاحب المنزل، ولا تلجأ إلى كسر الأبواب إلّا في الحالات الاستثنائية".

ويطالب حقوقيون بحصر عمليات التفتيش والاعتقال بأوامر قضائية، ومنع تنفيذها من دون الرجوع إلى القضاء.

وقال القاضي في محكمة بداءة محافظة ديالى، عزّام الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عدم ارتباط عمليات التفتيش والاعتقال بالجهات القضائية، جعل منها عمليات فوضوية غير منضبطة، وتسببت بفزع وعدم طمأنينة لدى العوائل"، مبينا أنّ "القانون يمنع تنفيذ أي عمليات من دون أوامر قضائية، لكن لا أحد يطبق ذلك".

ودعا الحكومة إلى "العمل وفقا للقانون، وضبط المؤسسات الأمنية وتفعيل دور السلطة القضائية بعمليات التفتيش".