التعليم عن بُعد: ارتباك وعقبات

27 اغسطس 2020
بعض المدارس حول العالم عاودت العمل بإجراءات صارمة (بول هينيسي/ Getty)
+ الخط -

قبل الدخول في تفاصيل أوضاع بعض الدول العربية، نشير إلى أن التلامذة والطلاب العرب بالإجمال يعانون من مصاعب شتى في اعتماد خيار "التعليم عن بُعد" ، تعويضاً عن تعطل الدراسة في مدارسهم وجامعاتهم، وبهدف استمرار متابعة المناهج الدراسية المقررة، وسد أي فجوة تعليمية في التحصيل قد تنتج من تفاقم الأزمة. 
جاء قرار التعليم عن بُعد في غمرة ارتباك ساد الجهات الرسمية والمؤسسات الخاصة على حد سواء، إذ بدا واضحاً غياب الخطط الواضحة مسبقاً، وعليه نزل مثل هذا التوجه نزولاً مباغتاً على مئات الألوف وملايين الطلاب، دون أن يعني ذلك جميعهم. لم يقتصر الارتباك على أسلوب الدراسة ومضامين المناهج وضرورات تحديد المواد المقررة، بل إنه تمحور حول مسألة الامتحانات للشهادات الرسمية وإنهاء العام الدراسي. وما كان يزيد الطين بلة أن المدارس والجامعات لم تتجاوز إنجاز نصف المقررات المطلوبة. وكانت موجات من الأحاديث تصدر عن جهات تتحدث عن إعطاء إفادات للطلاب الثانويين المرشحين للانتقال إلى الجامعات، بدل الشهادات التي كانوا يحصلون عليها بعد خضوعهم للامتحانات الرسمية. بعض الأقوال تحدثت عما يشبه الشهادات المدرسية بناءً على العلامات الصفية السابقة للانقطاع عن الدراسة. وذهبت أوساط إلى المطالبة بإلغاء شهادة التعليم الأساسي أو المتوسطة أساساً، وهو ما كان قد طرحته عدة جهات سابقاً ولم تجارِها الوزارات. وعلى العموم، كانت وزارات التربية تتريث في تحديد موقف محدد باعتبار أن قرارها مرتبط بوضعية انتشار المرض أو القضاء على الوباء، لضمان اعتماد ما تعودت عليه دوائرها المختصة من استعدادات، توصلاً إلى جمع الطلاب في مدارس مختارة تجرى فيها الامتحانات بعد تأمين كل المستلزمات اللوجستية من كراسات للإجابة وأسئلة ومراقبة وتصحيح المسابقات وغيرها. لكن الأهم أن وزارات التربية بدت شبه حاسمة في رفض إعطاء الإفادات للطلاب والتلامذة، يقيناً أنه لا قيمة لها خارجياً لمن يرغبون بالسفر ومتابعة دراساتهم العليا في الجامعات الدولية. أيضاً كانت العديد من الجامعات المحلية بما فيها الرسمية تعمد لإجراء اختبارات للطلاب الحاملين للشهادات الثانوية الرسمية حتى، والمتقدمين للدخول إلى صفوفها لاصطفاء الأكثر كفاءة من بينهم. وهو إجراء كان معتمداً في ظل ظروف طبيعية ووجود امتحانات رسمية مضبوطة في السنوات السابقة.  

موقف
التحديثات الحية

ولكن النقد الأهم للتعليم عن بُعد هو المنطلق من أساس اجتماعي أو طبقي واتهامه أنه يتجاهل أوضاع الطبقات الفقيرة في المدن والأرياف، والتي لم تتعود اجتماعياً ومنزلياً ومدرسياً على آليات التعامل التكنولوجي مع المناهج، إذ جل ما تابعته لا يعدو قيام أستاذ بشرح الدرس واختبار مدى استيعابه من قبل الطلاب، والرد على أسئلتهم وغير ذلك من الممارسات الصفية. أي أن هذا الطالب تعود وجود أستاذ أو معلمة أمامه ولوح أسود أو أخضر وشرح وأسئلة وما شابه. ثم إن ما يزيد الأمر سوءاً هو غياب أو انقطاع خدمات الإنترنت داخل المدن فكيف الحال بالمحافظات البعيدة. أكثر من ذلك يمكن القول إن هناك جانبا نفسيا يتعلق بدور المعلم /المعلمة في الصف بما يمثله من أبوة أو أمومة للتلامذة في مرحلة ما قبل التعليم العالي خصوصاً. 
(باحث وأكاديمي)

المساهمون