التعليم المهني في السعودية: آخر الدواء الدمج

09 مايو 2017
الدمج قد يدفعهم إلى اختيار التعليم المهني (فرانس برس)
+ الخط -

بطالة خريجي معاهد التعليم المهني والتقني في السعودية مرتفعة جداً، فهذا النوع من التعليم تشوبه نظرة دونية، عدا عن المنافسة الأجنبية في سوق العمل. لذلك، تحاول وزارة التعليم بثّ صورة جديدة عن هذا القطاع.

أكثر من 89 ألف خريج من المعاهد المهنية والتقنية العالية في السعودية سنوياً يتخوفون من فشلهم في الحصول على وظائف مناسبة بعد إنهاء دراستهم. فبينما يعاني 12.3 في المائة من السعوديين من البطالة، ترتفع هذه النسبة في حالة خريجي تلك المعاهد إلى 43 في المائة.

هذه الأزمة تحاول وزارة التعليم السعودية تجاوزها خلال سنوات مع البدء بتطبيق أولى خطوات دمج التعليم المهني بالتعليم العام. الهدف من ذلك إعادة التعليم المهني إلى خريطة التعليم العام بعد انعزاله عنها خلال السنوات الماضية، وهو ما يرتد إيجاباً على نظرة التلاميذ أنفسهم إلى التعليم المهني وإقبالهم عليه ما بعد الثانوية كخيار وليس كاضطرار. فالبداية ستكون عبر إدخال مادة التربية المهنية والورش في المدراس الثانوية العامة، مع إدخال بعض المهارات المهنية في التعليم المتوسط.

تقول مصادر في وزارة التعليم لـ"العربي الحديد" إنّ الوزارة تسعى أيضاً إلى رفع القدرات الشخصية للتلاميذ حتى يصلوا إلى المرحلة الجامعية وهم في وضع أفضل، وعلى استعداد تام للتعلم.

الهدف الأهم من هذا التحرك، هو إيجاد حلول لبطالة خريجي المعاهد المهنية التي تطاول أكثر من 43 في المائة منهم، بحسب الهيئة العامة للإحصاء. وتتناقض هذه النسبة مع دراسة أطلقتها المؤسسة العامة للتعليم المهني قبل خمس سنوات، أكدت فيها توفر فرص وظيفية أمام التقنيين السعوديين تتجاوز خمسة ملايين فرصة في قطاع المهن الأساسية المساعدة، لكنّها أشارت إلى أنّ العمالة التقنية الوافدة تمثل 95 في المائة من العمالة التقنية في السعودية.

يعترف عدد من طلاب الكليات التقنية بخشيتهم من مستقبل مجهول لهم، من دون أن تكون لديهم خطط لما بعد الدراسة. من هؤلاء ثامر العتيبي الذي لم ينجح في الدخول إلى جامعة الدمام، فاضطر إلى إكمال دراسته في كلية تقنية بأمل أن يحصل على فرصة مهنية مناسبة. يقول لـ"العربي الجديد": "أدرس اختصاص الهندسة الكهربائية، لكن لا أعرف كيف سأعمل بهذا المؤهل، فسوق العمل لا يستوعب كلّ الخريجين، ومن تخرّج قبل خمس سنوات لم يجد عملاً بعد، لكن نأمل أن يتحسن الوضع خلال السنوات الأربع المقبلة". على النهج نفسه يؤكد عبد الله البريكي أنّ "ما يدرّسونه لنا في الكلية المهنية غير مفيد فأغلبه نظري، لكن لم يكن هناك حل آخر لمن لم يحصل على المعدل الكافي لدخول الجامعة".




من جهته، يشدد المستشار التربوي وليد الزيد على أنّ مسار التعليم التقني يختلف بشكل جذري عن التعليم العام، وأنّه سيكون من الصعب الدمج بينهما بشكل تام، مرجحا أن يقتصر الأمر على مواءمة محدودة بين الاثنين. يقول لـ"العربي الجديد": "المشكلة الكبرى هي في عزوف الشباب عن تعلم المهن والحرف، لأسباب كثيرة، لكن في تصوري أهمها هو أنّ مادة التربية المهنية ابتليت بعدم الاهتمام، على الرغم من أنّها مثمرة لمن يتخلص من عقده المجتمع والعيب، ويقرر دخول المعترك المهني... هو مدخل مهم لتعلم مهن كثيرة جداً". يضيف: "للأسف، يعتبر البعض أنّ التعليم المهني والتقني هو الملاذ الأخير للطالب الذي يفشل في دخول الجامعة، بالتالي لا يدخل الطالب إلى هذا النوع من التعليم إلاّ مضطراً ومن دون قناعة منه، فتكون النتيجة هي الفشل في الاستفادة من سنوات التعليم".

يحمّل اختصاصيون الجهات التي كانت تشرف على التعليم المهني والتقني مسؤولية الوضع غير الجيد للخريجين، خصوصاً في ما يتعلق بضعف طرق التعليم، واكتفاء الكثير منها بـالتعليم النظري ، كما أنّ مخرجات الكلية التقنية، التي تعتبر بمستوى الجامعات، تعاني من صعوبة في منافسة العمالة الأجنبية.

يؤكد الاختصاصي في التعليم المهني علي الخياط أنّ مشكلة التعليم المهني في السعودية تكمن في عدم وضوح رؤية الجهات القائمة عليه، وعدم عدالة المنافسة مع العمالة الأجنبية الرخيصة. يقول لـ"العربي الجديد": "من الواضح أنّ هناك خللاً كبيراً في محاولات وزارة التعليم سد الفجوة بين مخرجات المعاهد العلمية وحاجة السوق من المهن والحرف المساعدة". يفسر: "تطالب معظم الدراسات بإعادة هيكلة قطاع التدريب كلياً وإنشاء هيئة خاصة وطنية مستقلة متخصصة للتعليم المهني والتدريب التقني، وإلحاق الكليات التقنية بالجامعات، لكنّ هذه الدراسات تغفل جانباً مهماً هو أنّ السوق يستوعب أكثر من ثلاثة ملايين عامل أجنبي، فلا يمكن لمواطن سعودي أن ينافس الأجانب ما لم تكن هناك قوانين تحميه. عدا ذلك سيمثل التعليم المهني فشلاً في كلّ خططه، لأنّنا لن نشهد إحلالاً آلياً للعمالة السعودية في المهن والحرف".

دلالات