التعليم الأميركي والبريطاني، ما الذي يحدث الفارق؟

04 يونيو 2016
يتسابق أولياء الأمور في إلحاق أبنائهم بالتعليم الدولي (Getty)
+ الخط -
الدبلوما الأميركية أم الثانوية البريطانية؟ سؤال حيّر الكثير من الأسر العربية التي تتوق إلى تعليم أولادها عن طريق أنظمة التعليم الدولية التي يؤمن الكثيرون أنها تؤهل أولادهم لسوق العمل بشكل أفضل كما تكسبهم مهارات حياتية عديدة.

تشترك أنظمة التعليم الدولية في قيام هيئة دولية  - ذات سمعة راسخة في المجال التعليمي - بإعطاء الرخصة للمدارس في الدول المختلفة ومتابعتها من حين لآخر للتأكد من التزام المدرسة بقواعد النظام؛ مما يعطي ثقة للآباء والطلبة على حد سواء.

وفي حين يبدأ بعض الآباء بنقل أولادهم لأنظمة التعليم الدولية بعد الصف السادس أو التاسع لاختيار النظام المناسب لقدراتهم ومهاراتهم من ناحية أخرى؛ يبقى دخولهم منذ البداية في النظام عاملاً مهماً في استيعاب فلسفة النظام والانخراط فيه بكفاءة.

ومثلما يتحمس الكثيرون لفكرة التعليم الدولي، يتحفظ آخرون على فكرة الاعتماد الكامل على مناهج أجنبية قد تصرف الطالب عن هويته الأصلية والتي تشكل جانباً مهماً من شخصيته.


فما هي أنظمة التعليم الدولية المختلفة وكيف نختار لأبنائنا ما يناسبهم؟

بحسب التصنيف العالمي لموقع التايمز للتعليم العالي، فإن أكثر من 200 جامعة من أفضل الجامعات حول العالم تقع إما في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة؛ وتشترك الدولتان في ثراء التعليم العالي والبحث العلمي وتوفير بيئة ممتازة للتعلم؛ ومع ذلك توجد الكثير من الاختلافات في هيكل العملية التعليمية بينهما سواء في المراحل المدرسية المختلفة أو الجامعية.

ربما نرى دائماً اختلاف الوسائل بين نظامي التعليم الأميركي والبريطاني؛ ويرجع ذلك لاختلاف فلسفتي التعليم بالأساس.

فبينما يعطي النظام الأميركي فرصة أكبر للطالب لاختبار واكتشاف ميوله وإمكاناته وأي المجالات يمكن أن تناسبه في آخر عام من المرحلة الثانوية، نجد أنه في النظام البريطاني يجب تحديد مواد التخصص بشكل مبكر؛ في بداية المرحلة الثانوية.

يهتم النظام البريطاني كذلك باختيار الطلاب لما سيدرسونه بالجامعة؛ فنجد الطلبة يقومون بتجربة ما سيدرسونه في الجامعة؛ كالقيام بالعمل في مستشفى أو شركة أو غيرها ليختبروا العمل على أرض الواقع وإذا كان سيناسبهم أم لا.


تقول شيرين أحمد، مدرّسة بإحدى مدارس المملكة المتحدة، للعربي الجديد: "تعد المناهج البريطانية بصفة عامة منهجية ومنظمة وتقليدية، ولا يعتبر اكتساب المعلومات الهدف الرئيسي للتعليم، ولكن اكتساب قيمٍ أساسية مثل دمج الجميع وقبول الآخر وغيرها".

وفقاً لشيرين التي قامت بالتدريس أيضاً في مدارس دولية بمصر، هناك فرق بين تطبيق النظام البريطاني في إنجلترا والدول العربية، فبينما لا يعد حساب مجموع الدرجات شرطاً لدخول كلية أو جامعة بعينها بالمملكة المتحدة، يعد شرطاً مهماً في بعض الدول العربية؛ بالإضافة إلى الفرق الجوهري وهو تطبيق التعليم البريطاني كمنهج فقط في بعض الأحيان مع إغفال روح النظام ككل، مما يقدمه فارغاً من مضمونه.

أما النظام الأميركي فيتجه إليه كثيرون في مختلف أرجاء الوطن العربي لسببين الأول؛ أن قاعدة المعلومات المقدمة من خلاله أخف من تلك التي يقدمها النظام البريطاني فيبدو كنظام أكثر سهولة غير أن حساب الدرجات في النظام الأميركي يعطي أكثر من فرصة للطالب ليجعل مجموع درجاته أعلى، بخلاف النظام البريطاني والذي يقدم قاعدة معلومات أكثر صلابة ويعتمد أكثر على درجات الاختبار؛ خاصة في السنوات النهائية.

كذلك تتوافر المدارس الأميركية أكثر من البريطانية لأن الأخيرة تحتاج لمقومات خاصة في المعلم غير اللغة مما يصعب عملية إيجاد كوادر مؤهلة للعمل.

تشرح الأستاذة إنجي أمير، مدرّسة بإحدى المدارس الأميركية بدبي، "أعتبر أن التعليم البريطاني يمثل المحتوى والأميركي يمثل الكيفية، فبينما يعطي التعليم البريطاني قاعدة علمية صلبة، يساعد النظام الأميركي الطالب على  التفكير النقدي، وحل المشاكل، وبالتالي التعاطي الأفضل مع ظروف الحياة".




البكالوريا الدولية، نظام متغير لعالم يتغير

اللافت للانتباه أن لاعباً ثالثاً قد دخل السباق مع الشهادتين سالفتي الذكر، وهي البكالوريا الدولية، وهي الشهادة التي يزداد الإقبال عليها يوماً بعد آخر لما لها من مزايا لا تتوافر في غيرها كما يرى البعض.

تقول رشا الصوالحي، منسقة ومستشارة أكاديمية لعدة مدارس مرشحة للبكالوريا الدولية في مصر، "يزداد الإقبال على دراسة البكالوريا الدولية في المراحل المختلفة لأن الآباء وجدوا فيه ما لم يجدوه في أنظمة التعليم المحلية أو الدولية الأخرى، وهو تأهيل الطالب للحياة وليس للامتحان".

وتضيف الصوالحي أن الأنظمة المحلية تكسب الطالب كماً كبيراً من المعلومات، والأنظمة الدولية كالدبلوما الأميركية والشهادة البريطانية تكسب الطالب الكثير من المهارات؛ أما البكالوريا الدولية فتكسب الطالب المفاهيم الأساسية لأنه بتخرج الطالب ستتطور المعلومات وكذلك ستتغير المهارات المطلوبة لسوق العمل، وتبقى المفاهيم أساساً.

تستطرد الصوالحي، "نحن نؤهل الطلبة لتحديات مستقبلية لا نعرفها الآن، فكيف نساعدهم على ذلك؟ عن طريق التعامل مع المعلومات بالبحث فيها وتحليلها والخروج بمفاهيم عامة وثابتة".

جدير بالذكر أن نظام البكالوريا الدولية قد اكتسب شعبيته من خلال وضع معايير عالية والتركيز على الفكر النقدي والابداعي، فطلاب البكالوريا الدولية مسؤولون عن تعليم أنفسهم، عن طريق اختيار الموضوعات وابتكار المشاريع؛ بينما يعمل معلموهم كمشرفين أو مرشدين أكثر من كونهم مصدراً للمعلومات أو الحقائق. كذلك يعنى النظام بالبحث ويحث الطلبة على التعلم من أقرانهم، ونقد بعضهم البعض.

تشرح نوران أحمد، والدة أحد الطلاب بالمرحلة الابتدائية بمدرسة متخصصة للبكالوريا الدولية في مصر، "من مميزات نظام البكالوريا أنه يقيم أهداف التعلم والتي تتغير تبعاً لتقييم برامج وخدمات البكالوريا الدولية، والتي تتم عن طريق عمل أبحاث في المجال والشراكة مع الجامعات الرائدة والمراكز البحثية حول العالم؛ للتطوير المستمر".

جدير بالذكر أنه لا توجد للبكالوريا الدولية كتب ثابتة في المرحلة الابتدائية والتي تستمر حتى الصف الخامس الابتدائي، فيمكن مثلاً دراسة تاريخ الدولة التي يدرس بها الطالب أو تاريخ غيرها، ويأخذ عليه البعض الاهتمام باتساع نطاق المعرفة دون التعمق فيها، وعدم دراسة أدب وتاريخ الدولة التي ينتمي إليها الطالب مما قد يخل بمعرفته ببلده أو مشاعره الوطنية تجاهها.


أي الأنظمة أنسب لأبنائي؟

يقبل الكثيرون على النظام البريطاني لأنه يعطي قاعدة صلبة من المعلومات التي تمكنهم من التقدم في دراستهم الجامعية وحياتهم العملية بعد ذلك، بينما يرى آخرون في النظام الأميركي فرصة لبناء الإنسان وتزويده بالمهارات الشخصية اللازمة لسوق العمل. كما يرى البعض أن النظام الأميركي أكثر سهولة فيختارونه لأبنائهم في حال كانوا ضعاف التحصيل. وترفض

شيرين أحمد هذه النظرية وتؤكد أننا غالباً نصف الطالب بضعف التحصيل حينما لا يناسبه مدخل واحد من مداخل التعليم؛ وهذا يظلمه خصوصاً حينما نبني قراراً خطيراً كنوع التعليم على هذه الفرضية.

كما تؤكد على أن هناك خطأ شائعاً لدى بعض الناس أن النظام البريطاني يناسب البعض وليس كل الأطفال، على العكس من ذلك فإن من أساسيات النظام البريطاني استخدام أكثر من معلم أو معلمة في نفس الفصل الدراسي يتبنون مداخل مختلفة، وهذا للتأكد من وصول المعلومة للجميع؛ بالإضافة لوجود مدرس مساعد ليساعد الطلبة الأضعف.

أما في حال البكالوريا فغالباً ما يعمل الطالب بمفرده أو مع مجموعة تحت إشراف المعلم، وتميل الدراسة إلى أن تكون محفزة للأخذ بزمام المبادرة، وتنظيم مشاريع كاملة، والتحدث بثقة أمام زملاء الفصل. فبالنسبة للطلاب الذين ينجحون ويزدهرون في بيئة بها الكثير من المطالبات ويفضلون وجود اختيارات مثل اختيار موضوعات البحث أو كيفية تقديمها، غالباً ما سيناسبهم هذا النظام.

كما قد يخضع الاختيار لاعتبارات شخصية مثل عدم اختيار البكالوريا الدولية أو النظام البريطاني لأن الدراسة تستغرق وقتاً طويلاً بعض الشيء ما قد يكون عائقاً أمام الطلبة المرتبطين بأنشطة والتزامات أخرى، مثل الرياضة والموسيقى وغيرها.

المساهمون