كشفت هيئة الحقيقة والكرامة التونسية، اليوم الخميس، عن نوعية الانتهاكات التي ستعرض في ثاني الجلسات العلنية، التي تنطلق، غداً الجمعة وبعد غد السبت، بمركز صندوق الحيطة والتقاعد للمحامين بالعاصمة التونسية.
وأكدت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، لـ"العربي الجديد"، أنهم وجهوا الدعوة إلى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، ورئيس البرلمان محمد الناصر، للحضور، متستدركة حديثها، "لكن للأسف لم نتلق أي رد"، مبينة أنّ "القرار يبقى بيد الرئاسات التي ستحدد أهمية مواكبتها لهذا الحدث التاريخي الذي تعيشه تونس".
وغياب الرئاسات الثلاث عن الجلسات العلنية الأولى أثار جدلاً واسعاً في تونس، إذ حضرت أطياف سياسية وحزبية ونقابية ومن مختلف الانتماءات، في حين تغيّبت الرئاسات التي ترجح مصادر غيابها عن ثاني الجلسات.
وقالت بن سدرين إنّ "نوعية الانتهاكات التي ستعرض خلال جلسات الجمعة والسبت تخص التعذيب و"انتفاضة الخبز" في الثمانينات، والمراقبة الإدارية والمحاكمات غير العادلة التي أدت إلى الانتحار". وأكدت أن "ثاني الجلسات العلنية ستتزامن مع انطلاق شرارة الثورة التونسية. وبالتالي، فإن هذا اليوم له رمزية كبرى لدى التونسيين"، مبرزة أن "هناك شهادات ستعرض حول أحداث الثورة وعائلات الضحايا الذين قتلوا بالرصاص".
وأفادت رئيسة الهيئة أنّ "الشهادات التي ستعرض تختلف عن الجلسات السابقة من حيث المواضيع والتنوع التاريخي والجغرافي"، مؤكدة أنه سيتم، ولأول مرة، عرض شهادة عن الفساد المالي، مشيرة إلى أن الشهادات تهم فقط الضحايا، ولن يتم عرض اعترافات الجلادين.
وشددت على أن "التجارب المقارنة بينت أن المواجهة قد تمس من السلامة المعنوية والجسدية للضحية، وأنها قد لا تخلو من استفزاز لمشاعرها، وبالتالي فإن الهيئة ارتأت تمكين الضحايا من عرض تجاربهم بكل راحة، ثم تخصيص جلسات أخرى للجلادين".
واعتبرت المتحدثة ذاتها، أن الجلسة العلنية تستوجب شروطاً عدة، وأن تراعي مدى قدرة الضحية على الحديث والتطرق إلى الانتهاكات التي عاشتها، وقدرتها على مواجهة الرأي العام، معتبرة أن "هذه المسائل يحددها أطباء ومختصون، وتثبتها تقارير طبية تقدم إلى الهيئة".
بدوره، قال عضو الهيئة علي غراب، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الغاية هي رد الاعتبار للضحية، وبالتالي فإن المواجهة بينها والجلاد قد تغيّب هذا الهدف، ويتحول الاعتراف إلى معاناة حقيقية"، مبيناً أن "الجلادين ستتاح لهم فرص أخرى للتعبير عن ممارساتهم، ولكن ليس قبل استرجاع كرامة الضحايا".
وأضاف غراب، أنّ الهيئة تتوقع حضوراً كبيراً في الجلسات العلنية الثانية، بحسب التأكيدات التي وصلتها إلى حد الآن، والتي "فاقت التوقعات"، مبيناً أن "الدعوة وجهت إلى رؤساء أحزاب وإلى عدة شخصيات سياسية ووطنية، وبالتالي فإن الحضور سيكون لافتاً أيضاً هذه المرة".
من جانبه، شدد عضو الهيئة عادل المعيزي، على أهمية الالتزام بالميثاق الذي وضعته الهيئة للإعلاميين ومختلف وسائل الإعلام، وبالشروط المنصوص عليها كـ"التزام الصمت التام خلال تقديم الشهادات العلنية، واحترام خصوصيات الضحايا"، مضيفاً أن "الهيئة مسؤولة عن سلامتهم وعن حمايتهم".
وعدد الملفات المودعة لدى الهيئة بلغ 62341 ملفاً، منها 1515 عبر الإنترنت، و14601 تهم النساء الضحايا. وبلغ العدد الإجمالي لجلسات الاستماع داخل الهيئة إلى 15896 جلسة، منها 10029 داخل الهيئة، و4965 بفروعها، و906 جلسات استماع متنقلة، بحسب ما كشفت الهيئة خلال ندوة صحافية، اليوم الخميس، بمقرها بالعاصمة.
وبلغ عدد ملفات التحكيم والمصالحة 5579 ملفاً، منها 1897 تخص الفساد المالي، و3682 تخص انتهاكات حقوق الإنسان.