مع اقتراب نهاية شهر رمضان، تخرج الأسر الليبية لشراء ملابس العيد لأبنائها. لكن هذا العام، الوضع يختلف كثيراً عن الأعوام السابقة، إذ لأول مرة تقفز أسعار الملابس إلى ثلاثة أضعاف سعرها الذي كانت عليه العام الماضي، ويبرر التجار هذا الارتفاع بقفزة سعر الدولار مقابل الدينار إلى مستويات قياسية. وهكذا تدور حلقة المسؤوليات بدائرة مفرغة، كلٌ يرمي التهم في مرمى الآخر، المواطن للتاجر والتاجر لمصرف ليبيا المركزي والمركزي للمسؤولين القائمين على الاقتصاد... ومع كل هذا يظل الضحية الأولى والأخيرة هو المواطن البسيط الذي ينتظر انفراجاً اقتصادياً طال أمد تحققه.
محمد الترهوني، وهو يعيل أسرته يتحدث لـ "العربي الجديد" بحرقة عن ارتفاع سعر الملابس ويقول: "أنا رب الأسرة وعندي 5 أطفال أصغرهم عمرها 6 سنوات. ثمن قميص وبنطال وحذاء لطفل في هذا العمر يتجاوز 150 ديناراً (110 دولارات) في العام الماضي كان السعر 40 ديناراً (30 دولاراً) يعني أحتاج ما لا يقل عن 700 دينار (508 دولارات) لشراء ملابس العيد لأبنائي. ويضيف الترهوني: "السيولة النقدية في المصارف غير موجودة، وإن وجدت، يقومون بتحديد سقف السحب أكثره 500 دينار (360 دولاراً) فكيف أنفق؟".
وكذا الحال بالنسبة إلى المواطنة سالمة الهمالي، التي تقول لـ "العربي الجديد": "المرتبات تأخرت كثيراً، والسيولة غائبة عن أغلب المصارف في مدينة طرابلس، وإن توافرت فمن الصعب الوصول إلى صندوق الدفع بسبب الازدحام الكثيف أمامه، وقد تنتظر يوماً كاملاً وأحياناً يأتي دورك في اليوم التالي".
وتضيف الهمالي: "أما المشكلة الثانية فهي الأسعار، إذ إن سعر فستان لطفلتي الصغيرة يهضم ربع راتب زوجي، فكيف من لديه ثلاثة أطفال وأكثر؟ الأسعار تزيد أوضاعنا مأسوية".
اقــرأ أيضاً
في المقابل، يقول بائع الملابس عبد الباسط المبروك: "أسعار الملابس في هذا الشهر مرتفعة كثيراً، ولكن هذا ليس ذنب التاجر، الذي لا يربح إلا القليل، فنحن نشتري الدولار من السوق السوداء والتي فيها سعر الدولار أربعة أضعاف سعر المصرف الذي لا يفتح الاعتمادات للتجار حيناً ويحدد سقف السحب أحياناً، نظراً للمشكلة الاقتصادية العامة".
ويضيف عبد الباسط: "جميع السلع في ليبيا مرتبطة بأسعار الدولار، ما يبرر تضاعف الأسعار بهذا الشكل، وهذا لا يرتبط بالملابس حصراً، وإنما يمتد إلى المواد الغذائية وحتى الخضروات المنتجة محلياً. نحن غير مسؤولين عن الغلاء، وإنما المسؤول الأول هم الساسة الذين شتتوا البلاد وأضروا بالاقتصاد الليبي كثيراً".
عبد اللطيف الكيلاني، تاجر آخر ينشط في تجارة الملابس في سوق أبو سليم، يشكو كساد السوق. ويقول لـ "العربي الجديد":
"في مثل هذه الأوقات من شهر رمضان تكون السوق مزدحمة، ولكن في هذه السنة الكساد هو عنوان هذا الشهر، بسبب ارتفاع الأسعار، على التاجر وعلى المستهلك تالياً".
ويضيف الكيلاني: "هذا الواقع نشّط السوق الموازية، وكذا الغش، حيث يتم عرض بضائع بجودة متدنية جداً وبأسعار متوسطة وذلك من دون إعلام المستهلك بحقيقة هذا الأمر، فتلجأ الأسر إلى هذه السلع بسبب حاجتها للسلع الزهيدة الثمن".
أحد الضباط في جهاز الحرس البلدي، وهو جهاز يقوم بمعاقبة المخالفين للأسعار التي تضعها وزارة الاقتصاد، رفض ذكر اسمه، تحدث لـ "العربي الجديد" قائلاً: "جهاز الحرس البلدي معطل منذ الثورة وهو الآن يعمل بشكل صوري في مدينة طرابلس". ويضيف الضابط: "هذا الجهاز أُهمل كثيراً ولا يمتلك أي دعم فعلي على الأرض. إذ إنه مع انفلات الأمن وانتشار السلاح، يصعب أن أعطي أمراً لأحد العناصر بإغلاق محل وصاحب المحل ربما يكون مسلحاً. من يحمي العنصر إذا ما تم الاعتداء عليه؟ ومن يوفر له الحماية خصوصاً أن هذه الأحداث قد حصلت فعلاً"؟
ومن جهة ثانية، يقول الضابط إن وزارة الاقتصاد لم تأبه للمشكلة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد ومنها انهيار سعر الدينار مقابل الدولار وغياب السيولة عن المصارف. فالمشكلة أفتعلها الساسة وتداعياتها كانت على المواطن البسيط. أضف إلى ذلك عندما تسأل صاحب المحل لماذا هذه السلعة غالية سيجيبك إن سعر الدولار مرتفع وهذا الشيء صحيح ولا نستطيع إنكاره. ونحن نعلم إن المصرف المركزي لم يفتح اعتمادات بالعملة الصعبة للتجار لكي يساهموا في القضاء على السوق السوداء، التي تؤمن بطبيعة الحال سلعاً بأسعار أقل من السوق النظامية. ويضيف: "نحن في موقف لا نحسد عليه".
اقــرأ أيضاً
محمد الترهوني، وهو يعيل أسرته يتحدث لـ "العربي الجديد" بحرقة عن ارتفاع سعر الملابس ويقول: "أنا رب الأسرة وعندي 5 أطفال أصغرهم عمرها 6 سنوات. ثمن قميص وبنطال وحذاء لطفل في هذا العمر يتجاوز 150 ديناراً (110 دولارات) في العام الماضي كان السعر 40 ديناراً (30 دولاراً) يعني أحتاج ما لا يقل عن 700 دينار (508 دولارات) لشراء ملابس العيد لأبنائي. ويضيف الترهوني: "السيولة النقدية في المصارف غير موجودة، وإن وجدت، يقومون بتحديد سقف السحب أكثره 500 دينار (360 دولاراً) فكيف أنفق؟".
وكذا الحال بالنسبة إلى المواطنة سالمة الهمالي، التي تقول لـ "العربي الجديد": "المرتبات تأخرت كثيراً، والسيولة غائبة عن أغلب المصارف في مدينة طرابلس، وإن توافرت فمن الصعب الوصول إلى صندوق الدفع بسبب الازدحام الكثيف أمامه، وقد تنتظر يوماً كاملاً وأحياناً يأتي دورك في اليوم التالي".
وتضيف الهمالي: "أما المشكلة الثانية فهي الأسعار، إذ إن سعر فستان لطفلتي الصغيرة يهضم ربع راتب زوجي، فكيف من لديه ثلاثة أطفال وأكثر؟ الأسعار تزيد أوضاعنا مأسوية".
في المقابل، يقول بائع الملابس عبد الباسط المبروك: "أسعار الملابس في هذا الشهر مرتفعة كثيراً، ولكن هذا ليس ذنب التاجر، الذي لا يربح إلا القليل، فنحن نشتري الدولار من السوق السوداء والتي فيها سعر الدولار أربعة أضعاف سعر المصرف الذي لا يفتح الاعتمادات للتجار حيناً ويحدد سقف السحب أحياناً، نظراً للمشكلة الاقتصادية العامة".
ويضيف عبد الباسط: "جميع السلع في ليبيا مرتبطة بأسعار الدولار، ما يبرر تضاعف الأسعار بهذا الشكل، وهذا لا يرتبط بالملابس حصراً، وإنما يمتد إلى المواد الغذائية وحتى الخضروات المنتجة محلياً. نحن غير مسؤولين عن الغلاء، وإنما المسؤول الأول هم الساسة الذين شتتوا البلاد وأضروا بالاقتصاد الليبي كثيراً".
عبد اللطيف الكيلاني، تاجر آخر ينشط في تجارة الملابس في سوق أبو سليم، يشكو كساد السوق. ويقول لـ "العربي الجديد":
"في مثل هذه الأوقات من شهر رمضان تكون السوق مزدحمة، ولكن في هذه السنة الكساد هو عنوان هذا الشهر، بسبب ارتفاع الأسعار، على التاجر وعلى المستهلك تالياً".
ويضيف الكيلاني: "هذا الواقع نشّط السوق الموازية، وكذا الغش، حيث يتم عرض بضائع بجودة متدنية جداً وبأسعار متوسطة وذلك من دون إعلام المستهلك بحقيقة هذا الأمر، فتلجأ الأسر إلى هذه السلع بسبب حاجتها للسلع الزهيدة الثمن".
أحد الضباط في جهاز الحرس البلدي، وهو جهاز يقوم بمعاقبة المخالفين للأسعار التي تضعها وزارة الاقتصاد، رفض ذكر اسمه، تحدث لـ "العربي الجديد" قائلاً: "جهاز الحرس البلدي معطل منذ الثورة وهو الآن يعمل بشكل صوري في مدينة طرابلس". ويضيف الضابط: "هذا الجهاز أُهمل كثيراً ولا يمتلك أي دعم فعلي على الأرض. إذ إنه مع انفلات الأمن وانتشار السلاح، يصعب أن أعطي أمراً لأحد العناصر بإغلاق محل وصاحب المحل ربما يكون مسلحاً. من يحمي العنصر إذا ما تم الاعتداء عليه؟ ومن يوفر له الحماية خصوصاً أن هذه الأحداث قد حصلت فعلاً"؟
ومن جهة ثانية، يقول الضابط إن وزارة الاقتصاد لم تأبه للمشكلة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد ومنها انهيار سعر الدينار مقابل الدولار وغياب السيولة عن المصارف. فالمشكلة أفتعلها الساسة وتداعياتها كانت على المواطن البسيط. أضف إلى ذلك عندما تسأل صاحب المحل لماذا هذه السلعة غالية سيجيبك إن سعر الدولار مرتفع وهذا الشيء صحيح ولا نستطيع إنكاره. ونحن نعلم إن المصرف المركزي لم يفتح اعتمادات بالعملة الصعبة للتجار لكي يساهموا في القضاء على السوق السوداء، التي تؤمن بطبيعة الحال سلعاً بأسعار أقل من السوق النظامية. ويضيف: "نحن في موقف لا نحسد عليه".