وأكد بان كي مون، في تصريح عقب لقائه المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، دعم منظمة الأمم المتحدة لتونس في "مقاومة الإرهاب والتطرف وتفهمها لانعكاس الأوضاع الليبيّة على الوضع الأمني والاقتصادي التونسي". وأعرب عن تقديره للمساعي التونسية نحو بلوغ حلّ سياسي ليبي ينسجم مع الخيار الأممي، داعماً حكومة السراج، ومطالباً المعرقلين العمل على إعادة الاستقرار إلى البلاد.
ويتساءل مراقبون عن سبب غياب السراج عن لقاء الأمين العام للأمم المتحدة، كما كان منتظراً، إذ فوّض نائبه موسى الكوني للقاء مهم بهذا الشكل. وبحسب الكوني، فإن عملية الانتقال إلى طرابلس قد تتم خلال ساعات، "ولا أحد يعلم إذا ما كانت ساعات طويلة أم قصيرة". وأكّد الكوني خلال لقائه الأمين العام أنه "خلال ساعات سينتقل المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس، الأمر الذي يؤسس لخطوة مهمة نحو تنفيذ الاتفاق السياسي، استجابة لانتظار الشعب الليبي بكل أطيافه".
بدوره، أثنى الأمين العام على جهود المجلس الرئاسي في قيادة عملية الانتقال الديمقراطي في ليبيا، معرباً عن دعمه الكامل للمجلس الرئاسي، وحاثّاً إياه على ممارسة قيادة قوية لتمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل في طرابلس على وجه السرعة. كما دعا بان معرقلي ذهاب المجلس الرئاسي إلى العاصمة لضرورة التعاون الفوري من أجل انتقال سلمي ومنظّم للسلطة، بحسب تعبيره.
وقال مصدر من المجلس الرئاسي، في تصريح صحافي، إن الكوني أوضح للأمين العام للأمم المتحدة أن جهوداً أمنية وسياسية وُظّفت لإتمام انتقال المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس، داعياً كافة الأطراف للالتحاق بهذا التوافق الوطني التاريخي. وأضاف المصدر أن الأمين العام للأمم المتحدة عبّر عن قلقه من تداعيات الخلافات الداخلية المتعلقة بطبيعة الأوضاع في ليبيا وتفاقم الإرهاب، مشدداً على ضرورة الإسراع في الخروج بالبلد من المحنة.
في السياق ذاته، يدرك السراج أنّه ليس من صالح حكومته أن تبدأ مرحلتها الجديدة بتقاتل الليبيين، وهو ما تعلمه حكومة طرابلس أيضاً. من جانب آخر، دبّت الخلافات بين عدد من الكتائب العسكرية الليبية في مدينة مصراتة بشأن الموقف من حكومة السراج. ففي الوقت الذي أعلنت فيه 62 كتيبة بالمدينة الاعتراف بحكومة الوفاق، وتأييد دخولها لطرابلس لممارسة مهام عملها من العاصمة، أصدر عدد آخر من كتائب المدينة بياناً مضادّاً، حذّروا فيه من مغبة السماح للسراج وأعضاء حكومته بدخول العاصمة.
اقرأ أيضاً ليبيا: الثني يرفض الاعتراف بحكومة السراج
ووصفوا، في بيان صادر عنهم أمس الثلاثاء، حكومة الوفاق بأنّها "تم الإعداد لها في دهاليز غير معروفة، وتم دعمها من جانب شخصيات اتبعوا سياسة التجويع والتركيع للشعب الليبي، وفي مقدمتهم المبعوث الأممي إلى ليبيا السابق، برناردينو ليون، والحالي مارتن كوبلر، بحسب البيان. وأضافت الكتائب في بيانها، "سنقف في وجه أي طرف يسعى لإدخالها إلى العاصمة طرابلس. ونؤكد حرصنا على أمن العاصمة واستقرارها وسنقف بقوة وحزم لكل من يعبث في أمن العاصمة". ويأتي هذا في الوقت الذي سيعقد فيه اليوم برلمان طبرق التابع للواء المتقاعد خليفة حفتر اجتماعاً طارئاً، لتحديد موقفه النهائي من حكومة السراج والبتّ في أمرها.
في المقابل، يؤكد المستشار الإعلامي لحكومة التوافق الوطني الليبية، فتحي بن عيسى، أنّ المحاولات مستمرّة لدخول الحكومة إلى العاصمة الليبية طرابلس، والشروع في مهامها من داخل ليبيا، نافياً ما جرى تداوله من أخبار عن وصول أي عضو من المجلس الرئاسي أو الحكومة إلى طرابلس في الأيام الأخيرة. ويضيف بن عيسى أن الحكومة ترفض أن تدخل تحت حمايةٍ دولية بقوات أجنبية، وتسعى إلى الدخول من دون إراقة دماء بتوافق بين الليبيين، بحسب ما أوردته وكالة "بوابة أفريقيا"، الليبية.
كما طالب عضو المؤتمر الوطني العام، عبد الرحمن السويحلي، ما سمّاها "الأقلية الرافضة للاتفاق السياسي"، وفي مقدمتها رئيس المؤتمر الوطني، نوري بوسهمين وخليفة الغويل، وثوار 17 فبراير، بضرورة دعم الاتفاق السياسي الليبي وحكومة الوفاق الوطني المنبثقة عنه. وهو الاتفاق الذي يحظى بمساندة ودعم واعتراف الغالبية العظمى من الشعب الليبي والمجتمع الدولي، باعتباره الحل الوحيد المتاح لإنهاء حالة الانقسام والمعاناة التي تمر بها البلاد، بحسب قوله. وكتب السويحلي على صفحته الرسمية عبر موقع "فيسبوك"، أن "بوسهمين والغويل جمعتهما المصالح الشخصية وفقدا ما تبقى لهما من شرعية".
وأكد السويحلي أن صبر الليبيين لن يطول كثيراً على ممارسات الأقلية المُعرقلة التي استباحت أمن المواطن وأصبحت تهدد السلم والأمن في طرابلس، مثمّناً روح المسؤولية وضبط النفس الذي تتحلى به القوى السياسية والعسكرية وكبرى كتائب وسرايا الثوار الداعمة لحكومة الوفاق الوطني، وعدم انجرارها لاستخدام القوة، على حد وصفه. وشدد على احترام حق المعارضة السلمية للاتفاق السياسي الليبي، أو حكومة الوفاق الوطني، بما يكفله الإعلان الدستوري والتشريعات الليبية النافذة.
ميدانياً، لم تمنع وضعية الهدوء النسبي التي تعتبر تحت السيطرة، إلى حدّ ما، من انطلاق بعض المناوشات من هنا وهناك، إذ تجدّدت اشتباكات بين مجموعتَين مسلّحتَين في منطقة غوط الشعال بالعاصمة الليبية طرابلس، أول من أمس الإثنين. وقال شهود عيان لوسائل إعلام محلية، إنّ "تبادلاً لإطلاق النار بالأسلحة الثقيلة والخفيفة يسمع في جميع أنحاء منطقة غوط الشعال، في وقت أُغلقت فيه المحلات التجارية أبوابها وخلت فيه الشوارع من المارة تحسباً لأي طارئ".
ودانت المجالس البلدية لطرابلس الكبرى التوترات الأمنية والاشتباكات المسلحة التي شهدتها المدينة خلال اليومين الماضيين. وأكدت البلديات في بيان صادر عنها، أخيراً، أن طرابلس عاصمة أمن وسلام واستقرار، مشدّدين على وجوب إخلائها من كافة التشكيلات المسلحة. واستنكرت البلديات إغلاق الأجواء الليبية وتعليق الرحلات الداخلية والخارجية من دون مبررات، مضيفة أنها تتابع بقلق عملية تعذر رحلات الطيران، وما ترتب عليها من أضرار مادية ومعنوية للمسافرين. وطالبت بسرعة تشكيل لجنة تحقيق من الجهات المختصة حيال هذه التجاوزات، بحسب ما جاء في البيان. وأغلقت حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل الأجواء الليبية وعلّقت الرحلات الداخلية والخارجية، إثر انتشار خبر انتقال حكومة السراج إلى طرابلس لمتابعة مهامها.
اقرأ أيضاً ليبيا: صمت يكسره إعلان مجلس السراج بدء الانتقال لطرابلس