ما زال الترقب يخيم على الاقتصاد التركي رغم الهدوء النسبي، الذي ميز الأسبوعين الأخيرين التاليين لإعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التركية، مع صدور مؤشرات عديدة تفيد بتحسن الوضع الاقتصادي.
وانعكست نتائج الانتخابات إيجابا على البنك المركزي التركي، الذي أبدى استقلالية أكبر، ورغم دعوات الحكومة المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة لدفع عجلة النمو. ولم يخالف البنك توقعات الخبراء الاقتصاديين مبقياً على سعر الفائدة الرئيسي من دون تغيير عند 7.5%، وذلك وسط استقرار نسبي في سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة التركية.
وأصدرت لجنة السياسات النقدية بعد الاجتماع، الذي عقدته أول أمس الثلاثاء الماضي بيانا صحافيا، أكدت فيه توقعاتها بانخفاض نسبة التضخم على المدى القصير، وذلك بعد التصحيح الجزئي الذي طال أسعار الاغذية، مشيرة إلى أن " التقلبات الأخيرة في أسعار الصرف أخرت تحسن المؤشرات الرئيسية".
وربط البنك المركزي سياسته النقدية المستقبلية بمستويات التضخم قائلا: "السياسات النقدية المستقبلية ستكون مشروطة بتوقعات نسبة التضخم، حيث سيتم رصد هذه التوقعات ومنحى التسعير والعوامل الأخرى التي تؤثر على التضخم بشكل وثيق".
وأكد البيان أن اللجنة استمرت في موقفها الحذر إزاء السياسات النقدية وأبقت على أسعار الفائدة الحالية لأسباب عديدة، أهمها تقلبات معدلات أسعار صرف العملات العالمية، وحالة عدم اليقين التي تسود الأسواق العالمية، إضافة إلى تقلبات أسعار الطاقة والغذاء.
وأشار المركزي التركي إلى أن الطلب الخارجي على البضائع التركية ما زال ضعيفا، بينما ما زال التوسع في الإنتاج الصناعي مستمرا مدفوعا بالطلب المحلي، الذي يساهم بشكل معتدل في عجلة النمو، مضيفا أن الانخفاض الأخير في أسعار النفط سينعكس بشكل أوضح على الميزان التجاري خلال الأيام المقبلة.
وتعبيرا عن مدى ثقة المستثمرين في الاقتصاد التركي، وصلت مبيعات العقارات في تركيا للأجانب إلى أرقام قياسية في مايو/أيار الماضي، إذ زادت بنسبة 21.3% عن الشهر ذاته من العام الماضي، بعد بيع أكثر من 1982 عقارا.
وقالت وكالة الإحصاء التركية الرسمية إن إسطنبول استحوذت على النصيب الأكبر من مبيعات العقارات، تلتها أنطاليا على شاطئ المتوسط، ومن ثم بورصة.
وشهدت ولايات البحر الأسود زيادة كبيرة في مبيعات العقارات السكنية للأجانب، بنسبة وصلت إلى 125% في مدينة ترابزون مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي.
في سياق متصل، أفاد مسح أنجزته جمعية إدارة الأفراد التركية (بيرون) بأن معدلات التوظيف وترك العمل وصلت إلى مستويات قياسية في تركيا خلال الأعوام الأربعة الأخيرة.
وخلص المسح، الذي شمل 82 شركة، أن هناك 32 موظفاً تم توظيفه حديثا خلال سنة 2014، بينما ترك ما يقارب 21 موظفا عملهم، وهو ما فسره رئيس الجمعية، سِفلاي بيزيك يانغن، بصعوبات تواجه الشركات التركية في البحث عن العمالة الماهرة.
في غضون ذلك، توقع رئيس جمعية المستثمرين الدوليين التركية، أحمد إرديم، أمس الأربعاء، أن تتدفق استثمارات أجنبية مباشرة على تركيا بقيمة 12 مليار دولار هذا العام، مرجحا أن تصل حصة تركيا الاستثمارات الأجنبية العالمية إلى 1%.
وكان تقرير اقتصادي، صدر الثلاثاء، في مدينة دبي الإماراتية، قد قدّر قيمة مشاريع البنية التحتية قيد التخطيط والتنفيذ في تركيا، بأكثر من 350 مليار دولار.
وأضاف التقرير الصادر عن شركة "ميد" للمشاريع (إماراتية خاصة)، أنّ هذه المشاريع تمثل فرصاً جيدة للمقاولين من منطقة الخليج العربي والشركات الاستثمارية المتأثرة بهبوط أسعار النفط.
وقال البنك الدولي، في وقت سابق من الشهر الجاري، إن تركيا احتلت المرتبة الثانية في قائمة الدول الصاعدة الأكثر استثماراً في مجال البنية التحتية عام 2014، وذلك بعد البرازيل التي حلت في المرتبة الأولى.
وأوضح أن تركيا تنفذ أكبر خمسة مشاريع مشتركة بين القطاعين العام والخاص في أوروبا والشرق الأوسط.