التحركات الإسرائيلية على حدود غزة تقلق أهالي القطاع

04 فبراير 2018
حشود عسكرية إسرائيلية على الحدود مع غزة(مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -
يهيمن القلق والتوتر على سكان المناطق الحدودية شرق وشمال قطاع غزة، مع ارتفاع أصوات المعدات والآليات العسكرية الإسرائيلية التي تتحرك ليلاً داخل الحدود في الأراضي المحتلة، وبات صوتها يضيف مخاوف جديدة من أن تكون الحشود مقدمة لشن عدوان عسكري جديد على القطاع الساحلي المحاصر على الرغم من حديث الاحتلال عن مناورات مرتقبة في مناطق غلاف غزة.

وفي الأيام الأخيرة، بات صوت آليات الاحتلال الإسرائيلي التي يتم حشدها على الحدود مسموعاً لسكان المناطق الحدودية والمناطق المجاورة لها.
ويتحوّل الهدوء الليلي في المناطق الحدودية إلى حالة من الترقّب والحذر، مع انتباه قوى المقاومة للتحركات، ورفعها درجة التأهب خشية من مباغتة إسرائيلية للقطاع، في ظل ظروف إقليمية لا تُساعد الفلسطينيين والمقاومة التي رفعت من جهوزيتها على الحدود، وأدّت إجراءاتها الأخيرة إلى إخلاء مواقعها، خاصة في الليل، والإبقاء على عدد محدود جداً من العناصر فيها.

وتكسر أصوات صواريخ محلية الصنع يجري إطلاقها بين الحين والآخر هدوء ليل غزة القاتل، ولا يُعرف من يطلقها حتى الآن، مع أنّ الراجح في القطاع أنّ مطلقيها عناصر من السلفية يسعون إلى "توريط حماس في حرب جديدة".
وسرعان ما تردّ إسرائيل على عمليات القصف محدودة التأثير والفعالية، بقصف مواقع للمقاومة، على غرار ما جرى فجر أمس السبت عندما أطلقت طائرات حربية إسرائيلية صواريخ عدة على موقعين متجاورين يتبعان لكتائب القسام؛ الذراع العسكرية لحركة حماس، في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، لم تسفر عن وقوع إصابات بشرية، وذلك بعد وقت قصير من إعلان الاحتلال سقوط صاروخ فلسطيني أطلق من شمال القطاع في محيط معبر بيت حانون إيرز من الجانب الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن الاحتلال يحافظ على "مستوى منخفض" في الرد على الصواريخ، إلا أنّ ذلك لا "يُهدئ من قلق قوى المقاومة" التي تخشى من أنّ يستغل الاحتلال الوضع الإقليمي والعربي لشن عدوان قاسٍ على القطاع.
ويبدو أنّ هناك "خيطاً رفيعاً" يربط بين إطلاق الصواريخ والحرب المقبلة، إذ إنّ مطلقيها يسعون إلى "إشعال حرب" لأهداف خاصة، لا سيما أن الصواريخ التي يجري إطلاقها محلية وبدائية وقديمة لم تعد قوى المقاومة الرئيسية تستخدمها منذ سنوات، وبلا تأثير حقيقي على الأرض.

ويترافق ذلك مع "تلميحات" إسرائيلية صدرت أخيراً تؤكد أنّ إسرائيل قد تذهب لحرب ضد قطاع غزة "لردع حزب الله وإيران"، مع أنّ تهديدات المسؤولين الإسرائيليين انصبت في الأيام الماضية على لبنان بشكل مباشر وعلني، لكن يفهم من بين ثناياها وسطورها قطاع غزة بشكل واضح.
كذلك يتزامن القلق الفلسطيني مع حالة غير مسبوقة من الأزمات الاقتصادية والمعيشية والإنسانية والصحية في القطاع الساحلي المحاصر. ودخلت غزة أزمات أشد مع اتفاق المصالحة الفلسطينية المتعثر، وفي ظل استمرار غياب الراعي المصري عن إلزام الطرفين بإتمامه والمضي فيه على الرغم من تحقيقه بعض التقدم في أوقات سابقة.
ويشير مركز "الميزان" لحقوق الإنسان، ومقره غزة، إلى أنّ الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تشهد تدهوراً متسارعاً وغير مسبوق، بات يهدد بانهيار وشيك للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ويهدد حق الإنسان في الحياة، في ظل التراجع المتسارع في مستويات المعيشة وفي الخدمات الأساسية التي لا غنى عنها لحياة السكان، كالرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي وصحة البيئة.
وينذر هذا الأمر بتداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية بالغة الخطورة ويصعب التنبؤ بحدودها، وفق المركز الذي أكّد أنّ "وقف الانهيار أقل كلفة من التعامل مع آثاره".
والتقليص المرتقب لعمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزة، المتزامن مع خفض أميركا تبرعاتها للمنظمة الأممية، التي تعتبر أكبر مزوّد للخدمات الأساسية في القطاع، "ضربة قاضية"، ستُفضي وفق المركز نفسه، إلى انهيار تام للأوضاع الإنسانية. ويدعو المركز الحقوقي إلى تدخل فاعل وعاجل من المجتمع الدولي وكافة الأطراف لإنقاذ الحياة في هذا المكان والحيلولة من دون تداعيات أمنية وسياسية واجتماعية ستهدّد الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن يبادر إلى تقديم مساعدات عاجلة للقطاع الحكومي ولأونروا والمؤسسات الأهلية.

ودخل القطاع قبل أيام عامه الثاني عشر على التوالي في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد، وباتت الكوارث الإنسانية والاقتصادية والخدماتية تشهد تسارعاً غير مسبوق، في ظل غياب التمويل الإنساني وصعوبة بالغة في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وحتى المؤسسات الأهلية والخيرية والإنسانية باتت تعيش في مأزق نقص التمويل أو انعدامه، في ظل ظروف صعبة، تهدد كل السكان الفلسطينيين، مع تجاهل حكومة الوفاق الوطني والسلطة الفلسطينية احتياجات غزة، وسياسة التقشف التي تتبعها مع القطاع.

المساهمون