التحالف الأفريقي الرباعي لمواجهة الإرهاب: مولود مكمل لقوة الساحل

19 أكتوبر 2018
التعاون بين الدول الأربع يقوم على الحشد العسكري(فرانس برس)
+ الخط -


ولد قبل يومين تحالف جديد لمحاربة الإرهاب، ينضم إلى "الموجة" العالمية لمواجهة أخطار تنظيمي "القاعدة" و"داعش" وفصائل تبايعهما. لكن الجديد في المولود، الذي يجمع بين أربع دول أفريقية، هي بوركينا فاسو، والنيجر، وبنين، وتوغو، هو أنه يعتبر شبه امتداد لتحالف دول الساحل الأفريقي، الذي تعتبر فرنسا عرابته. وأعلنت الدول الأربع "تجميع قوتها من أجل الانتصار على الهجمات الإرهابية، في الشريط الحدودي، الواقع شرق بوركينا فاسو"، مؤكدة أنها "ستتشارك المعلومات المتعلقة بالأمن، وتتخذ إجراءات ملموسة بهذه المنطقة الحرجية".

وتمتد المنطقة، التي تحاول الدول الأربع توفير الأمن ومحاربة الإرهاب فيها، من النيجر إلى توغو، مروراً ببوركينا فاسو وبنين، ومنها تتصاعد هجمات الجماعات المسلحة ضد بوركينا فاسو منذ أوائل أغسطس/آب الماضي. وقال وزير الشؤون الخارجية النيجيرية، كالا أنكوناوو، إن "بنين وتوغو ستكونان مستهدفتين في المستقبل". وكانت بوركينا فاسو شهدت خلال الأسابيع الأخيرة سلسلة هجمات، بعضها بالقرب من الحدود مع مالي والنيجر. وأعلنت قيادة قوة "مجموعة الساحل 5 " (إطار تشاركي لمحاربة الإرهاب والتطرف بين دول موريتانيا، ومالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد)، الاستعداد لإطلاق 3 عمليات عسكرية، يتوقع أن تكون في المنطقة الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

ورأى الصحافي والخبير في الشأن الأفريقي بموريتانيا، محفوظ ولد السالك، أن التهديد الإرهابي بات يواجه دول غرب أفريقيا بشكل عام، خصوصاً دول الساحل منها، وبالتالي باتت بلدان خارج إطار "مجموعة الساحل 5"، تبحث عن تعاون أمني، تعزيزاً لخطها الدفاعي ضد الإرهاب. وقال ولد السالك، لـ"العربي الجديد"، إنه في هذا السياق يأتي التعاون بين الدول الأربع، بوركينا فاسو، والنيجر، وبنين، وتوغو، موضحاً أن بوركينا فاسو والنيجر عضوان بمجموعة الساحل، أما توغو وبنين فباتتا مهددتين، إذ يجري الحديث عن وجود جماعات مسلحة باتت تنشط بالقرب من حدودهما. وأضاف ولد السالك أن "طبيعة التعاون الجديد بين الدول الأربع، يقوم على الحشد العسكري، وتبادل المعلومات بشأن الجماعات المسلحة، وتعزيز التعاون في مجال تمشيط الحدود المشتركة بينها".

وأشار إلى أن "تنسيق وتعزيز الجهود الأمنية بين هذه الدول لا يلغي بطبيعة الحال التنسيق القائم على مستوى دول مجموعة الساحل 5، بل إن التعاون بين هذه الدول الأربع قد يقود لتعاونها مع إطار مجموعة الساحل، خصوصاً أن المنطقة التي توصف بالأخطر في الساحل، والتي تعرف بمنطقة الحدود الثلاثة، توجد بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، واثنتان من الدول الثلاث أعضاء في التنسيق الرباعي الجديد، أو مجموعة الأربع، ما جعل هذه الدول تضع نواة للتنسيق بينها على مستوى الأمن وتبادل المعلومات، لمواجهة الجماعات المسلحة الناشطة على الحدود بينها". وأكد ولد السالك أن فرنسا ستولي اهتماماً كبيراً للتنسيق بين الرباعي الجديد، مشيراً إلى أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى ساحل العاج وبوركينا فاسو، "قد تتطرق لهذا الموضوع، لأن الوضع الأمني في المنطقة، والهجمات الأخيرة التي تعرضت لها بوركينا فاسو، ومستوى تعاون قوات بارخان الفرنسية في شمال مالي، عناوين بارزة لمباحثاته مع رئيس بوركينا فاسو، روك مارك كريستيان كابوري". وبدأ لودريان زيارة إلى ساحل العاج تستمر يومين، سيجري خلالها مباحثات مع رئيس البلاد، الحسن واتارا، حول التعاون الثنائي بين باريس وأبيدجان، في مجالات الأمن والتنمية والتعليم. وخلال يومي الزيارة، ينتظر أن يتباحث لودريان مع وزير دفاع ساحل العاج، حامد باقايوقو، موضوع "مدرسة محاربة الإرهاب" التي انطلق مشروعها خلال القمة الأفريقية الأوروبية في أبيدجان العام الماضي. وسيبحث لودريان مع كابوري، في بوركينا فاسو، الوضع الأمني ومستوى التعاون بين قوات "برخان" الفرنسية وقوات بوركينا فاسو.

وتأتي الزيارة المرتقبة للودريان إلى بوركينا فاسو، بعد تعرضها لعدة هجمات خلال الأسابيع الأخيرة، بعضها بالقرب من الحدود مع مالي والنيجر، وقد تدخلت قوات "برخان" الفرنسية لتعقب المهاجمين في بعض هذه الهجمات. وتشهد منطقة أزواد شمال مالي تدهوراً أمنياً كبيراً، بعد أن ظلت لعدة سنوات مرتعاً للتنظيمات المسلحة التي سبق أن بسطت سيطرتها الكاملة على الإقليم في العام 2012، بعد أن استطاعت إخراج الجيش المالي من كافة المناطق الشمالية، لكن تدخل فرنسا وبعض الدول الأفريقية الأخرى مكن السلطات من استعادة السيطرة على أجزاء من المنطقة. علماً أن هذا التدخل لم ينه خطر الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والحركات المتحالفة معه. وتعيش المنطقة منذ عدة أشهر على وقع تفجيرات وعمليات خطرة تشنها حركات مسلحة تسعى من حلالها إلى إضعاف الدول الأفريقية التي تتحالف مع الغرب.