لا يزال الجدل في مصر قائماً حول مشروع قانون التأمين الصحي الجديد، لكنه جدل يدور داخل الغرف المغلقة بعيداً عن صاحب الحق الأصيل في معرفة الحقيقة، وهو المواطن البسيط، وسط تخوفات من إصدار قانون يهدر حقه.
وسط هذه التخوّفات، أصدرت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ، شمال مصر، مؤخرا، حكما بوقف تنفيذ قرار الحكومة بالامتناع عن صرف الدواء مدى الحياة لمصرية تعاني ضمورا في الأعصاب والشبكية. وأكدت المحكمة أن التزام الحكومة بالعلاج المجاني للفقراء نص دستوري، ولا يجوز للحكومة تعطيل نص دستوري في الرعاية الصحية لإجبار المرضى على استخدام حق دستوري آخر في التقاضي، ما يعد مهانة تخلق لدى المريض الفقير الشعور بالاغتراب في وطنه.
ويأتي الحكم كمؤشر على أن الحكومة بدأت تطبيق مشروع قانون التأمين الصحي قبل صدوره، وحرمت مريضة من حقها الطبيعي في العلاج.
وكان وزير الصحة عادل عدوي أطلق ما سماه "الحوار المجتمعي" حول القانون، بينما يتم الحوار بين نخبة اختارها الوزير بنفسه، تلتقي مرة أسبوعيا، لتناقش مواد القانون بعيدًا عن الرأي العام. وتضم عددا من وزراء الصحة السابقين، وبعض الخبراء الذين أعدّوا القانون برعاية لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحلّ التي كان يترأسها جمال مبارك في عهد والده.
وبين نقاط الخلاف الرئيسية، حسبما أفاد خبراء، قيمة الاشتراك الشهري وتحميل أعباء جديدة على المرضى، بينها سداد 25 في المائة من تكلفة التعامل مع العيادة الخارجية و30 في المائة من تكلفة العمليات الجراحية، إلى جانب الخلاف حول تحديد من ينطبق عليهم وصف "غير القادرين".
وقال المنسق العام للجنة الدفاع عن الحق في الصحة محمد حسن خليل إن "مشروع قانون التأمين الصحي يعد مخالفا للدستور، حيث يعامل الخدمات الصحية معاملة السلع التجارية، ويعتبر المؤسسات الصحية مرتبطة بالمبالغ المدفوعة متغاضيا عن حقوق المرضى غير القادرين".
وأضاف أن "الحكومة تدعم غير القادرين في الحصول على خدمة طبية حقيقية ذات كفاءة، ولكن عندما تحدد الحكومة من هم غير القادرين تستبعد من هم أحق بهذا الدعم".
وأكد خليل أن الحكومة تصر على تحويل التأمين الصحي إلى مشروع تجاري، والخلاف ليس على صياغة القانون كما تزعم الوزارة بل هو خلاف على مضمون القانون الذي يهدم الاستقرار الاجتماعي ويلزم المنتفعين بدفع الاشتراكات والرسوم والمساهمات، مثل تحمل ثلث قيمة الفحوص الطبية والأدوية والأشعة المقطعية، رغم انخفاض مستوى الدخل للمواطنين، موضحا أنه "إذا تم تمرير القانون بهذا المضمون فإنه سيمثل لطمة لفقراء مصر".
ووجّه عضو لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، عبدالمنعم عبيد، انتقاداً حاداً لوزارة الصحة، مؤكدا أن اللجنة المشكَّلة تعمل على إعداد مشروع القانون دون الإفصاح عن البنود التي تقوم بتعديلها. واتهم اللجنة بأنها نفس مجموعة رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف، المتهمة بوجود توجهات استثمارية لديها تجاه منظومة التأمين الصحي.
وانتقد أحد قيادات اتحاد عمال مصر (رفض ذكر اسمه) الطريقة التي خرج بها مشروع القانون، متسائلا: "مع من تتحاور وزارة الصحة في قانون يهم كافة قطاعات الشعب، ويتضمن 37 مادة أغلبها يخص المنتفعين بنظام التأمين الصحي سواء من العمال الحكوميين أو العمالة غير المنتظمة أو المحالين للمعاش أو أصحاب الأعمال؟".
ويقول مدير "مؤسسة الدفاع عن المظلومين" محمود حامد إن "أسعد الناس بما يجري حاليا هو جمال مبارك، لأنه يرى أفكاره في طريقها للتطبيق بعيدا عن صداع البرلمانات والمناقشات الصاخبة. الخلل كان واضحا منذ سبق التنبيه إليه عند إصدار الدستور الجديد الذي أشار في مادته رقم 18 إلى التزام الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقًا لمعدلات دخولهم"، على حد تعبيره.
ويضيف أن "مكمن الخطر هنا في مفهوم إسهام المواطنين. في كل الدول الرأسمالية وخاصة بريطانيا يسدّد المواطن اشتراكا ثابتا مقرراً على الجميع بصرف النظر عن مستوى دخولهم، ويتمتّع بجميع الخدمات دون أن يدفع، انطلاقا من فكرة التكافل الاجتماعي. أما عندنا فقد ابتدعوا فكرة غير القادرين، فإذا مرض الفقير عليه أن يقدم شهادة فقر ليتمتع بخدمات التأمين الصحي أو يموت لأنه عاجز عن سداد 30 في المائة من قيمة العملية أو العلاج".
وسط هذه التخوّفات، أصدرت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ، شمال مصر، مؤخرا، حكما بوقف تنفيذ قرار الحكومة بالامتناع عن صرف الدواء مدى الحياة لمصرية تعاني ضمورا في الأعصاب والشبكية. وأكدت المحكمة أن التزام الحكومة بالعلاج المجاني للفقراء نص دستوري، ولا يجوز للحكومة تعطيل نص دستوري في الرعاية الصحية لإجبار المرضى على استخدام حق دستوري آخر في التقاضي، ما يعد مهانة تخلق لدى المريض الفقير الشعور بالاغتراب في وطنه.
ويأتي الحكم كمؤشر على أن الحكومة بدأت تطبيق مشروع قانون التأمين الصحي قبل صدوره، وحرمت مريضة من حقها الطبيعي في العلاج.
وكان وزير الصحة عادل عدوي أطلق ما سماه "الحوار المجتمعي" حول القانون، بينما يتم الحوار بين نخبة اختارها الوزير بنفسه، تلتقي مرة أسبوعيا، لتناقش مواد القانون بعيدًا عن الرأي العام. وتضم عددا من وزراء الصحة السابقين، وبعض الخبراء الذين أعدّوا القانون برعاية لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحلّ التي كان يترأسها جمال مبارك في عهد والده.
وبين نقاط الخلاف الرئيسية، حسبما أفاد خبراء، قيمة الاشتراك الشهري وتحميل أعباء جديدة على المرضى، بينها سداد 25 في المائة من تكلفة التعامل مع العيادة الخارجية و30 في المائة من تكلفة العمليات الجراحية، إلى جانب الخلاف حول تحديد من ينطبق عليهم وصف "غير القادرين".
وقال المنسق العام للجنة الدفاع عن الحق في الصحة محمد حسن خليل إن "مشروع قانون التأمين الصحي يعد مخالفا للدستور، حيث يعامل الخدمات الصحية معاملة السلع التجارية، ويعتبر المؤسسات الصحية مرتبطة بالمبالغ المدفوعة متغاضيا عن حقوق المرضى غير القادرين".
وأضاف أن "الحكومة تدعم غير القادرين في الحصول على خدمة طبية حقيقية ذات كفاءة، ولكن عندما تحدد الحكومة من هم غير القادرين تستبعد من هم أحق بهذا الدعم".
وأكد خليل أن الحكومة تصر على تحويل التأمين الصحي إلى مشروع تجاري، والخلاف ليس على صياغة القانون كما تزعم الوزارة بل هو خلاف على مضمون القانون الذي يهدم الاستقرار الاجتماعي ويلزم المنتفعين بدفع الاشتراكات والرسوم والمساهمات، مثل تحمل ثلث قيمة الفحوص الطبية والأدوية والأشعة المقطعية، رغم انخفاض مستوى الدخل للمواطنين، موضحا أنه "إذا تم تمرير القانون بهذا المضمون فإنه سيمثل لطمة لفقراء مصر".
ووجّه عضو لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، عبدالمنعم عبيد، انتقاداً حاداً لوزارة الصحة، مؤكدا أن اللجنة المشكَّلة تعمل على إعداد مشروع القانون دون الإفصاح عن البنود التي تقوم بتعديلها. واتهم اللجنة بأنها نفس مجموعة رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف، المتهمة بوجود توجهات استثمارية لديها تجاه منظومة التأمين الصحي.
وانتقد أحد قيادات اتحاد عمال مصر (رفض ذكر اسمه) الطريقة التي خرج بها مشروع القانون، متسائلا: "مع من تتحاور وزارة الصحة في قانون يهم كافة قطاعات الشعب، ويتضمن 37 مادة أغلبها يخص المنتفعين بنظام التأمين الصحي سواء من العمال الحكوميين أو العمالة غير المنتظمة أو المحالين للمعاش أو أصحاب الأعمال؟".
ويقول مدير "مؤسسة الدفاع عن المظلومين" محمود حامد إن "أسعد الناس بما يجري حاليا هو جمال مبارك، لأنه يرى أفكاره في طريقها للتطبيق بعيدا عن صداع البرلمانات والمناقشات الصاخبة. الخلل كان واضحا منذ سبق التنبيه إليه عند إصدار الدستور الجديد الذي أشار في مادته رقم 18 إلى التزام الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقًا لمعدلات دخولهم"، على حد تعبيره.
ويضيف أن "مكمن الخطر هنا في مفهوم إسهام المواطنين. في كل الدول الرأسمالية وخاصة بريطانيا يسدّد المواطن اشتراكا ثابتا مقرراً على الجميع بصرف النظر عن مستوى دخولهم، ويتمتّع بجميع الخدمات دون أن يدفع، انطلاقا من فكرة التكافل الاجتماعي. أما عندنا فقد ابتدعوا فكرة غير القادرين، فإذا مرض الفقير عليه أن يقدم شهادة فقر ليتمتع بخدمات التأمين الصحي أو يموت لأنه عاجز عن سداد 30 في المائة من قيمة العملية أو العلاج".