انخفض سعر البيتكوين إلى أقل من 10 الاف دولار تزامناً مع انتهاء العمل بالبنوك والبورصات الأميركية يوم الثلاثاء، ليصل إلى أقل مستوً له في أكثر من شهر، وليسارع العديد من حائزي العملة إلى التخلص منها، حيث ازدادت الشكوك في مستقبل العملة المشفرة الأشهر في العالم. كما سجلت عملات مشفرة أخرى، مثل ايثريوم وريبل انخفاضات بأكثر من عشرة بالمائة.
وعند أقل نقطة له في تعاملات الثلاثاء، تجاوز انخفاض سعر البيتكوين نسبة 25%، وهي أعلى نسبة انخفاض في يومٍ واحد تحققها العملة في الشهور الأربعة الأخيرة.
ولم يتضح بعد السبب الحقيقي وراء تلك الانخفاضات الكبيرة، وان كانت وكالة بلومبرغ قد نشرت تقريراً يوم الاثنين، أكدت فيه أن السلطات الصينية تنوي تشديد الاجراءات للحد من المضاربة على العملات المشفرة، في بلدٍ كان يستحوذ على أكثر من ربع التعاملات على تلك العملات حتى وقت قريب.
وكانت السلطات الصينية قد حظرت التعامل على العملات المشفرة منتصف العام الماضي، قبل أن تعود لتسمح به بعد فرض العديد من القيود، الأمر الذي تسبب في حدوث تذبذبات كبيرة في أسعار تلك العملات، وإن كان حائزوها قد حققوا مكاسب خلال العام المنقضي 2017 وصلت إلى 2000% لمن اشترى البيتكوين بداية العام، واحتفظ بها حتى ديسمبر / كانون الأول.
وقال مصدر مسئول بالبنك المركزي الصيني قبل يومين أنه "يتعين على السلطات حظر التعاملات المركزية على العملات المشفرة، ومنع الأفراد والشركات من تقديم الخدمات المرتبطة بها".
وقال ستيفن انجلاندر، المسئول عن وضع الاستراتيجية في شركة "رفيقي كابيتال" التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، أن "بيتكوين تقرر حالياً اذا ما كانت هذه هي اللحظة التي ستنهار فيها وتحترق"
والبيتكوين هي عملة مشفرة تم طرحها في أعقاب الأزمة المالية عام 2008، كوسيلة لتجنب رقابة الحكومات والبنوك المركزية.
وكان أول من قدم البيتكوين إلى العالم شخص غير معروف اسمه ساتوشي ناكاموتو. ووصل غموض هذا الإسم إلى أن محرك البحث العبقري "غوغل" يقول عنه أنه "شخص غير معروف ."
وعلى عكس العملات التقليدية، لا توجد جهة أو سلطة تنظم إصدار العملات المشفرة، وهي مصنوعة بواسطة أجهزة كمبيوتر تقوم بحل مجموعة من المسائل الرياضية المعقدة.
وسمحت لجنة تداول العقود المستقبلية للسلع في الولايات المتحدة الأميركية لبورصة شيكاغو لعقود الخيارات، وأيضاً لبورصة شيكاغو للتجارة، وهما من أكبر أسواق المشتقات في العالم وأكثرها تنوعاً، ببدء التعامل في العقود المستقبلية للبيتكوين خلال شهر ديسمبر /كانون الأول من العام الماضي، وهو ما مثل دفعة كبيرة للعملة، خاصةً بعد إعلان بنك الاتحاد الفيدرالي الأمريكي عن متابعته للعملة من أجل إصدار التنظيمات المطلوبة للتعامل عليها.
ووصل سعر العملة في أعقاب تلك التطورات إلى ما يقرب من عشرين ألف دولاراً، إلا أنه أخذ في الانخفاض منذ ذلك الوقت بسبب التكهنات عن وضع قيود كبيرة على تداولات العملات المشفرة، وعلى رأسها عملة البيتكوين.
وامتنع المستثمرون في كوريا الجنوبية واليابان، أكبر دولتين تتداولا العملة المشفرة حاليا"، عن شراء البيتكوين يوم الثلاثاء، انتظاراً لما ستسفر عنه التوجهات الجديدة من قيود على تداولها، وهو ما ساهم في زيادة حدة انخفاض قيمتها.
وقال بارك سانج كي، النائب العام في كوريا الجنوبية، قبل أيام، أن "وزارة العدل الكورية الجنوبية تدرس إيقاف تداول العملة المشفرة، من أجل وضع حمى التعامل فيها تحت السيطرة حمايةً للمستثمرين".
وأعلنت وزارة المالية والاستراتيجية الكورية الجنوبية رفضها لتوجه وزارة العدل، إلا أنها عادت الثلاثاء لتقول أن "خيار ايقاف تداول العملة المشفرة مازال مطروحاً".
وقال ماكوتو ساكوما، المحلل فى معهد بحوث ان ال آى الذى يتخذ من طوكيو مقراً له، ان "حجم التداول يوم الثلاثاء كان منخفضاً على الرغم من التذبذبات".
وأضاف "أود ان أقول أن الارتفاع القوي الذي شهدناه العام الماضي في قيمة البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة قد انتهى، لكن في حين انتهت مرحلة الارتفاع، فلا أعتقد أنه من الصواب القول أن بيتكوين قد انتهت".
وفي بداية تعاملات الأربعاء، استمر انخفاض سعر العملة المشفرة، لتفقد 7% اضافية من قيمتها، حيث سيطر على المستثمرين الخوف من الاجراءات التنظيمية المزمع اتخاذها.
وقال شوهاي فوجيسي، كبير المحللين في ألت ديزاين، أن البيتكوين "قد تتوقف عن الارتفاع خلال الربع الأول من العام الحالي، انتظاراً لما ستسفر عنه اجتماعات الدول صاحبة الاقتصادات العشرين الكبرى G20 في مارس / آذار المقبل، حيث يتوقع أن يتفق صانعو السياسات هناك على فرض قيوداً على تداولاتها".
لكن جهود صانعو السياسات لكبح جماح البيتكوين تلاقي مقاومة شديدة مع تزايد اعلان كيانات اقتصادية كبيرة عن قبولها كعملة تسوية.
وأعلنت عشرات الشركات قبولها للعملة مقابل مبيعاتها في الكثير من البلدان والصناعات، وكانت أشهر الشركات التي أعلنت ذلك شركة مايكروسفت صاحبة المبيعات الضخمة في كافة أنحاء المعمورة، وشركتي بلومبرج وتومسون رويترز صاحبيتي الخدمات المعلوماتية الخاصة بالأسواق المالية، وشركة سابواي للوجبات السريعة، وشركة أوفرستوك التي تتخص في بيع السلع مرتفعة التكلفة بأسعار مخفضة، وموقعي حجز تذاكر الطيران اكسبيديا وتشيب أير، وأيضاً موقع ويكيبيديا الشهير، وهول فوودز التي اشترتها مؤخراً أمازون العملاقة، بالإضافة إلى العديد من المطاعم ومحلات بيع البيتزا والمقاهي والبارات في استراليا واليابان وكوريا الجنوبية، ومطعم كنتاكي في كندا.
وحذرت العديد من البنوك المركزية في البلاد العربية من التعامل في العملة المشفرة، وحظرت التعامل فيها، وذهب بعضها إلى تحريمه، نظراً لعدم تنظيمها، ولارتفاع مخاطر التعامل فيها بصورة كبيرة.