مرت مصر بأزمات اقتصادية طاحنة منذ اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، كانت كفيلة بانهيار البورصة لعدة أعوام متتالية. غير أن موجة الهبوط الحادة هدأت وطأتها بعد مرور أقل من شهر، قبل أن يدخل المؤشر الرئيسي في حركة متذبذبة بين 4000-4600 نقطة على مدار العام، الذي انتهى باستعادة سوق المال المصرية الاتجاه المتصاعد حتى اخترق مستوى 5 آلاف نقطة آنذاك.
هذه الفترة تكشف لكل متابع أن أكبر اضطراب اقتصادي وأضخم هزة سياسية ضربت البلاد على مدار العقد الماضي، أفقد البورصة المصرية قرابة 41% من رصيدها في ظل الهبوط من 6800 نقطة قبل الثورة إلى مستوى 4000 نقطة تمثل أسفل نقطة خلال عام 2011.
هذا الانخفاض يبدو منطقياً قياساً إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وهو كل ما يتم إنتاجه داخل البلاد من 5.1% في العام المالي 2009 – 2010 إلى 1.8% في 2010-2011.
ولكن في مقارنة بسيطة، يتبين أن تراجع مؤشر البورصة المصرية كان أشد قسوة عند اندلاع الأزمة المالية العالمية في الربع الأخير من عام 2008، إذ انخفض من 8500 نقطة إلى 3500 نقطة، أي هوى مؤشر البورصة العام بمُعدل 58.8%. وهذا على الرغم من عدم نفاذ الأزمة المالية إلى القطاع المصرفي المصري الذي حافظ على تماسكه حتى الآن، فضلاً عن أن الاقتصاد المصري حقق نمواً بنسبة 4.7% في العام المالي 2008-2009.
اقرأ أيضا: ماذا يحدث في البورصة المصرية؟
فكيف إذن يمكن قراءة هذه المعادلة؟ ولماذا تتأثر البورصة المصرية بشدة بأي أزمة عالمية، في حين يكون انخفاض مؤشرها أقل نسبة في حال هزت البلاد ثورة مزلزلة طالت النظام بكل مفاصله؟
إذ بعد تزامن انهيار البورصة المصرية مع الأزمة المالية العالمية، الأمر ذاته تكرر عدة مرات مع بدء أزمات خارجية أخرى، سواء في آسيا أو أوروبا أو ما حصل في دول الخليج العربي أخيراً مع تراجع أسعار النفط.
وكانت آخر الأزمات التي ألقت بظلالها على البورصة المصرية في شهري يونيو/حزيران ويوليو/ تموز الماضيين، تواتر الأنباء عن مواجهة الاقتصاد الصيني أزمة اقتصادية، وذلك مع تباطؤ في معدلات النمو وتوقع تسجيله أدنى مستوياته مقارنة مع السنوات الست الأخيرة، إضافة إلى مواجهة البورصة الصينية انخفاضاً ملحوظاً. وتزامنت الصدمة الصينية مع إجراء اليونان استفتاءً شعبياً على شروط الدائنين، ومواجهة البلاد خطر الإفلاس.
خلال هذه الفترة، فقدت البورصة المصرية 12.4% في مؤشرها، خلال شهر واحد فقط، حتى حسم الشعب اليوناني موقفه برفض طلبات الدائنين. "ما الذي زج بالشؤون الداخلية اليونانية في البورصة المصرية؟" يتساءل خبير أسواق المال، أيمن يحيى، ويحاول تحليل أسباب سير أسواق المال المحلية خلف الأحداث الخارجية في جميع الأوقات. ربما يكون السبب معروفاً لدى الجميع، ومع ذلك نعيد إنتاج المشهد مع كل انطلاقة لحدث خارجي جديد، ويُفسر أيمن يحيى: "إن البورصة المصرية تتسم بتكوين يختلف عن الأسواق المتطورة، حيث يستحوذ المستثمرون الأفراد على 70% من إجمالي قيمة التداولات مقابل 30% للمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار، وهو ما يدفع المؤسسات المالية إلى خلق حالة فزع بين المتعاملين عبر بيع كميات من الأسهم تدفع باقي المتعاملين الأفراد إلى بيع أسهمهم سريعاً بأسعار مُتدنية تطبيقاً لنظرية (القطيع)".
اقرأ أيضا: انفتاح البورصة المصرية لاحتواء الشركات الناشئة
ويضيف: "تبدأ المؤسسات المالية بعد أسابيع قليلة من الفزع البورصوي، في إعادة الشراء مُستفيدة من تدني الأسعار. وحين تحقق الأسهم تحسناً ملحوظاً يكثف المتعاملون الأفراد عمليات الشراء، ولكن عندها تكون الأسعار قد ارتفعت بمعدلات كبيرة تسمح للمؤسسات بتحقيق أرباح جيدة بمحافظها المالية" والحديث لخبير أسواق المال. وفعلياً ينطبق هذا الوضع على الأزمة اليونانية إذ بدأت البورصة المصرية عقب رفض اليونان مطالب الدائنين، بالارتفاع تدريجياً حتى سجلت تحسناً بنسبة 6% بنهاية يوليو/تموز الماضي.
ويُشير يحيى إلى أن هذا الأداء السيئ صاحب سوق الأوراق المالية المحلية، على الرغم من أن الحكومة المصرية أعلنت قبل أسبوعين من إثارة أزمتي الصين واليونان، تأجيل تفعيل قرار فرض ضرائب بواقع 10% على الأرباح الرأسمالية المُحققة بالبورصة. ولم يتجاوز حجم الارتفاع الذي شهدته البورصة نتيجة القرار الحكومي سوى 6%، قبل أن تُعاود نزيف النقاط مرةً أُخرى، رغم أن القرار كان ينتظره جميع المستثمرين على مدار أسابيع.
بدوره، يقول هاني عاشور، وهو رئيس إحدى شركات تداول الأوراق المالية المصرفية، إن: "أزمة الصين مُستمرة رغم أن حجم الاستثمارات الصينية في مصر لا يتجاوز 600 مليون دولار، وإن قيمة الصادرات المصرية بلغت 1.16 مليار دولار فقط مقارنة بواردات صينية تُقدر بـ 10.46 مليارات دولار في عام 2014، إلا أن البورصة المصرية بالغت في رد فعلها إزاء توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني رغم أن الأزمة لن تؤثر على نمو الاقتصاد المصري" .
ووفقًا لمصلحة الدولة للإحصاءات الصينية، تراجع النمو الاقتصادي إلى مستوى 7.5% في الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بنحو 7.7% خلال الربع الأول، وجاء ذلك بعد تحقيق أكبر اقتصاد عالمي أدنى مستوى نمو له منذ 1999 ببلوغه %7.8 خلال العام الماضي. وتستهدف الصين تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 7.5% خلال العام الحالي بأكمله.
ويرى عاشور أن توقعات المُحللين الدوليين تؤكد أن التباطؤ الاقتصادي سيُلازم الصين خلال السنوات المقبلة، مما يعني أن أية مُستجدات في هذا الصدد ستنعكس توابعها على البورصة المصرية.
ووسط هذه الأزمات الخارجية التي توجه دفة البورصة المحلية، تحتفظ الشركات بنظرة مُتفائلة تجاهها. ويستشهد رئيس البورصة، محمد عمران، على ذلك باستقبال البورصة 22 شركة جديدة برؤوس أموال مدفوعة تتجاوز 6 مليارات جنيه، ما يعني استعداد المستثمرين لضخ مزيد من الأموال في البورصة. ويُكمل عمران أنه على الرغم من هبوط سوق المال خلال بعض الفترات من العام الحالي، إلا أن الشركات المدرجة بها اعتمدت عليها لزيادة رؤوس أموالها بواقع 10 مليارات جنيه، وما زالت هناك مجموعة من الشركات الكبرى في قطاعات الأغذية والاستثمار العقاري تستعد لطرح أسهمها في البورصة، للاستفادة من الشهية المرتفعة للمستثمرين.
هذه الفترة تكشف لكل متابع أن أكبر اضطراب اقتصادي وأضخم هزة سياسية ضربت البلاد على مدار العقد الماضي، أفقد البورصة المصرية قرابة 41% من رصيدها في ظل الهبوط من 6800 نقطة قبل الثورة إلى مستوى 4000 نقطة تمثل أسفل نقطة خلال عام 2011.
هذا الانخفاض يبدو منطقياً قياساً إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وهو كل ما يتم إنتاجه داخل البلاد من 5.1% في العام المالي 2009 – 2010 إلى 1.8% في 2010-2011.
ولكن في مقارنة بسيطة، يتبين أن تراجع مؤشر البورصة المصرية كان أشد قسوة عند اندلاع الأزمة المالية العالمية في الربع الأخير من عام 2008، إذ انخفض من 8500 نقطة إلى 3500 نقطة، أي هوى مؤشر البورصة العام بمُعدل 58.8%. وهذا على الرغم من عدم نفاذ الأزمة المالية إلى القطاع المصرفي المصري الذي حافظ على تماسكه حتى الآن، فضلاً عن أن الاقتصاد المصري حقق نمواً بنسبة 4.7% في العام المالي 2008-2009.
اقرأ أيضا: ماذا يحدث في البورصة المصرية؟
فكيف إذن يمكن قراءة هذه المعادلة؟ ولماذا تتأثر البورصة المصرية بشدة بأي أزمة عالمية، في حين يكون انخفاض مؤشرها أقل نسبة في حال هزت البلاد ثورة مزلزلة طالت النظام بكل مفاصله؟
إذ بعد تزامن انهيار البورصة المصرية مع الأزمة المالية العالمية، الأمر ذاته تكرر عدة مرات مع بدء أزمات خارجية أخرى، سواء في آسيا أو أوروبا أو ما حصل في دول الخليج العربي أخيراً مع تراجع أسعار النفط.
وكانت آخر الأزمات التي ألقت بظلالها على البورصة المصرية في شهري يونيو/حزيران ويوليو/ تموز الماضيين، تواتر الأنباء عن مواجهة الاقتصاد الصيني أزمة اقتصادية، وذلك مع تباطؤ في معدلات النمو وتوقع تسجيله أدنى مستوياته مقارنة مع السنوات الست الأخيرة، إضافة إلى مواجهة البورصة الصينية انخفاضاً ملحوظاً. وتزامنت الصدمة الصينية مع إجراء اليونان استفتاءً شعبياً على شروط الدائنين، ومواجهة البلاد خطر الإفلاس.
خلال هذه الفترة، فقدت البورصة المصرية 12.4% في مؤشرها، خلال شهر واحد فقط، حتى حسم الشعب اليوناني موقفه برفض طلبات الدائنين. "ما الذي زج بالشؤون الداخلية اليونانية في البورصة المصرية؟" يتساءل خبير أسواق المال، أيمن يحيى، ويحاول تحليل أسباب سير أسواق المال المحلية خلف الأحداث الخارجية في جميع الأوقات. ربما يكون السبب معروفاً لدى الجميع، ومع ذلك نعيد إنتاج المشهد مع كل انطلاقة لحدث خارجي جديد، ويُفسر أيمن يحيى: "إن البورصة المصرية تتسم بتكوين يختلف عن الأسواق المتطورة، حيث يستحوذ المستثمرون الأفراد على 70% من إجمالي قيمة التداولات مقابل 30% للمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار، وهو ما يدفع المؤسسات المالية إلى خلق حالة فزع بين المتعاملين عبر بيع كميات من الأسهم تدفع باقي المتعاملين الأفراد إلى بيع أسهمهم سريعاً بأسعار مُتدنية تطبيقاً لنظرية (القطيع)".
اقرأ أيضا: انفتاح البورصة المصرية لاحتواء الشركات الناشئة
ويضيف: "تبدأ المؤسسات المالية بعد أسابيع قليلة من الفزع البورصوي، في إعادة الشراء مُستفيدة من تدني الأسعار. وحين تحقق الأسهم تحسناً ملحوظاً يكثف المتعاملون الأفراد عمليات الشراء، ولكن عندها تكون الأسعار قد ارتفعت بمعدلات كبيرة تسمح للمؤسسات بتحقيق أرباح جيدة بمحافظها المالية" والحديث لخبير أسواق المال. وفعلياً ينطبق هذا الوضع على الأزمة اليونانية إذ بدأت البورصة المصرية عقب رفض اليونان مطالب الدائنين، بالارتفاع تدريجياً حتى سجلت تحسناً بنسبة 6% بنهاية يوليو/تموز الماضي.
ويُشير يحيى إلى أن هذا الأداء السيئ صاحب سوق الأوراق المالية المحلية، على الرغم من أن الحكومة المصرية أعلنت قبل أسبوعين من إثارة أزمتي الصين واليونان، تأجيل تفعيل قرار فرض ضرائب بواقع 10% على الأرباح الرأسمالية المُحققة بالبورصة. ولم يتجاوز حجم الارتفاع الذي شهدته البورصة نتيجة القرار الحكومي سوى 6%، قبل أن تُعاود نزيف النقاط مرةً أُخرى، رغم أن القرار كان ينتظره جميع المستثمرين على مدار أسابيع.
بدوره، يقول هاني عاشور، وهو رئيس إحدى شركات تداول الأوراق المالية المصرفية، إن: "أزمة الصين مُستمرة رغم أن حجم الاستثمارات الصينية في مصر لا يتجاوز 600 مليون دولار، وإن قيمة الصادرات المصرية بلغت 1.16 مليار دولار فقط مقارنة بواردات صينية تُقدر بـ 10.46 مليارات دولار في عام 2014، إلا أن البورصة المصرية بالغت في رد فعلها إزاء توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني رغم أن الأزمة لن تؤثر على نمو الاقتصاد المصري" .
ووفقًا لمصلحة الدولة للإحصاءات الصينية، تراجع النمو الاقتصادي إلى مستوى 7.5% في الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بنحو 7.7% خلال الربع الأول، وجاء ذلك بعد تحقيق أكبر اقتصاد عالمي أدنى مستوى نمو له منذ 1999 ببلوغه %7.8 خلال العام الماضي. وتستهدف الصين تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 7.5% خلال العام الحالي بأكمله.
ويرى عاشور أن توقعات المُحللين الدوليين تؤكد أن التباطؤ الاقتصادي سيُلازم الصين خلال السنوات المقبلة، مما يعني أن أية مُستجدات في هذا الصدد ستنعكس توابعها على البورصة المصرية.
ووسط هذه الأزمات الخارجية التي توجه دفة البورصة المحلية، تحتفظ الشركات بنظرة مُتفائلة تجاهها. ويستشهد رئيس البورصة، محمد عمران، على ذلك باستقبال البورصة 22 شركة جديدة برؤوس أموال مدفوعة تتجاوز 6 مليارات جنيه، ما يعني استعداد المستثمرين لضخ مزيد من الأموال في البورصة. ويُكمل عمران أنه على الرغم من هبوط سوق المال خلال بعض الفترات من العام الحالي، إلا أن الشركات المدرجة بها اعتمدت عليها لزيادة رؤوس أموالها بواقع 10 مليارات جنيه، وما زالت هناك مجموعة من الشركات الكبرى في قطاعات الأغذية والاستثمار العقاري تستعد لطرح أسهمها في البورصة، للاستفادة من الشهية المرتفعة للمستثمرين.