البصرة العراقية تغرق بدماء الناشطين: الوعود الحكومية لا توفر الأمن

20 اغسطس 2020
انتقادات لأداء الأجهزة الأمنية في البصرة (Getty)
+ الخط -

وصل وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي، اليوم الخميس، إلى مدينة البصرة، بعد ليلة دامية جديدة، شهدت مقتل وإصابة عدة ناشطين، بالتزامن مع محاولتي اغتيال في بغداد أيضاً لناشطة ومتظاهر بارز، يشتركون جميعاً في كونهم من أعضاء الحراك المدني الداعم للاحتجاجات الشعبية.

وخلال الأيام الثلاثة الماضية، نفذت جماعة مسلحة، تؤكد مصادر أمنية بارزة في المحافظة المطلة على مياه الخليج العربي، أنها تابعة لمليشيا مرتبطة بإيران، سلسلة عمليات اغتيال أدت إلى مقتل وإصابة عدد من المتظاهرين، أبرزهم الناشط أسامة الشحماني، والناشطة الطبيبة ريهام يعقوب، وزميلها، وقد توفيت متأثرة بجراحها بالهجوم الذي طاولها، ليلة أمس الأربعاء، فضلاً عن متظاهر يدعى فلاح الحسناوي.

وأجرى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أخيراً، تغييرات في قيادات المحافظة الأمنية، محاولاً السيطرة عليها، وشمل التغيير إعفاء قائد شرطة المحافظة ورئيس جهاز الأمن الوطني. 

وأبلغت مصادر أمنية مطلعة "العربي الجديد"، بأنّ وزير الداخلية وصل إلى البصرة على رأس وفد أمني رفيع المستوى، لبحث الهجمات التي تستهدف الناشطين.

ووفقاً للمصادر ذاتها، أمر الغانمي بحجز الضباط الذين وقعت في مناطق سيطرتهم عمليات الاغتيال الأخيرة، وفتح تحقيق موسّع في الجرائم.

نفذت جماعة مسلحة تؤكد مصادر أمنية بارزة بالبصرة أنها تابعة لمليشيا مرتبطة بإيران سلسلة عمليات اغتيال

وقال ضابط في شرطة البصرة، رداً على سؤال عن الجهة التي تقف وراء العمليات: إنها "مليشيات نافذة مرتبطة بإيران"، مضيفاً، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنّ "المليشيات الولائية باتت تُكفّر أي ناشط يدعو للدولة المدنية وسلطة القانون"، كاشفاً عن مغادرة عدد من الناشطين منازلهم، خوفاً من عمليات اغتيال مماثلة تطاولهم. 

ويأتي ذلك فيما لا يزال يرقد أربعة ناشطين في مستشفيات البصرة إثر تعرضهم لمحاولات اغتيال أدت إلى إصابتهم، وهم عباس صبحي ولوديا ريمون، وهالة أحمد وفاتن سعد، بينما أكدت مصادر طبية في بغداد تجاوز الناشطة والمسعفة انتصار أحمد، حالة الخطر بعد إصابتها بثلاث طلقات، ليلة أمس الأربعاء، قرب ساحة التحرير في بغداد. 

قائد شرطة البصرة الجديد اللواء عباس ناجي، الذي تسلّم مهامه، أمس الأربعاء، قرّر "تشكيل لجنة من كبار ضباط الشرطة للتحقيق في جريمة اغتيال الدكتورة ريهام يعقوب وزميلتها"، مشدداً، في بيان، على "ضرورة التوصل إلى الجناة خلال 72 ساعة، وتقديمهم للعدالة".  

سياسيون اعتبروا ما يحصل في المحافظة حملة "إعدامات"، مطالبين بعملية أمنية وإجراءات تحقيقية.

وقال زعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي، في تغريدة له: "البصرة تُذبح وأبناؤها يتعرضون لحملة إعدامات غير مسبوقة على مرأى ومسمع من الحكومة وأجهزتها الأمنية، دون رقابةٍ أو حساب"، متسائلاً: "هل سننتظر إعلان تشكيل لجان تحقيق جديدة، سرعان ما ستفشل في إعلان النتائج كما فشلت سابقاتها؟".

أما النائب عدنان الزرفي، فقد دعا إلى تنفيذ صولة أمنية كبرى بالمحافظة، وقال في تغريدة، إنّ "ما يحدث في البصرة من سلسلة اغتيالات بحق الشباب الأعزل ما هو إلا إعلان حرب ضد الدولة، وأن مسؤولية حماية المواطنين تحتم علينا أن نطالب بصولة كبرى يقودها جهاز مكافحة الإرهاب، وبإشراف مباشر من القائد العام للقوات المسلحة لتنظيف البصرة من هؤلاء الشرذمة والمجرمين، فهم أشد خطراً من داعش" .

الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرداغي، استغرب عدم تجرؤ الجهات التي تقف خلف الاغتيالات على القواعد الأميركية، وتفضيلهم قتل المدنيين، وقال في تغريدة: "يركزون على قتل الناشطين المسالمين والمدنيين ونشر الخوف والإرهاب، القواعد الأميركية في مناطق معروفة، لكن الجبناء يفضلون قتل المدنيين وإطلاق الصواريخ العشوائية على منازل المدنيين".

وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، أطلق ناشطون هاشتاغ "البصرة تغتال"، معتبرين أنّ المليشيات المرتبطة بإيران هي التي تنفذ تلك العمليات، محمّلين الحكومة والأجهزة الأمنية مسؤولية الفشل في ضبط أمن المحافظة.

وقال الناشط، عباس، في تغريدة له، إن "هناك فتوى من الرهبر بتكفيرنا وقتلنا. الأحزاب والمليشيات تصول وتجول وتقتل وتسلب وتنهب وتيتّم عوائل، تحت غطاء محافظ البصرة أسعد العيداني وحمايته، لديهم فتوى بقتلنا. البصرة تتعرض لعملية تصفية للمحتجين الذين رفضوا القتلة".

أما الناشطة زين سليم، فقد تساءلت في تغريدة: "أين جهاز مكافحة الإرهاب مما يجري من إرهاب واغتيالات ضد المتظاهرين والناشطات في البصرة وبغداد والمحافظات العراقية الأخرى؟ ما الفائدة من إقالة قيادات أمنية ودم العراقي لا يزال يسيل على أيدي مسوخ عفنة؟؟".

ووجهت الناشطة إشراق جاسم تساؤلاً إلى رئيس الوزراء في تغريدة لها، قائلة: "سيادة الرئيس، إلى متى تستمر سلسلة الاغتيالات، إذا حضرتك لا تستطيع أن تسيطر على الوضع، فمن يسيطر ويحاسب المليشيات؟".

الناشطة مها دعت الناشطين إلى عدم الاعتماد على الأجهزة الأمنية بتوفير الحماية لهم، وقالت في تغريدة: "كل واحد يحمي نفسه بنفسه... لا توجد دولة تحمينا، هل نسيتم؟ ما عدنا وطن!".

 

المساهمون