البرودة تعرّف الأشياء إلى بعضها

26 فبراير 2016
فاروق قندقجي/ سورية
+ الخط -
الإوزّاتُ تتناقرُ في النهر.

تنسلُّ ريشةٌ بيضاءُ إلى عيني؛
إذ لا عهد لعينيَّ بالكلام.

تلك الإوزّاتُ
غافلةٌ عن وجودي
على ضفة النهر.
كَوني، الآن، أهجسُ بالموت - وها إنني مبتلٌّ -
لذا، لا تتناهى إلى مسامعنا أصواتُها.
هي الآذانُ ملتحمةٌ بالرؤوس؛
ما يمسكها عن التحليق.

ريشةٌ بيضاءُ بعيني.
الصديقُ، جواري، يقول:
(ريبر..
عيناي، حينما تصمتُ، لا تبصران النهر).
هو لا يقول؛
لكنّها - الإوزّاتِ، توحي إليّ.

ابسطي أجنحتَكِ
لأعرفني أكثر..
أيتها الإوزّاتُ.

هذا الصديقُ، جواري، كأنما لا يتكلّم!.
لا زال في مقدوري أن أقيس بيديّ
البرودةَ المحيطةَ بالأشياء..
هي البرودةُ تعرّفُ الأشياءَ
إلى بعضها البعض.

على ضفة النهر أنا.
كُلّي مبلّلٌ
وفي عُبّي وردةٌ تَيْبَسُ.
هو البَلَلُ سرُّ انسياب الكلمات..
ليس في وسعي التفسيرُ؛
إذ يحدث ذلك الآن.

لا أتحدّث، صباحاً، عن اللامرئي
ما يجعلني، الآن، على ضفة نهر
يكلأ فيه الضوءُ.

على ضفة النهر أنا.
أُمسكُ الإوزّاتِ عن إحراق مناقيرها..
من غير زَجْرٍ، لذلك
هي رجائي.

الإوزّاتُ تنقرُ عينَ الشمس؛ أنْ تُودي بأبصارها.
كَوني لا أصادفها دائماً
فلا أقول إنها إوزّاتي.
كَوني على ضفة النهر
فأنا لستُ بميْتٍ.

فتاة ألمانية قالت:
الإوزّةُ
تقتلها الوحدةُ!

الآن
على ضفة النهر أنا.
الريشةُ التي بعيني
تمسكني عن مشاهدة الإوزّات.

* شاعر كردي سوري، مواليد الحسكة 1981. يكتب باللغتين العربية والكردية. مقيم في برلين. القصيدة من مجموعة قيد النشر.

** الترجمة عن الكردية: أمير الحسين


اقرأ أيضاً: جدار برلين السوري

المساهمون