البرلمان المصري يعاود الانعقاد اليوم: تقنين خرق الأمن للدستور

01 أكتوبر 2019
يبدأ البرلمان دور انعقاده السنوي الخامس والأخير (Getty)
+ الخط -

تشهد شوارع وسط القاهرة حالةً غير مسبوقة من التشديد الأمني، تحسباً لتجدد تظاهرات قوى المعارضة، المطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتزامن مع عودة البرلمان للانعقاد، اليوم الثلاثاء، بعد انتهاء فترة إجازته التي امتدت إلى نحو شهرين ونصف الشهر.

ونشرت قوات الشرطة العديد من اللجان على مداخل الشوارع الرئيسية الموصلة إلى مجلس النواب، بغرض تفتيش المارة، لا سيما الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً، والاطلاع على بطاقات هوية وهواتف "المشتبه فيهم"، في محاولة لقطع الطريق على أيّ احتجاجات محتملة مع عودة البرلمان للانعقاد.

وواصلت قوات الأمن حملاتها الموسعة على الوحدات السكنية المؤجرة، والفنادق ذات التصنيف الأقل في مناطق عابدين، وقصر النيل، والسيدة زينب، والمنيرة، وباب اللوق، للتأكد من هوية روادها من المصريين والأجانب، مع التنبيه على أعضاء البرلمان بعدم اصطحاب مندوبين معهم في الجلسات الأولى.



وقالت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد"، إنه لن يُسمح بمرور أي من مرافقي أعضاء مجلس النواب في الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد، بغض النظر عن حيازتهم تصاريح دخول سنوية إلى البرلمان، مشددة على أن المرور سيقتصر على نواب البرلمان أنفسهم، والصحافيين المعتمدين لدى المجلس.

وتعيش مصر حالة من الحراك الشعبي، منذ خروج جموع من المواطنين في تظاهرات مناوئة للسيسي في 20 سبتمبر/أيلول، والتي أعقبتها حملة اعتقالات واسعة طاولت أكثر من ألفي متظاهر سلمي، بالإضافة إلى توقيف قيادات حزبية وعمالية بارزة، والعديد من الأكاديميين والصحافيين والمحامين الحقوقيين.

ويستهل رئيس البرلمان، علي عبد العال، دور انعقاده السنوي الخامس (الأخير)، بالدعوة إلى إجراء انتخابات اللجان النوعية، والتي تشمل اختيار رئيس ووكيلين وأمين سر لمجموع 25 لجنة، مع إتاحة الفرصة لكل نائب لإبداء رغبته بشأن اللجنة التي سينضم إليها، وترشحه على أحد مناصبها من عدمه.

وأفادت مصادر برلمانية بأن رئيس ائتلاف "دعم مصر" (ممثل الأغلبية)، عبد الهادي القصبي، اجتمع مع رئيس حزب "مستقبل وطن" أشرف رشاد، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب "المصريين الأحرار" أيمن أبو العلا، ورئيس حزب "الوفد الجديد" بهاء الدين أبو شقة، للتوافق حول مناصب اللجان النوعية.

وقالت المصادر، في حديث خاص، إن الاجتماع انتهى إلى استحواذ حزب "مستقبل وطن" على رئاسة 19 لجنة نوعية، مع ترك رئاسة 3 لجان لحزب "المصريين الأحرار"، ومثلها لحزب "الوفد الجديد"، من دون اعتبار للأحزاب الأخرى الممثلة تحت قبة البرلمان، مشيرة إلى استقرار الحضور على عدم إجراء انتخابات في أي من اللجان النوعية، وحسمها جميعاً بـ"التزكية".

وأضافت أن رئيس ائتلاف "دعم مصر" سيحتفظ برئاسة لجنة التضامن الاجتماعي، ورئيس حزب "مستقبل وطن" برئاسة لجنة الشباب والرياضة، ورئيس حزب "الوفد الجديد" برئاسة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، مع استمرار كل من علاء عابد في رئاسة لجنة حقوق الإنسان، وأسامة هيكل في رئاسة لجنة الثقافة والإعلام.

كما سيحتفظ لواء الاستخبارات السابق كمال عامر برئاسة لجنة الدفاع والأمن القومي، وكريم درويش برئاسة لجنة العلاقات الخارجية، وأحمد رسلان برئاسة لجنة الشؤون العربية، وطارق رضوان برئاسة لجنة الشؤون الأفريقية، وأحمد السجيني برئاسة لجنة الإدارة المحلية، ومحمد فرج عامر برئاسة لجنة الصناعة، وهشام الشعيني برئاسة لجنة الزراعة، وفق المصادر.

في غضون ذلك، انتهت الأمانة العامة في البرلمان من أعمال طلاء الجدران وتزيين الطرقات، وتجهيز القاعة الرئيسية ومقار اللجان، استعداداً للجلسة الافتتاحية، والتي ستشهد تلاوة رئيس البرلمان قرار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بشأن دعوة المجلس للانعقاد، والأولويات التشريعية لدور الانعقاد الأخير.

وقالت المصادر إن "الأولويات التشريعية للبرلمان تشمل تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، الهادفة إلى تغيير قواعد المحاكمات بجعل الاستماع إلى الشهود سلطة جوازية لرئيس المحكمة، وحظر نشر أسماء القضاة والمتهمين والشهود إلا بإذن من المحكمة، فضلاً عن منع الشخص المُدرج على قوائم الكيانات الإرهابية من ممارسة أي نشاط دعوي أو اجتماعي".

وترمي التعديلات إلى تقنين إجراءات الأمن الأخيرة بتفتيش هواتف المواطنين، والولوج إلى حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من مخالفتها للدستور، وذلك باستصدار أوامر قضائية بمراقبة الأشخاص والمساكن وتفتيشها، ومراقبة الحسابات الشخصية على مواقع التواصل، وحسابات البريد الإلكتروني.

ونصّت المادة 57 من دستور مصر على أن "للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها، إلا بأمر قضائي مُسبب، ولمدة محددة. وفي الأحوال التي يبينها القانون".

وبحسب المصادر، يعد مشروع قانون العمل الجديد من أولويات مجلس النواب، مع العلم أنه يواجه رفضاً مجتمعياً واسعاً، كونه يحتوي على الكثير من البنود التي تنتقص من حقوق العمال، إلى جانب تجريمه حق الإضراب المكفول دستوراً، وتنظيمه إجراءات الفصل التعسفي، مع منح أصحاب الأعمال حق تقليص الأجور، وتغيير أنماط العمال مقابل عدم إغلاق المنشأة.

وكان برلمانيون بارزون قد رجحوا الإطاحة برئيس البرلمان الحالي فور الانتهاء من الدورة التشريعية في نهاية يونيو/حزيران 2020، كاشفين أن الدائرة الاستخبارية المقربة من رئيس البلاد، ويديرها نجله محمود السيسي، تعد حالياً قائمة بأسماء المرشحين لخلافة عبد العال، على ضوء سقطاته المتكررة منذ انعقاد المجلس مطلع 2016.

وقالت مصادر برلمانية، في حديث سابق مع "العربي الجديد"، إن السيسي تلقى تقارير من أجهزة سيادية توصي بعدم استمرار عبد العال في منصبه، نتيجة الرفض الشعبي الواسع لأداء البرلمان بصفة عامة، ولرئيسه على وجه أخص، منوهة إلى أن حالة الرفض تشمل كذلك أعضاء ائتلاف الأغلبية، والذين يرون أن عبد العال يسيء إلى صورة المجلس في الشارع.