يشرع البرلمان التونسي، غدًا الخميس، في مناقشة قانون تجريم الاعتداءات على القوات المسلحة، بالاستماع الى وزير الداخلية، وإلى النقابات الأمنية بمختلف تشكيلاتها، التي تعتبره ضرورة لا مناص منها لمواصلة العمل، وسط رفض واسع من المجتمع المدني والحقوقيين لما اعتبروه نافذة لعودة القمع والاستبداد.
ودعت لجنة التشريع وزير الداخلية، الهادي مجدوب، إلى جلسة استماع، غدًا الخميس، حول مشروع قانون تجريم الاعتداءات على القوات المسلحة، الذي تم اقتراحه من الحكومة السابقة برئاسة الحبيب الصيد في 13 أبريل/نيسان 2015، وبقي حبيس رفوف البرلمان بعد موجة الرفض غير المسبوقة من المجتمع الأهلي والحقوقيين.
وعاد هذا القانون إلى الواجهة بعد أكثر من سنتين إثر تأجج الاحتجاجات على خلفية حادثة حرق عون الأمن مجدي الحجلاوي، وما لقيته من استنكار لدى الرأي العام في تونس، ولدى قوات الأمن والحرس التي طالبت البرلمان والحكومة بالإسراع بتمريره.
وفي السياق نفسه، أكد الهادي مجدوب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تبني حكومة يوسف الشاهد للقانون الذي قدمه سلفه إلى البرلمان، في إطار استمرار الدولة، ومن منطلق الضرورة والشعور بالمسؤولية.
وبشأن الجدل القائم حول أحكامه، ورفض عدد من المنظمات والجمعيات عددًا من الفصول ومطالبتهم بسحبه، بينّ مجدوب أن القانون الآن بين يدي المشرع، ومعروض على لجنة التشريع العام، وستتم مناقشته والتداول فيه، وهو قابل للتعديل.
وكانت احتجاجات النقابات والهياكل الأمنية في مختلف القوات المسلحة، وتنظيمها وقفة أمام مقر البرلمان بباردو، يوم الخميس 6 يوليو/تموز، قد دفعت مكتب البرلمان لتبني المشروع من جديد، إذ أعلن رئيس مجلس نواب الشعب، محمد الناصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أولوية النظر فيه داخل اللجان المختصة، مبينًا أن مجلس نواب الشعب يدين الاعتداءات المتكررة ضد أفراد قوات الأمن والحرس، ويتابع مطالبهم بانشغال.
وبيّن الناصر أن لجنة التشريع ستنطلق في الاستماع إلى الهياكل النقابية والإدارات المعنية بالشأن الأمني، وسيتم تشريكهم في صياغة وإعداد هذا القانون.
ودعت لجنة التشريع العام عددًا من النقابات الأمنية إلى جلسة استماع مباشرة، إثر إتمام الاستماع إلى وزير الداخلية، إذ تقررت دعوة رؤساء وممثلي الاتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن التونسي، ونقابة وحدات التدخل، والنقابة العامة للحرس الوطني، واتحاد نقابات الحماية المدنية، والنقابة العامة للسجون والإصلاح، والنقابة العامة لموظفي سلك الأمن العمومي، ونقابة أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، والنقابة العامة لأعوان الديوانة (الجمارك).
واعتبر رئيس الاتحاد التونسي لنقابات قوات الأمن، عماد بلحاج خليفة، أن هذا القانون أصبح ضرورة ملحة لضمان حسن أداء الأمنيين لواجبهم في حماية الوطن والمواطنيين، مشيرًا إلى أن تكرر الاعتداءات على الأمنيين وعائلاتهم ومراكز عملهم دون معاقبة أو تتبع المذنبين جعل من مواصلة العمل أمرًا مستحيلًا.
وأضاف، أن رجال الأمن أصبحوا يخشون تبعات أداء واجبهم، نظرًا للتهديدات التي تطاولهم وعائلاتهم، وتصل إلى حد الموت، مطالبًا بتوفير الحماية التشريعية اللازمة للقوات المسلحة لفرض القانون وتحقيق الأمن في البلاد.
من جانبها، عبرت عدة منظمات حقوقية تونسية وأجنبية عن تخوفها من عودة أساليب التضييق القديمة على الحريات، وضرب المكاسب التي جاء بها دستور الجمهورية الثانية، في حال إقرار البرلمان القانون الجديد المتعلق بزجر الاعتداءات ضد القوات المسلحة.
وأعربت مديرة مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تونس، آمنة قلالي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن تخوفها من تمرير القانون الخاص بزجر الاعتداءات على القوات المسلحة، معتبرة أن هذا النص له انعكاسات سلبية على الحقوق والحريات الأساسية، كما يهدد المكاسب التي جاء بها دستور 2014.
وأضافت قلالي، أن الأحكام الموجودة في القانون الجزائي التونسي كافية لردع المعتدين على قوات الأمن؛ فلا وجود لفراغ تشريعي في هذا الغرض، محذرة من خطورة سن قوانين قد تضر بحق التظاهر السلمي والاحتجاج وحرية التعبير والعمل الصحافي.
ويتضمن المشروع 20 بندًا تتضمن أحكامًا وعقوبات جزائية تصل إلى حدود 20 عامًا، ومخالفات مالية تصل إلى 50 ألف دولار للمخالفين، وتتراوح التهم بين تهديد الأمنيين، أو أحد أفراد عائلاتهم، أو الاعتداء عليهم، أو على مقرات عملهم ومحلات سكناهم. في المقابل يرفع مشروع القانون أي مسؤولية جزائية عن أعوان الأمن في حالات القتل والاعتداء أثناء أدائهم مهامهم.