وأوضح البرغوثي، خلال مؤتمر صحافي بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاقية أوسلو، عقده في مقر حركة المبادرة في مدينة رام الله، أن من بين ذلك التوسع الاستيطاني 140 مستوطنة، و120 بؤرة استيطانية يجري تشريعها واحدة تلو الأخرى، علاوة على وجود مناطق عسكرية مغلقة محرم على الفلسطينيين دخولها، وكذلك قواعد عسكرية وجدار الفصل العنصري، وهناك مناطق تعتبر أراضي دولة ومحرمة على الفلسطينيين، وكذلك الطرق الالتفافية، وهي طرق عنصرية محرمة على الفلسطينيين.
وأشار البرغوثي إلى أن هذه النتيجة كانت بسبب تأجيل كافة القضايا التي كان يجب أن تحل، إضافة إلى أنه قد سمح بالهيمنة الاقتصادية عبر اتفاق باريس الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني معاناة كبيرة.
وفي حديث إلى "العربي الجديد"، أكد البرغوثي أن اتفاق أوسلو فشل بشكل كامل، و"ما يجري في الخان الأحمر هو نموذج لهذا الفشل، إذ إنه لو لم يقبل الاعتراف بإسرائيل دون تحديد حدودها لما تجرأت إسرائيل على ما تفعله اليوم، وكذلك في حال أقر وقف الاستيطان كشرط لتوقيع اتفاق أوسلو".
وأكد أن "ما يجري بالخان الأحمر والمناطق الفلسطينية الأخرى دليل على أن إسرائيل استفادت من اتفاق أوسلو واستغلته استغلالا عميقا، وخدعت الجانب الفلسطيني ووضعته في فخ، حيث وظفت واستغلت الأخطاء في عقد الاتفاق".
وخلال المؤتمر الصحافي، قال البرغوثي إن "ما قامت به الإدارة الأميركية من إجراءات مؤخرا يدل على أن كافة قضايا الحل النهائي التي كان يجب أن يجري التفاوض عليها في اتفاقية أوسلو يجري تقريرها من جانب واحد، وبدعم كامل من إدارة ترامب".
وأضاف: "اتفاق أوسلو بني للأسف على تحليل خاطئ واجتهاد ربما لم يكن صحيحا في فهم الخصم الذي نواجهه، حيث إن الحركة الصهيونية لم تقبل بحل الدولتين، واعتبرت ما جرى محطة لكسب الوقت، ومن الواضح أنه لم يظهر أي زعيم إسرائيلي يقبل بدولة فلسطينية، حتى إسحاق رابين لم يتحدث سوى عن حكم ذاتي".
وتطرق البرغوثي إلى وجود أخطاء ارتكبت خلال اتفاقية أوسلو واستغلتها إسرائيل بشكل كبير، وهي "الاعتراف غير المتكافئ، وكل ما جرى أن منظمة التحرير الفلسطينية هي من اعترفت فقط دون تحديد حدود دولة إسرائيل، وتم توقيع الاتفاق دون اشتراط وقف الاستيطان، حيث كان عدد المستوطنين حين توقيع الاتفاق 111 ألف مستوطن، واليوم وصل عددهم إلى 750 ألف مستوطن".
وتابع: "كان من بين تلك الأخطاء أنه تم الاتفاق على أن يكون اتفاقا جزئيا انتقاليا دون تحديد النتيجة النهائية، ولذا بقيت القضايا الرئيسية مؤجلة، ونحن نرى إسرائيل اليوم تفرض إجراءات ملموسة على الأرض، علاوة على الخطأ في تجزئة الأراضي إلى "أ،ب،ج"، وهو ما أحدث مشكلة كبيرة بالنسبة للشعب الفلسطيني، وأوجد 224 تجمعا مقطع الأوصال بالاستيطان والحواجز، علاوة على أن منطقة "ج"، والتي تشكل 62% هي منطقة مكرسة بالكامل للاستيطان، وفي مقدمتها الخان الأحمر الذي يهدف منه الاحتلال إلى ربط مستوطنات محيط القدس بمستوطنات الأغوار لتطوق القدس بالكامل، وتمنع بذلك قيام دولة فلسطينية مستقلة، وتجزئ الضفة الغربية إلى جزأين".
وشدد البرغوثي على "أننا أمام ظواهر خطيرة، منها فصل القدس بالكامل عن الضفة الغربية، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية عبر منظومات مختلفة، وكذلك نواجه التوسع الاستيطاني الذي لا يتوقف وتقطيع أوصال الضفة الغربية، وما نعيشه اليوم من تمييز عنصري".
وأوضح أن "الحركة الصهيونية مرت بثلاث مراحل، وهي إنشاء الاستيطان في فلسطين وإقامة إسرائيل، ثم استكمال احتلال ما تبقى من فلسطين، وأخيرا محاولة تصفية مكونات القضية الفلسطينية بالهجوم على القدس واللاجئين والاستيطان كمحاولة لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة".
وأكد البرغوثي أن "استراتيجية المفاوضات فشلت، واتفاق أوسلو فشل، وعلى الجميع أن يعترف بذلك، وما أوصلنا لذلك هو أن الحركة الصهيونية لن تقبل بحل وسط وفكرة الحل الوسط كانت فقط من الجانب الفلسطيني، وما دامت الحركة الصهيونية ترفض فكرة الحل الوسط إذا لم تعد فكرة التفاوض معها صحيحة".
ومضى قائلاً: "بعد 25 عاما، الطريق أمامنا يتطلب استراتيجية وطنية بديلة مختلفة عما اتبع سابقا، هدفها المركزي تغيير ميزان القوى والتحرر من الاتفاقيات السابقة، إذ كانت الاستراتيجية السابقة بالاعتقاد أن الفلسطينيين مستعدون لحل وسط، وأن أميركا راعية للمفاوضات".
وأوضح أن "الإستراتيجية التي يجب أن تعتمد يجب أن ترتكز على المقاومة الشعبية، وفرض العقوبات على إسرائيل، وتوحيد الصف الوطني بأسرع وقت ممكن، وتعزيز الصمود الفلسطيني على الأرض، وخلخلة معسكر الخصم بسلسلة من النشاطات الميدانية".
إلى ذلك، قال البرغوثي إن "إسرائيل اليوم تواجه معضلتين كبيرتين، تتمثلان بالوجود الديمغرافي الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية، والذي فاق عدد اليهود الإسرائيليين، ولا يمكن أن تحلها الحركة الصهيونية دون أن تجزئنا وتقسمنا، والمعضلة الأخرى بأن الشعب الفلسطيني ما زال يقاوم المخطط الصهيوني".