البرازيل: الفقراء ينتخبون روسيف رئيسة

28 أكتوبر 2014
لم تحافظ روسيف على إنجازات لولا الاقتصاديّة (Getty)
+ الخط -
لم تتأخر رئيسة البرازيل، ديلما روسيف، التي أعيد انتخابها، يوم الأحد الماضي، لولاية رئاسيّة جديدة من 4 سنوات، في قراءة نتائج الانتخابات الرئاسيّة، التي بقيت حتى اللحظة الأخيرة غير محسومة. فسارعت في خطابها الأول بعد فوزها، بفارق ضئيل، على خصمها الاجتماعي الديمقراطي إيسيو نيفيز، إلى دعوة البرازيليين لـ "الوحدة والسلم والحوار".
وشهدت البرازيل انقساماً حاداً، غير مسبوق، خلال فترة الحملات الانتخابيّة، عكسته نتائج الانتخابات الرئاسية، في دورتها الثانية، بحصول روسيف على أصوات 51.6 في المائة من أصوات الناخبين، مقابل حصول نيفيز على 48.3 في المائة، بفارق لم يتجاوز ثلاثة ملايين صوت.

ويبدو العمل على تحقيق المصالحة مع معارضيها، من أبرز مهمات روسيف في المرحلة المقبلة، وهي لم تتردّد في خطاب الفوز بالتأكيد على استعدادها للحوار ومدّ يدها إلى معارضيها، بهدف "تغيير البلاد"، متعهّدة بتعزيز "الإصلاح السياسي" و"محاربة الفساد"، على خلفية اتهامات كثيرة تواجهها وحزب العمال، بالفساد في شركة بتروبراز النفطية العملاقة، المملوكة من الدولة.
ويعدّ فوز روسيف انتصاراً جديداً لحزب العمال البرازيلي، وامتداداً لمسيرته في الحكم المستمرّة منذ 12 عاماً. وينظر المحللون والمراقبون إلى فوزها على أنّه "انتصار للفقراء ولإنجازات اجتماعيّة"، تمكّن "العمال" من تحقيقها خلال سنوات حكمه، واستفاد منها ربع الشعب البرازيلي، على الرغم من حالة عدم الاستقرار الاقتصادي وغياب الإصلاح السياسي وقضايا الفساد.


وتُظهر قراءة أولية لنتائج الانتخابات وخارطة توزّع أصوات الناخبين، حصول روسيف على غالبيّة أصوات مناطق الشمال الشرقي، وهي المناطق الأكثر فقراً، والأكثر استفادة من البرامج والمنح الاجتماعية التي أقرّتها حكومة روسيف، استكمالاً لما بدأته حكومة نجم حزب العمال، الرئيس الأسبق ايناسيو لولا دا سيلفا (2003 ــ 2010). وفي مقابل فوزها بأصوات الفقراء، خسرت روسيف بشكل كبير في ولاية ساو باولو، معقل الحزب الاجتماعي الديمقراطي الذي ينتمي إليه نيفيز، لكنّها في الوقت ذاته، أحرزت تقدّماً بفارق كبير على خصمها في معقله، بولاية ميناس جيرايس، التي كان حاكماً لها، وولاية ريو، في جنوب شرقي البلاد الصناعي.

وعلى الرغم من اعتراف نيفيز، الذي حظي بدعم أوساط رجال الأعمال والنخب الاقتصاديّة واليمين التقليدي وجزء من الطبقة الوسطى، بخسارته، لكنّه لا يمكن إنكار التأييد الواسع الذي حصده في صفوف البرازيليين، المتململين من حكم "العمال" ومن حالة الجمود الاقتصادي وتراجع النمو في البلاد. ولم تستطع روسيف، خلال ولايتها الرئاسيّة الأولى (2010 ــ 2014)، أن تحافظ على النمو الاقتصادي الذي ورثته عن مرشدها لولا دا سيلفا، وتجاوز نسبة 7.5 في المائة. ومنذ بداية عهدها، تباطأ الاقتصاد البرازيلي حتى دخل مرحلة الانكماش في الفصل الأول، بموازاة ارتفاع معدّلات التضخّم وخسائر مُني بها قطاع الصناعة وتراجع المالية العامة.

وساهمت الانتخابات الرئاسيّة، التي حفلت بالاتهامات والانتقادات الشخصيّة، في تعميق الهوّة بين البرازيليين، المنقسمين بين فئتين اجتماعيتين، فقراء أبدوا تأييدهم لروسيف، وميسورون وطبقة وسطى أبدوا تأييدهم للتغيير الذي تعهّد نيفيز بتحقيقه في حال فوزه. ولا يتوقف الانقسام عند حدود القواعد الشعبيّة بل يمتدّ إلى البرلمان البرازيلي، مع وجود 28 حزباً يتقاسمون مقاعده، وتستند فيه روسيف إلى أكثريّة غير مستقرّة، في وقت يواجه فريقها الحكومي، والحزبي بطبيعة الحال، اتهامات بالفساد، من شأن نتائج ظهور نتائج التحقيق فيها، أن يحدث أزمة حكم جديدة. وتدرك روسيف جيداً هذه التحديات، ما دفعها إلى التعهّد، بعد فوزها، بشنّ "حملة شديدة لمكافحة الفساد" من خلال تشديد القوانين، علماً أنّها تعهّدت أيضاً منذ أسابيع، بتغيير وزير المال غيدو مانتيغا. وتحمّل روسيف الوضع الدولي وحده، مسؤوليّة الصعوبات الاقتصاديّة الحالية في البرازيل، مدافعة عن أداء حكومتها، التي تقول إنها نجحت بتخفيض البطالة إلى أدنى مستوياتها والمتمثلة بـ4.9 في المائة.
المساهمون