لا يبدو أن ثمّة حلاً قريباً لمشكلة البدون في الكويت، في حين تزداد أوضاعهم تعقيداً يوماً بعد يوم. هؤلاء لم تعترف بهم الدولة كمواطنين كويتيين، ما يعني أنهم لا يحملون وثائق ثبوتية رسمية ويعيشون من دون أي حقوق سياسية أو اجتماعية، الأمر الذي انعكس سلباً على التحاقهم بنظام التعليم الحكومي، بالإضافة إلى الحق في التنقل والحصول على وظيفة ومسكن، ما جعلهم يعانون من التهميش والفقر.
تنصّ المادة 13 من الدستور الكويتي على أن التعليم حقّ لكلّ طفل. تضيف أن "التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع، تكفله الدولة وترعاه". مع ذلك، حرمت الحكومة الكويتية البدون من الحق في التعليم المجاني منذ عام 1991، ما أدى إلى انتشار الأمية بين أبنائها بحسب عدد من الناشطين.
ومع تفشي الأمية والجهل وزيادة الضغوط الخارجية والداخلية، اضطرت الحكومة إلى إنشاء الصندوق الخيري لتعليم البدون في عام 2003، على أن تتكفل الدولة بدفع جزء من الرسوم الدراسية لكل تلميذ، من دون تغيير موقفها لناحية قبولهم في المدارس الحكومية. في هذا الإطار، يقول عدد من الناشطين إن هذا الحل ليس فعالاً. ويشرح أحد هؤلاء المهتمين بتعليم البدون، يوسف الباشق، لـ "العربي الجديد"، أن الصندوق الخيري لتعليم البدون حلّ مؤقت لمشكلة دائمة ومتجذرة، لافتاً إلى أن إنشاء الصندوق هدف إلى إسكات منظمات حقوق الإنسان في العالم. ولا يتكفل الصندوق بجميع الرسوم الدراسية، ولا يؤمّن الرسوم للذين لا يملكون جميع الأوراق، ما يعني بقاء مئات الأطفال خارج المدارس.
تجدر الإشارة إلى أن كلفة الدراسة في المدارس الأهلية الخاصة تصل إلى نحو 1350 دولاراً أميركياً للتلميذ الواحد سنوياً، في المرحلة الابتدائية. وتقع هذه المدارس في مبان حكومية مؤجرة ومتهالكة في الغالب، ويدرس في الفصل الواحد أربعون تلميذاً في مقابل 25 في المدارس الحكومية. ولدى سؤاله عن التعليم الجامعي، يقول الباشق إن الدولة لا تتكفل لا من قريب ولا من بعيد بالتعليم الجامعي مع أنه حق للجميع، علماً بأن تكاليف الدراسة في الكويت مكلفة جداً.
من جهة أخرى، تسمح الحكومة للبدون باستخراج جواز سفر خاص للدراسة في بلد محدد، وإن كان الأمر ليس سهلاً أيضاً ولا يخلو من تعقيدات. في هذا الإطار، يقول عبد الله الشمري الذي استطاع الحصول على جواز سفر، لـ "العربي الجديد": "ابتسم لي الحظ وحصلت على أحد هذه الجوازات. استغرق الأمر سنة كاملة من الضغوط والوساطات مع مشايخ القبائل والوجهاء لأحصل على جواز مدته سنتان، يسمح لي بالدراسة في الأردن حصراً". الصيف الماضي، عاد إلى الكويت لقضاء إجازته وسط عائلته ويجدد جوازه، لكنه صدم بالرفض. يضيف: "خسرت سنتين دراسيتين في الأردن، وأُخبرت أن الحكومة توقفت عن تجديد الجوازات للبدون الذين قد يستخدمونها للسفر إلى أماكن الصراع في العراق وسورية".
وكانت معلومات قد أشارت إلى سفر العشرات إلى سورية منذ بداية الأزمة، للانضمام إلى التنظيمات الجهادية، في ظل الفقر والحرمان والتمييز الذي يعانون منه.
إلى ذلك، يعمل عدد كبير من البدون في وظائف متدنية الأجور. أما الذين لم يجدوا وظائف في القطاع الخاص، فيعملون كباعة متجولين للفواكه وغيرها أو سماسرة أو غير ذلك. وبعد إصلاحات عام 2011، سمحت الحكومة للجامعيين البدون وحملة التخصصات النادرة بالعمل في مدارس وزارة التربية، شرط امتلاك إحصاء 65 (أي إحصاء يثبت وجود العائلة في الكويت قبل عام 1965).
يعيش الجزء الأكبر من البدون في مناطق الصفيح أو "العشوائيّات" التي بنتها الحكومة لهم، وقد خصّصت منطقتَي تيماء والصليبية في الجهراء للعسكريين منهم، فيما يعيش آخرون من غير العسكريين في شقق مؤجرة أو بيوت عربية "قديمة ومتهالكة"، شهدت احتجاجات وتظاهرات واجهتها الحكومة بالعنف والاعتقالات.
وفي السياق نفسه، تبنت الحكومة 11 إصلاحاً لتحسين حياة البدون، منها الحق في العلاج المجاني، واستخدام البطاقة التموينية، والحصول على عقود الزواج والطلاق، واستخراج شهادات الميلاد للأطفال حديثي الولادة وشهادات وفاة رسمية للمتوفين ورخص لقيادة السيارات، والسماح بامتلاك سيارة واحدة لكل شخص. كذلك، وعدت الحكومة برفع القيود الأمنية وتوظيف العاطلين عن العمل، وحل المشكلة نهائياً خلال خمس سنوات. لكن بعد مرور أربع سنوات على وعود الحكومة أمام مجلس الأمة، الذي كانت تسيطر عليه المعارضة آنذاك، لا يبدو أن ثمّة بوادر حلّ.
اقرأ أيضاً: الكويت يشجّع "بدونه" على جنسيّة جزر القُمر