ما بقي من السد الذي بنته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في سبعينيات القرن الماضي في مخيم الرشيدية الواقع في مدينة صور (جنوب لبنان)، لم يعد يصلح إلا للجلوس وتأمل البحر حين يكون هادئاً. في ذلك الوقت، تم بناؤه ليحمي بيوت الناس من الأمواج العاتية. لكن فصل الشتاء لم يرحمهم، وأخيراً كانت العاصفة "زينة" التي ضربت العالم العربي.
في السياق، يسأل أيمن الصفدي من سكان مخيم الرشيدية، الذي تضرر بيته، عن دور اللجان الشعبية والأهلية. "لماذا لا يكترثون لنا، نحن الذين يبتلع البحر منازلنا كل عام؟ هل لأن بيوتهم في مأمن"؟ يتابع: "اتصلت بالعديد من قيادات الثورة الفلسطينية لأطالبهم ببناء سد. أخبرتهم أنني مستعد لجمع تواقيع أهالي المنطقة المتضررة. قالوا لي أن أراجعهم بعد أسبوعين. بعدها أخبرني أحد المسؤولين أنه طلب من الأونروا بناء السد لأنه حاجة ضرورية لحماية السكان الذين يعيشون بمحاذاة البحر". حدث ذلك قبل بدء فصل الشتاء. "لكن الأمواج دمرت بيوتنا لأنه لم يتم بناء السد".
يتابع الصفدي: "مرت أعوام كثيرة على هذه القصة. كأننا على موعد مع البحر في كل شتاء. قصدنا اللجنة الشعبية ومسؤولي المخيم مراراً وتكراراً. كل ذلك من دون جدوى. في كل عام، يحضر عمال الأونروا إلينا، ويعملون على إزالة الركام الذي تسببه أمواج البحر بعدما تدمر بيوتنا، وذلك ضمن إمكانياتهم المتواضعة".
يشير إلى أن بعض المسؤولين الحزبيين في المخيم يقومون بالتعويض على المتضررين بعض الشيء. يوزعون البطانيات وخدمات عينية بسيطة وما شابه.
يلفت إلى أن اللجنة الشعبية والمسؤولين لا يعطون أهمية لبناء السد، بينما يهتمون بالبنية التحتية باعتبار أن الأمر لصالحهم. أما بناء السد فلا يخدم مصالحهم الخاصة، علماً أن من يسكن بمحاذاة البحر هم الفقراء. يصل سعر قطعة الأرض داخل المخيم إلى 17 ألف دولار. أما تلك القريبة من البحر، فلا يتعدى ثمنها التسعة آلاف دولار. لذلك، فالمتضرر الوحيد هو الشعب الذي بالكاد يستطيع تأمين لقمة العيش.
هذه المرة، بعد دخول المياه إلى البيوت، عمد الأهالي للدخول إلى قاعة الاجتماع في مكتب الهندسة في "الأونروا" بهدف إفشال الاجتماع المخصص لمناقشة مشروع البنى التحتية لمخيم الرشيدية، مطالبين بإنشاء سد على شاطئ البحر لحماية أكثر من 135 عائلة تعاني خلال فصل الشتاء.
في السياق، قال أحد سكان المخيم المتضررين إنه وغيره لن يسمحوا بالشروع في بناء البنى التحتية، ما لم ينفذوا مطلبهم ببناء السد.