لنتذكر آخر فضيحة مرّت علينا. هل كانت حقاً فضيحة شبكة الاتجار بالبشر التي استعبدت مجموعة من الفتيات السوريات جنسياً، وقامت باضطهادهن، بما يتنافى مع كل المعايير القانونية والإنسانية؟
ربما صدمنا من خبر الشبكة والممارسات المؤذية التي تسبّب بها المجرمون بحق هؤلاء الفتيات، ومع ذلك من المهم الاعتراف أن صدمتنا هذه جاءت "محدودة" لسببين. الأول أننا نعرف بأن الفساد انزلق في هذا البلد إلى درجة غير مسبوقة، حتى لم يعد مستبعداً "تقبّل" أي فضيحة مهما كانت متطرفة. والثاني هو أن هذه الفضيحة تزامنت مع حادثة أخرى تمثّلت بمهاجمة مكتب إحدى الصحف الزميلة، اعتراضاً على كاريكاتير نشرته واعتبر مسيئاً بحق البلد.
لطالما انشغلنا بالفضائح حد الثمالة. النفايات، التي تملأ رائحتها وبعوضها بيروت في هذه الأيام، كانت قد سبقتها. وقد طالت حتى كادت تذهب بالحكومة معها. فسارعت الحكومة، بعد تأخير، إلى أسهل الحلول عندما عجزت أمام جميعها: عادت إلى الطمر. وهو الطريقة التقليدية التي نتعامل بها مع معظم مشاكلنا، لا النفايات فحسب.
يكاد يشبه فتح الملفات المرتبطة بالفضائح والفساد المزحة التي لا تمرّ على أحد. انشغلنا قبل فترة ليست بعيدة بموجة المطاعم والمحلات غير المطابقة للمواصفات الصحية. في البداية انتظر الناس المؤتمر الصحافي لوزير الصحة الذي يعلن فيه الأسماء غير المطابقة بحماس كبير. حماس صار يبهت تدريجياً مع كل إعلان للائحة جديدة، حتى لم يعد الناس يهتمون بالموضوع أبداً، سواء أكلت من مطعم مطابق أو غير مطابق للمواصفات الصحية. سخر الناس من هذا الحال وقالوا إن مناعتهم قويّة ضد الأمراض.
قانون السير الجديد الذي وعدونا أنه سيتم التشدّد فيه نسيه الناس، هو الآخر. عند صدوره تسارع المواطنون نحو المحلات لشراء عدّة فرضها القانون الجديد ومن بينها مطفأة الحريق وأشياء أخرى. عاد الجميع لوضع حزام الأمان. حتى سائق الأجرة صار يطلب من الركاب وضع الحزام (وهو أمر لم يكن يحدث في السابق) خوفاً من الغرامة المرتفعة، التي حتى الساعة، لا نعرف إن كان سائق الأجرة يدفعها أو الراكب. عاد الناس إلى الالتزام بقانون السير بقدر ما يعرفون عنه. لكن مع مرور بعض الوقت، تراجع التطبيق إلى حيث كنا في المرة الأولى. وما زال الموت بحوادث السير مستمراً.
ترى هل من يتذكّر قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة وغرامته المرتفعة؟ الغرامة التي جعلت من يمد يده إلى علبة الدخان كأنما يرتكب جنحة؟
ليس المهم إصدار القوانين وتطبيقها مرحلياً، ولا القبض على عصابة ومن ثم إخلاء سبيل مجرميها بعد فترة. فالقانون ليس ضجّة إعلامية. القانون فعل متابعة.
اقــرأ أيضاً
ربما صدمنا من خبر الشبكة والممارسات المؤذية التي تسبّب بها المجرمون بحق هؤلاء الفتيات، ومع ذلك من المهم الاعتراف أن صدمتنا هذه جاءت "محدودة" لسببين. الأول أننا نعرف بأن الفساد انزلق في هذا البلد إلى درجة غير مسبوقة، حتى لم يعد مستبعداً "تقبّل" أي فضيحة مهما كانت متطرفة. والثاني هو أن هذه الفضيحة تزامنت مع حادثة أخرى تمثّلت بمهاجمة مكتب إحدى الصحف الزميلة، اعتراضاً على كاريكاتير نشرته واعتبر مسيئاً بحق البلد.
لطالما انشغلنا بالفضائح حد الثمالة. النفايات، التي تملأ رائحتها وبعوضها بيروت في هذه الأيام، كانت قد سبقتها. وقد طالت حتى كادت تذهب بالحكومة معها. فسارعت الحكومة، بعد تأخير، إلى أسهل الحلول عندما عجزت أمام جميعها: عادت إلى الطمر. وهو الطريقة التقليدية التي نتعامل بها مع معظم مشاكلنا، لا النفايات فحسب.
يكاد يشبه فتح الملفات المرتبطة بالفضائح والفساد المزحة التي لا تمرّ على أحد. انشغلنا قبل فترة ليست بعيدة بموجة المطاعم والمحلات غير المطابقة للمواصفات الصحية. في البداية انتظر الناس المؤتمر الصحافي لوزير الصحة الذي يعلن فيه الأسماء غير المطابقة بحماس كبير. حماس صار يبهت تدريجياً مع كل إعلان للائحة جديدة، حتى لم يعد الناس يهتمون بالموضوع أبداً، سواء أكلت من مطعم مطابق أو غير مطابق للمواصفات الصحية. سخر الناس من هذا الحال وقالوا إن مناعتهم قويّة ضد الأمراض.
قانون السير الجديد الذي وعدونا أنه سيتم التشدّد فيه نسيه الناس، هو الآخر. عند صدوره تسارع المواطنون نحو المحلات لشراء عدّة فرضها القانون الجديد ومن بينها مطفأة الحريق وأشياء أخرى. عاد الجميع لوضع حزام الأمان. حتى سائق الأجرة صار يطلب من الركاب وضع الحزام (وهو أمر لم يكن يحدث في السابق) خوفاً من الغرامة المرتفعة، التي حتى الساعة، لا نعرف إن كان سائق الأجرة يدفعها أو الراكب. عاد الناس إلى الالتزام بقانون السير بقدر ما يعرفون عنه. لكن مع مرور بعض الوقت، تراجع التطبيق إلى حيث كنا في المرة الأولى. وما زال الموت بحوادث السير مستمراً.
ترى هل من يتذكّر قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة وغرامته المرتفعة؟ الغرامة التي جعلت من يمد يده إلى علبة الدخان كأنما يرتكب جنحة؟
ليس المهم إصدار القوانين وتطبيقها مرحلياً، ولا القبض على عصابة ومن ثم إخلاء سبيل مجرميها بعد فترة. فالقانون ليس ضجّة إعلامية. القانون فعل متابعة.