البحث عن الكائن الثالث!
يغيظني أن الإنسان محكوم بتاريخه البيئي وصدفته الجينية حتى لو كان محكوماً أيضاً بنزقه العظيم. أسأل نفسي عن البشري في الحياة؟ ما الذي يفعله بإرادته الكاملة للعالم ولنفسه؟!، أعلم أن الوعي المتنامي لدى الإنسان الموهوب يحسم صراعاته عبر الخوض فيها، وليس عبر حسمها.
ولكن لماذا على الإنسان أن يمتلك الإدراك الطويل القادر دائماً على المواجهة والنفاذ؟ هذا تساؤل عدمي، جدلي، شكاك. بالفعل نحن أُناس يهفون إلى بلوغ أقصى أشكال الحلم، أي كائن يختفي في لحظة، أي حضارة ستختفي يوماً ما، لكن يجب أن تكون ثمة حضارة كي يكون لاختفائها معنى.
يسأل سائل، أي معنى سيكون لحضارة مختفية؟ إنني أشك في أشياء عديدة في منظومة الكوكب، لكنني أدرك أن محاولة اللولوج إلى أعمق نزقات الكائن وسعيه الصادم المضني شيء غاية في الأهمية.
في 2015 أفاد عاملون في وكالة ناسا الأميركية بأن لديهم أدلة قاطعة على أن مجرة درب التبانة مليئة بالكائنات الفضائية، وأنه سيتم اكتشاف تلك المخلوقات قرابة عام 2025، حسب تقديرات الوكالة.
كذلك كشفت دراسة بريطانية لشركة برايس ووتر هاوس كوبرس أن أجهزة الإنسان الآلي (الروبوت)، ستستحوذ على ثلث الوظائف في إنكلترا بداية العقد الرابع من القرن الحالي، مقارنة بنسبة 38 في المائة من الوظائف في الولايات المتحدة و25 في المائة في ألمانيا و21 في المائة في اليابان، وأضافت الدراسة أن هذا الأمر سيؤثر في طبيعة العمل من دون أن يكون له تأثير على فرص العمل بحد ذاتها.
أفكر كيف سيكون الإنسان بعد 50 ألف عام، كيف ستغدو ظروفه وطبيعته؟! وهذا لا يمنعني في حقيقة الأمر من أن أشعر بالارتياح لإنجازات الإنسان العلمية وهو يحاول إيجاد الصيغة الأجمل لتحقيق ذاته وإنجاز انفلاته النوعي، الإنسان "التحتاني" الذي يغزو الأرض يبحث على الدوام وفي نفسه عن الخيط الذي يربطه بالتحول الفضائي الذي يغزو السماء والكواكب، بينما تسبح المجتمعات المتحضرة في بلاهة الجغرافيا السياسية وأفقها المديد.
بالنسبة إلي لا أجد ما سبق بوصفه تساؤلاً هلامياً ما ورائياً لا يفيد الإنسان العصري الحديث، فالإنسان الحالي بتجلياته الفنية والسياسية الثورية لا ينفك يبحث عن أنقى ما كان يفكر فيه الإنسان الذي قبله.