البحث عن العروس الموظّفة في غزّة

24 مارس 2016
الموظّفات في المؤسسات الدولية هن الأوفر حظاً(إيمان عبد الكريم)
+ الخط -
لا يبحثُ الشباب في قطاع غزة عن شريكة حياة يحبونها فحسب. فالواقع الاقتصادي الصعب يجعلهم يفكّرون بطريقة مختلفة تماماً. يقول محمد الشاعر (24 عاماً) إن المرأة التي سيتزوّجها يجب أن تكون عاملة أو موظّفة في أي مؤسسة. "لن أستطيع وحدي تحمّل مصاريف الحياة وتأسيس أسرة وبيت مستقر". يضيف: "ليس سهلاً التفكير في الزواج في الوضع الذي يمر فيه القطاع حالياً. وإذا ما تمكنّ الشباب من ذلك، فإنهم يسعون للارتباط بفتاة تكون قادرة على المساعدة في تحمّل الأعباء المالية".

يرى الشاعر أن عملية البحث هذه مرهقة نظراً لصعوبة إيجاد المواصفات التي يريدها لشريكة حياته. يضيف: "حتى إن وجدت امرأة موظّفة، فيكون مهرها عالياً، وهذا عبء جديد"، لافتاً إلى أن هناك معوقات أخرى تتعلق بمتطلبات أهل الفتاة، على غرار اشتراطهم تأمين منزل مستقل لها بعيداً عن منزل العائلة".

ومع استمرار البحث عن فتاة الأحلام الموظّفة، تزداد المعوّقات، في وقت يحار الشباب بسبب تعقيدات المجتمع الغزيّ، وخصوصاً أن الاختيار بات يرتبط بـ "راتب" الزوجة. وهناك معايير أخرى لدى آخرين، إذ يبحث البعض عن فتاة مثقفة. يقول أحمد حسين (27 عاماً) إن "الفتاة التي أحلم بها ليست صندوق ودائع"، مضيفاً: "لن أتزوج من أجل الحصول على راتب زوجتي على الرغم من أهميته. أحتاج إلى فتاة أحبها وتُحبني وتكون قادرة على تقبل أفكاري ومشاركتي في بناء مستقبل وتحقيق أحلامنا. أنا شاب طموح وأحتاج إلى فتاة طموحة مثلي".

في المقابل، لدى الفتيات معاناتهن أيضاً. تقول نسمة علي (26 عاماً) وهي من مخيّم الشاطئ، لـ "العربي الجديد"، إن "إحدى الخاطبات اللواتي كن يترددن على منزلنا لم تنتظر حتى الانتهاء من فنجان قهوتها، وسألتني عن تخصصي الجامعي، وإذا كنت قد حصلت على عمل بعد التخرج. بعدها، اعتذرت من والدتي وأخبرتها أنني جميلة ومؤدبة إلا أن ابنها لا يريد الزواج إلا من موظفة". سألتُها: "وماذا يعمل ابنك؟ كانت الصدمة حين علمت أنه يعمل حداداً في إحدى الورش وقد ترك المدرسة حين كان في المرحلة الاعدادية، في وقت أستعد لمتابعة الدراسات العليا".

تتابع نسمة أن الشهادة الجامعية ومستوى التعليم لم يَعُد مهماً بالنسبة للشباب أو الأهل، وكل ما يهمهم هو ما تجنيه الفتاه في نهاية كل شهر. وترى أن الفتيات في قطاع غزة ّتحوّلن إلى مشروع تجاري، ما انعكس عليهن سلباً، ودفع بالأهل إلى فرض عدد من الشروط على العريس قبل القبول به.

إلى ذلك، فإن بعض الشباب المحظوظين الذين استطاعوا تحقيق أحلامهم بالزواج من موظفة، يصفون حياتهم وكأنها "عسل أسود"، نظراً لما يعانوه في حياتهم الزوجية. يقول وسام سميح (32 عاماً)، وهو مهندس كومبيتر، ومتزوج من موظفة، إنه كان قد أحب زوجته منذ نحو خمس سنوات، وقد "عانيتُ كثيراً كي أستطيع الزواج بها". يضيف: "بعدما تخرجت من الجامعة، لم أجد عملاً مناسباً بسهولة. وبعد معاناة، حظيت بوظيفة. وحين تقدمت للزواج بها، رُفضت لأن راتب زوجتي أعلى من راتبي".

ويلفت سميح إلى أن الموظفات في المؤسسات الدولية يحظين باهتمام الشباب أكثر من غيرهن. أما الموظّفة الحكومية، فتحتل المرتبة الأخيرة، وقد أدى الأمر إلى خلق مشاكل بين العائلات والمتزوجين أنفسهم. ويقول إن أصدقائه يحسدونه لأن زوجته تعمل في مؤسسة دولية. وللسبب عينه، رفضه أهلها مرات عدة، إلا أنهم وافقوا أخيراً.

وفي ظل صعوبة تحقيق الأحلام في قطاع غزة، وإدراك عدد من الشباب مدى صعوبة الارتباط بموظفة، قرر فؤاد عبيد الحد من أحلامه. في الوقت الحالي، لا يبحثُ عن موظّفة بل فتاة جميلة يُحبّها، وتكون قد أكملت تعليمها وحصلت على شهادة. برأيه، من الجيد أن تحصل على وظيفة في المستقبل. يقول إنه ليس لديه مشكلة في أن تعمل زوجته وتساهم في مصاريف البيت. يضيف أنه يحبها ويتمنى لها النجاح في حياتها العلمية والمهنية. "سأكون داعماً رئيسياً لها في كل خطوة في حياتها. لكنني لا أبحث عن موظفة جاهزة".

ولأنّه يدرك صعوبة الوضع الاقتصادي وما يعانيه الشباب من أجل توفير لقمة العيش، يؤكد عبيد أن "الحب لا يصنع كل شيء، ولن يمدني باحتياجاتي الشهرية. وإذا كانت زوجتي قادرة على المساعدة، فهي الأحق والأقرب إلى القلب". هكذا، صار الزواج من موظفة بمثابة حلم، علّها تعين الشاب على تحمّل تكاليف الحياة الصعبة في غزة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.

اقرأ أيضاً: الزواج عبر جمعيات تجاريّة
المساهمون