وفي حين دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم القوات العراقية إلى الحفاظ على قوات البشمركة في كركوك وعدم التصادم معها، أكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، اليوم أنه، لن يخوض حرباً داخلية.
وقال البارزاني في كلمة له، مساء اليوم الثلاثاء، إنّ "ما حدث في كركوك كان نتيجة لقرار انفرادي اتخذه بعض الأفراد التابعين لجهة سياسية داخلية في كردستان، وانتهت نتيجة هذا القرار بانسحاب البشمركة بهذا الشكل والطريقة التي رآها الجميع"، مضيفاً أنه "نتيجة لهذا الانسحاب تحول خط التماس الذي تم الاتفاق عليه قبل تحرير الموصل في إقليم كردستان".
وأضاف: "نطمئن شعب كردستان ونؤكد لهم أننا سنبذل كل جهدنا وسنفعل كل ما هو ضروري من أجل الحفاظ على مكتسباتنا وحماية الأمن والاستقرار لشعب كردستان"، مؤكداً على "الحفاظ على وحدة الصف وصمود شعب كردستان والقوى السياسية".
وطالب البارزاني المؤسسات الإعلامية المحلية بأن "تتصرف وبشكل عام من منطلق الشعور بالمسؤولية القومية والوطنية في التعامل مع الوضع الحساس لإقليم كردستان والعراق".
وتابع: "يا شعب كردستان العظيم، يا أيتها الجماهير المخلصة، يا متطوعي البشمركة الأبطال، بشمركتنا الشجعان، يا ذوي شهدائنا الأبرار، ضحى أولادكم بدمائهم في سبيل حرية كردستان، واليوم أيضاً نضحي بدمائنا ودماء أبنائنا في هذا السبيل، وإن الصوت الصارخ والمدوي الذي أطلقتموه لاستقلال كردستان وأوصلتموه لشعوب العالم ودولها، لن يهدر في يوم من الأيام ولن نضحي به".
وأكد أنّ "شعب كردستان سيصل إلى مبتغاه وإرادته، ومطالبه المباركة بهمة وشجاعة عاجلاً أم آجلاً، وعلينا اليوم أن نؤكد على ثقتنا بقوة شعبنا ووحدة صفه، اليوم هو يوم الثقة بوحدة الصف".
من جهته، دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، في كلمة له، أهالي كركوك، الى "احترام سلطة القانون وممارسة أعمالهم وحياتهم الطبيعية"، داعياً القوات العراقية إلى "الحفاظ على قوات البشمركة في كركوك وعدم التصادم معها، وتوفير عودة سريعة لمواطني كركوك الأكراد وغير الأكراد الى العودة للمدينة"، وطالباً من أهالي كركوك "احترام سلطة القانون".
وأضاف معصوم أنّ "استمرار الإشراف الأمني للبشمركة على كركوك لم يكن يتعارض مع الدستور باعتبارها جزءاً من المنظومة الدفاعية العراقية ومكلفة بدعم القوات العراقية للدفاع عن سيادة وأمن البلاد، لكن إجراء الاستفتاء على الاستقلال أثار خلافات خطيرة بين بغداد وأربيل والقوى الكردستانية ذاتها، وقد أفضت إلى عودة القوات الاتحادية للسيطرة على كركوك دون أن يعني ذلك تغييراً في الطبيعة الدستورية والوظيفية للبشمركة ومهامها، باعتبارها جزءاً من المنظومة الدفاعية العراقية".
ودعا إلى "مضاعفة الجهود لعودة أطراف الخلاف إلى حوار عاجل لحل ما ترتب على هذه التطورات على أساس التمسك بالدستور والقانون"، محذراً من "خطورة ترك الخلافات تتفاقم إلى نزاعات أشد تضر بالجميع دون استثناء".
وأكد معصوم على "ضرورة إصدار التشريعات اللازمة لتعزيز النظام الديموقراطي الاتحادي، ولضمان نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة، والالتزام بمبادئ الحوار الديموقراطي وفقاً لمصالح العراق دون غيرها من مصالح أخرى".
وجاءت كلمة البارزاني عقب أحداث كركوك، والتي استطاعت القوات العراقية، يوم أمس، السيطرة عليها بشكل كامل بعد انسحاب قوات البشمركة منها، بينما اتهم حزب البارزاني حزب الطالباني بالخيانة والتآمر لتسليم المحافظة.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اليوم، أن بلاده لن تخوض حرباً داخلية، مؤكداً أن العلم العراقي لجميع العراقيين ويجب أن يرفع في كل أنحاء البلاد.
وأوضح العبادي أن أي اعتداء على المواطنين الأكراد في كركوك يعتبر اعتداءً على الحكومة العراقية، محذراً خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد من القيام بـ"أعمال تخريبية" في المدينة.
ولفت إلى أن مواطنين أكراداً اتصلوا بالحكومة العراقية وطلبوا تخليصهم من "الدكتاتورية"، نافياً الحديث عن تقسيم كردستان العراق إلى ثلاثة أقاليم.
وأضاف: "أبلغت القادة الأكراد أن الاستفتاء سيضر بمصالح مواطنيهم أولاً"، متابعاً إن "الاستفتاء أصبح من الماضي، وسنرسم حدودنا بالسلم لا بالدم"، في رد على تصريح سابق لرئيس إقليم كردستان قال فيه "سنرسم حدودنا بالدم".
وأشار إلى أن القوات العراقية ستحرر جميع الأراضي الخارجة على سيطرتها، لافتاً إلى قرب استعادة السيطرة على الحدود مع سورية.
إلى ذلك، دعت وزارة البشمركة الكردية إلى إعادة تنظيم خطوط التماس مع الجيش العراقي وفقاً لاتفاقية عقدت قبل انطلاق معركة تحرير الموصل في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016، موضحة في بيان أن الاتفاقية عقدت في حينها بتوقيع إقليم كردستان والحكومة العراقية بإشراف ومراقبة من التحالف الدولي، وأشار البيان إلى أن الجانبين سيلتزمان بتلك الاتفاقية.
من جهته، وجه عضو البرلمان العراقي عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ريبوار طه، اليوم، نداءً إلى رئيس الوزراء، حيدر العبادي، ووزير الداخلية قاسم الأعرجي والنائب هادي العامري والجهات الأمنية لـ"وضع حد لبعض الأشخاص الذين دخلوا منازل المواطنين كي لا تحصل فتنة قد تتسبب بخلق فجوة في التعايش السلمي بكركوك".
وفي السياق، أكد القيادي في مليشيا "الحشد الشعبي" النائب هادي العامري إكمال الصفحة الثانية من عمليات فرض الأمن في كركوك، مؤكداً في حديث لعدد من وسائل الإعلام في كركوك أن قرار قوات البشمركة الكردية كان "حكيماً" حينما قررت عدم التصادم مع القوات العراقية.
وأضاف: "اليوم الجيش والشرطة الاتحادية والردع السريع ومكافحة الإرهاب مع الحشد الشعبي أكملوا الصفحة الثانية بالسيطرة على حقول النفط شمال كركوك وهي حقول خباز وباي حسن الجنوبي وباي حسن الشمالي وحقول الدبس"، موضحاً أن العملية كانت "نظيفة جداً ولم تشهد أي تعرض للمدنيين".