البائع المصري المتجول: 6.5 دولارات مقابل 12 ساعة عمل

05 مارس 2015
معاناة الباعة الجائلين في مصر لا تنتهي(أرشيف/فرانس بر س)
+ الخط -


يفرش الشاب الثلاثيني، عمرو محمد، على رصيف محطة مترو "كلية الزراعة" بالقليوبية (شمال القاهرة)، مجموعة من ألعاب الأطفال، منادياً بأعلى صوته في المارة "لعبة الأطفال بـ 3 جنيه (44 سنتا).

 والأربعة بعشرة"، آملاً في أن يعود إلى بيته بعد اثنتي عشرة ساعة من العمل المتواصل، وقد

جمع ربحه اليومي البالغ في المتوسط خمسين جنيهاً (6.5 دولارات).

ويسرد محمد، معاناته اليومية، منذ تخرجه في كلية التجارة جامعة القاهرة، ورغبته في تلبية رغبة والدته العجوز أن يصبح محاسباً في أحد المصارف، ليعوضها عن ضنك الحياة الذي تحمله طيلة عمرها على أمل أن يعوضها ابنها الجامعي، إلى أن زج به ضيق الحال وقلة الوظائف إلى الشارع، ليأخذ مكانه بين أكثر من ستة ملايين بائع متجول في مصر.
 
يقول محمد لـ "العربي الجديد"، إنه التقى "محمد.ع"، بلطجي يُشرف على محطة مترو "كلية الزراعة"، إذ لا قانون ينظم عمل العمالة الجائلة أو العمل في المحطات والمرافق العامة في مصر. واتفق محمد مع هذا البلطجي على استئجار منطقة برصيف المترو، ليبيع فيها بضاعته، مقابل مائة جنيه شهرياً (13 دولاراً).

وبدأ في بيع الأدوات المنزلية، ثم تحول إلى الاتجار في لعب الأطفال لأنها تدر ربحا أكبر من وجهة نظره. إذ يصل سعر بيعها النهائي إلى 50% من سعر الشراء.

وأضاف محمد أنه بدأ مشروعه باقتراض 400 جنيه (52.4 دولاراً)، اشترى بها جزءاً من البضاعة والباقي بالأجل من أحد تجار الجملة، وتمكن من بيعها خلال يومين. وبالتدرج استطاع محمد، أن يستكمل مبلغا يؤهله لشراء بضائعه نقدا، ليوفر هامش الربح الذي كان يأخذه تاجر الجملة منه نظير البيع بالأجل.

ويقول محمد: "أعمل لأكثر من 12 ساعة يوميا. يمر اليوم بين مشاجرات المواطنين في المحطة بسبب الزحام، ومطاردة الشرطة والبلدية لي وزملائي من الباعة الجائلين في المحطة".

وتطارد الشرطة الباعة الجائلين الذين ينشطون في أكثر من 1200 سوق عشوائي ضخم بمصر، فضلا عمن يتمركزون في المرافق العامة كمحطات المترو والقطار والميادين العامة والشوارع الرئيسية.

ويشير محمد إلى أن ربحه قد يزيد في حالة زادت عدد ساعات عمله عن 12 ساعة، بإضافة ساعتين على هذا المعدل اليومي قد تصل بأرباحه إلى 70 جنيهاً في اليوم، لكن العمل لمدة 14 ساعة يومياً مرهق بالنسبة لمحمد ومن الصعب أن يفعله كل يوم.

ويلتقط محمد أنفاسه عقب صراع طويل مع سيدة خمسينية، استطاعت أن تحصل على 8 "لعب أطفال"، بسعر 20 جنيهاً، ويقول إن السيدات أكثر مجادلة، ودائما غير راضيات عن السعر ويأخذن في التفاوض، ويحصلن على ما يردن في النهاية، مشيرًا إلى أنه يتنازل عن عدة جنيهات مقابل بيع مجموعة من الألعاب مرة واحدة.

وأشار محمد إلى أنه يواجه متاعب لا حدود لها، تبدأ بمطاردة البلدية والشرطة له كأنه لص، ومصادرة البضاعة، وحبسه عدة أيام بتهمة إشغال الطريق، في بعض الأحيان، إلى ابتزاز أمناء الشرطة، وحصولهم على مبالغ مالية، مقابل تركه وزملائه يعملون، مؤكداً أنه يشعر بعدم بالأمان في ظل تهديدات الشرطة المستمرة، إضافة إلى مزاحمة "الباعة صينيي الجنسية"، الذين يتواجدون بكثرة في القاهرة، ويقاسمونهم في لقمة العيش.

وأوضح محمد أن السنوات الأربع الماضية التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، شهدت تزايداً في عدد الباعة بمحطات المترو، مما جعلهم مستهدفين من قبل الشرطة.

وعقب تولي عبد الفتاح السيسي، رئاسة الجمهورية، عادت الشرطة إلى استفزازاتها التي ثار المصريون ضدها، حيث يقومون بالاعتداء على الباعة الجائلين، والاستحواذ على بضائعهم في

كثير من الأحيان.

ويرفض البائع المصري قرار نقل الباعة الجائلين إلى مناطق تحددها الحكومة لأنها في الغالب تكون أماكن غير حيوية وبعيدة عن المرافق العامة علي حد قوله.

وحول دخله اليومي يقول إن دخله يرتفع في الأعياد والمواسم، إلى أكثر من ثلاثمائة جنيه في اليوم، خاصة وأن الأطفال يتوافدون مع ذويهم إلى مترو الأنفاق الذي يزيد الإقبال عليه مع الزحام المروي الذي يخنق الشوارع.

وأخيراً اعترف محمد أن الألعاب التي يبيعها تُصنع من خامات رديئة في الصين، ويقبل عليها المواطنون لرخص ثمنها في ظل غلاء الأسعار المستمر، خاصة في المحال التجارية التي ترتفع الأسعار فيها بشكل كبير جداً، روغم ذلك يقبل الأهالي وذويهم علي هذه الألعاب لأنها تُدخل البهجة والفرح على قلوب الأطفال.


اقرأ أيضاً: مصر تطارد الباعة الجائلين.. الثورة المضادة تأكل أبناءها

دلالات
المساهمون